( القسم الثاني ) من قسمي الصلح في المال ،
الصلح ( على إنكار بأن يدعي ) شخص على آخر ( عينا أو دينا فينكر ) المدعى عليه ( أو يسكت وهو ) أي المدعى عليه ( يجهله ) أي المدعى به ( ثم يصالحه على نقد أو نسيئة ) ; لأن المدعي ملجأ إلى التأخير بتأخير خصمه ( فيصح ) الصلح للخير . لا يقال : هذا يحل حراما ; لأنه لم يكن له أخذ شيء من مال المدعى عليه فحل بالصلح ; لأن هذا يوجد في الصلح بمعنى البيع ، فإنه يحل لكل منهما ما كان محرما عليه قبله وكذا الصلح بمعنى الهبة أو الإبراء ، بل معنى يحل حراما ما يتوصل به إلى تناول المحرم مع بقاء تحريمه ، كاسترقاق حر ، أو إحلال بضع محرم ، أو الصلح بخمر ونحوه ( ويكون ) الصلح على إنكار ( إبراء حقه ) أي المدعى عليه ; لأنه بذل العوض لدفع الخصومة عن نفسه لا في مقابلة حق ثبت عليه ف ( لا شفعة فيه ) أي المصالح عنه إن كان شقصا من عقار .
( ولا يستحق ) مدعى عليه ( لعيب ) وجده في مصالح عنه ( شيئا ) ; لأنه لم يبذل العوض في مقابلته لاعتقاده أنه ملكه قبل الصلح فلا معاوضة .
( و ) يكون الصلح ( بيعا في حق مدع فله رده ) أي المصالح به عما ادعاه ( بعيب ) يجده فيه ; لأنه أخذه على أنه عوض ما ادعاه ( وفسخ الصلح ) إن وقع على عينه وإلا طالب ببدله ( ويثبت في ) شقص ( مشفوع ) صولح به ( الشفعة ) ; لأنه أخذه عوضا عما ادعاه كما لو اشتراه به ( إلا إذا صالح ) المدعي مدعى عليه ( ببعض عين مدعى بها ) .
كمن
ادعى نصف دار بيد آخر فأنكره وصالحه على ربعها [ ص: 144 ] ( فهو ) أي المدعي ( فيه ) أي الصلح المذكور ( كالمنكر ) المدعى عليه ، فلا يؤخذ معه بشفعة ولا يستحق لعيب شيئا ; لأنه يعتقد أنه أخذ بعض عين ماله مسترجعا له ممن هو عنده ( ومن
علم بكذب نفسه ) من مدع ومدعى عليه ( فالصلح باطل في حقه ) أما المدعي ; فلأن الصلح مبني على دعواه الباطلة ، وأما المدعى عليه ; فلأنه مبني على جحده حق المدعي ليأكل ما ينتقصه بالباطل ( وما أخذ ) مدع عالم كذب نفسه مما صولح به أو مدعى عليه مما انتقصه من الحق بجحده ( فهو حرام ) ; لأنه أكل مال الغير بالباطل ، ولا يشهد له إن علم ظلمه نصا وإن صالح المنكر بشيء ثم أقام مدع بينة أن المنكر قبل الصلح بالملك لم تسمع ولو شهدت بأصل الملك ولم ينقص الصلح