وترجم له في المحرر بباب حساب الوصايا .
وفي الفروع بباب عمل الوصايا والغرض منه معرفة طريق استخراج أنصباء الموصى لهم وتعيين قدر نصيب كل واحد منهم ونسبته من التركة " والأنصباء " جمع نصيب وهو الحظ كأصدقاء جمع صديق و " الأجزاء " جمع جزء بضم الجيم وفتحها وهو البعض . ومسائل هذا الباب ثلاثة أقسام : قسم في الوصية بالأنصباء وقسم في الوصية بالأجزاء . وقسم في الجمع بينهما . وقد ذكرها مرتبة كذلك ونبه على الأول بقوله ( من
وصى له بمثل نصيب وارث معين ) بالتسمية كقوله ابني فلان أو الإشارة كبنته هذه أو بذكر نسبته منه ، كقوله ابن من بني أو بنت من بناتي ونحوه ( فله ) أي الموصى له ( مثله ) أي مثل نصيب ذلك الوارث بلا زيادة ولا نقصان ولو كان الوارث مبعضا فله مثل ما يرثه بجزئه الحر
[ ص: 483 ] ( مضموما إلى المسألة ) أي مسألة الورثة لو لم تكن وصية . وإن وصى بمثل نصيب من لا يرث لمانع أو حجب فلا شيء لموصى له ، لأنه لا نصيب له فمثله لا شيء له ( فمن وصى بمثل نصيب ابنه وله ابنان ) وارثان ( ف ) لموصى له بذلك ( ثلث ) جميع المال . لأنه جعل وارثه أصلا وقاعدة وحمل عليه نصيب الموصى له وجعله مثلا له ، وذلك يقتضي أن لا يزاد أحدهما على صاحبه ( و ) لو كان لموص بمثل نصيب ابنه ( ثلاثة ) بنين ( ف ) لموصى له ( ربع ) فتصير المسألة من أربعة ( فإن كان معهم ) أي البنين الثلاثة ( بنت ) للموصي ( ف ) لموصى له ( تسعان ) لأن مسألة الورثة من سبعة لكل ابن سهمان وللبنت سهم فيزاد عليها سهمان للموصى له فتصير تسعة لكل ابن تسعان وللبنت تسع وللموصى له تسعان .
( و ) إن وصى ( بنصيب ابنه ) ولم يقل " مثل " صحت الوصية أيضا كما لو أتى بلفظ " مثل " فيكون على حد " {
واسأل القرية } " ( ف ) للموصى ( له ) بنصيب الابن ( مثل نصيبه ) لأنه أمكن تقدير حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه ( و ) إن وصى ( بمثل نصيب ولده وله ابن وبنت فله ) أي الموصى له ( نصيب البنت ) لأنه المتيقن . فإن لم يكن له إلا بنت ووصى بمثل نصيبها فله نصف ولها نصف عند القائل بالرد . وإن خلف بنتين ووصى بمثل نصيب إحداهما فله ثلث ولهما ثلثان . كذلك وإن خلف جدة أو أخا لأم ووصى بمثل نصيبه فقياس قولنا : المال بينهما نصفين .
( و ) إن وصى ( بضعف نصيب ابنه ف ) لموصى ( له مثلاه ) أي الابن ، لقوله تعالى : {
إذن لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات } وقوله تعالى : {
فأولئك لهم جزاء الضعف بما عملوا } وقوله تعالى : {
وما آتيتم من زكاة تريدون وجه الله فأولئك هم المضعفون } .
قال
الأزهري : الضعف المثل فما فوقه . ولا ينافيه إطلاق الضعفين على المثلين ، لما روى
nindex.php?page=showalam&ids=12590ابن الأنباري عن
هشام بن معاوية النحوي قال :
العرب تتكلم بالضعف مثنى فتقول : إن أعطيتني درهما فلك ضعفاه ، أي مثلاه وإفراده لا بأس به إلا أن التثنية أحسن ( و ) إن وصى ( بضعفيه ) أي نصيب ابنه ( ف ) لموصى له بذلك ( ثلاثة أمثاله و ) من وصى ( بثلاثة أضعافه ف ) لموصى له بذلك ( أربعة أمثاله وهلم جرا ) كلما زاد ضعفا فزد مثلا ، لأن التضعيف ضم الشيء إلى مثله مرة بعد أخرى .
قال
أبو عبيدة :
معمر بن المثنى ضعف الشيء هو ومثله ، وضعفاه هو ومثلاه وثلاثة أضعافه أربعة أمثاله . ولولا أن ضعفي
[ ص: 484 ] الشيء ثلاثة أمثاله لم يكن فرق بين الوصية بضعف الشيء وبضعفيه والفرق بينهما مراد ومقصود عرفا وإرادة المثلين في قوله تعالى : {
يضاعف لها العذاب ضعفين } إنما فهمت من لفظ " يضاعف " لأن التضعيف ضم الشيء إلى مثله فكل واحد من المثلين المنضمين ضعف كما قيل لكل واحد من الزوجين زوج والزوج هو الواحد المنضم إلى مثله .
( و ) إن وصى ( بمثل نصيب أحد ورثته ولم يسمه ) كما لو قال بمثل نصيب أحد ورثتي ( فله ) أي الموصى له بذلك ( مثل ما لأقلهم ) أي الورثة نصيبا لأنه جعله كواحد منهم وليس جعله كأكثرهم نصيبا أولى من جعله كأقلهم نصيبا فجعل كأقلهم لأنه اليقين فإن صرح بذلك فقال بمثل نصيب أقلهم فهو تأكيد ( ف ) لو كان الموصى له بذلك ( مع ابن وأربع زوجات ) فمسألة الورثة ( تصح من اثنين وثلاثين ) من ضرب أربعة عدد الزوجات في ثمانية أصل المسألة لمباينة سهم الزوجات لعددهن ( لكل زوجة ) من ذلك ( سهم ) وللابن ثمانية وعشرون ( وللموصى ) له ( سهم زاد ) على الاثنين والثلاثين ( فتصير ) المسألة ( من ثلاثة وثلاثين ) فإن كانت الوصية بمثل نصيب أكثرهم فله ذلك مضافا إلى المسألة فيزاد له في هذه عليها ثمانية وعشرون فتصير من ستين مع الإجازة . وأما مع الرد فله الثلث والباقي للورثة . وتصح من ثمانية وأربعين . للوصية ستة عشر وللورثة اثنان وثلاثون .
( و ) إن وصى ( بمثل نصيب وارث لو كان ) موجودا ( فله ) أي الموصى له بذلك ( مثل ماله لو كانت الوصية وهو ) أي الوارث المقدر ( موجود ) بأن ينظر ما يكون للموصى له مع وجود ذلك الوارث لو كان موجودا فيعطى له مع عدمه بأن تصحح مسألة وجوده ومسألة عدمه وتحصل أقل عدد ينقسم عليهما ثم تقسمه على مسألة وجوده فما خرج أضفه إلى الحاصل فهو للموصى له والباقي للورثة ( فلو كانوا ) أي الورثة ( أربعة بنين ) ووصى بمثل نصيب ابن وارث لو كان . فمسألة عدمه من أربعة ومسألة وجوده من خمسة . وهما متباينان فاضرب أربعة في خمسة تبلغ عشرين اقسمها على مسألة وجوده يخرج أربعة أضفها إلى العشرين تصر أربعة وعشرين ( فللموصى له ) منها أربعة وهي ( سدس ) ولكل ابن خمسة ( ولو كانوا ) أي البنين ( ثلاثة ) ووصى بمثل نصيب رابع لو كان . فمسألة عدمه من ثلاثة ووجوده من أربعة وحاصل ضربهما اثنا عشر والخارج بقسمتها على أربعة ثلاثة فزدها على الاثني عشر فتكن خمسة عشر ومنها تصح
[ ص: 485 ] ( ف ) للموصى له منها ( خمس ) وهو ثلاثة ولكل ابن أربعة . وإن كانوا ابنين فللموصى له ربع وتصح من ثمانية ( ولو كانوا ) أي أبناء الموصي ( أربعة فأوصى بمثل نصيب أحدهم إلا مثل نصيب ابن خامس لو كان . فقد وصى له بالخمس إلا السدس بعد الوصية ) فاضرب مخرج أحدهما في مخرج الآخر يحصل ثلاثون خمسها ستة وسدسها خمسة . وإذا استثنيت خمسة من ستة بقي سهم فهو الوصية ( فيكون ) للموصى ( له سهم يزاد على ثلاثين ) مبلغ ضرب أحد المخرجين في الآخر ( وتصح من اثنين وستين ) لأنه يبقى للبنين ثلاثون على عددهم أربعة لا تنقسم وتوافق بالنصف فرد الأربعة لاثنين واضربها في أحد وثلاثين يحصل ما ذكر ( له ) أي الموصى له ( منها سهمان ) حاصلان من ضرب سهم في اثنين .
( و ) يفضل للبنين ستون على أربعة ( لكل ابن خمسة عشر ) وذكر هنا مثالا في شرحه لا يناسب ما قبله وما بعده ( ولو كانوا ) . أي بنو الموصي ( خمسة ووصى بمثل نصيب أحدهم إلا مثل نصيب ابن سادس لو كان فقد أوصى له بالسدس إلا السبع ) بعد الوصية ، فاضرب أحد المخرجين في الآخر يخرج اثنان وأربعون سدسها سبعة وسبعها ستة . فإذا طرحت ستة من سبعة بقي سهم فهو الوصية ( فيكون ) لموصى ( له سهم يزاد على اثنين وأربعين ) مبلغ ضرب أحد المخرجين في الآخر ( فتصح من مائتين وخمسة عشر ) لأن الباقي للورثة اثنان وأربعون على خمسة تباينها فتضرب الخمسة في الثلاثة وأربعين يحصل ذلك ( للموصى له خمسة ) لأنها حاصل ضرب الواحد في الخمسة .
( و ) للبنين الباقي ( ولكل ابن اثنان وأربعون ) وفي كلامه في شرحه هنا نظر .