صفحة جزء
( فصل وللأم أربعة أحوال ) ثلاثة يختلف فيها ميراث الأم باختلافها . وأما الرابع فعلى المذهب إنما يظهر تأثيره في عصبتها ( فمع ولد أو ولد ابن ) وإن نزل لها سدس . لقوله تعالى { ولأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك إن كان له ولد } وولد الولد يصدق عليه ولد حقيقة أو مجازا ( أو ) أي : ومع ( اثنين من الإخوة والأخوات ) والخناثى منهم ( كاملي الحرية لها ) أي : الأم ( سدس ) لقوله تعالى { فإن كان له إخوة فلأمه السدس } وقال ابن عباس لعثمان : ليس الأخوات إخوة في لسان قومك . فلم تحجب بهما الأم ؟ فقال : لا أستطيع أن أرد شيئا كان قبلي ومضى في البلدان وتوارث الناس به " وهذا من عثمان يدل على اجتماع الناس على ذلك قبل مخالفة ابن عباس .

قال الزمخشري لفظ " الإخوة " هنا يتناول الأخوين ; لأن المقصود الجمعية المطلقة من غير كمية . وأشار إلى الحال الثاني بقوله .

( و ) للأم ( مع عدمهم ) أي : الولد وولد الابن والاثنين من الإخوة أو الأخوات ( ثلث ) بلا خلاف نعلمه . قال في المغني : لقوله تعالى { فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمه الثلث } والحال الثالث ذكره بقوله ( وفي أبوين وزوج أو زوجة لها ) أي : الأم ( ثلث [ ص: 508 ] الباقي بعد فرضيهما ) أي : الزوجين نصا ; لأنهما استويا في السبب المدلى به وهو الولادة . وامتاز الأب بالتعصيب بخلاف الجد ، وتسميان بالغراوين لشهرتهما ، أو بالعمريتين لقضاء عمر فيهما بذلك وتبعه عليه عثمان وزيد بن ثابت وابن مسعود ، وروي عن علي ، وهو قول جمهور العلماء . وقال ابن عباس : لها الثلث كاملا لظاهر الآية . والحجة معه لولا انعقاد الإجماع من الصحابة على خلافه . ولأن الفريضة إذا جمعت أبوين وذا فرض كان للأم ثلث الباقي كما لو كان معهم بنت . .

( و ) الحال ( الرابع إذا لم يكن لولدها أب لكونه ولد زنا أو ) لكونها ( ادعته ) أي : ادعت أنه ولدها ( وألحق ) بالبناء للمجهول ( بها أو ) لكونه ( منفيا بلعان فإنه ينقطع تعصيبه ) أي : الولد ( ممن نفاه ) بلعانه ( ونحوه ) كجحد زوج المقرة به ( فلا يرثه ) من نفاه ولا من جحده ( ولا ) يرثه ( أحد من عصبته ) ; لأنه لم ينسب إليه ولا إلى الزاني ( ولو ) كان التعصيب ( بأخوة من أب إذا ولدت توأمين ) من زنا أو نفيا بلعان . فإذا مات أحدهما لم يرثه الآخر بأخوته لأبويه . ; لأنه لم يثبت لواحد منهما نسب أبوة ( وترث أمه ) أي : أم من لا أب له منه فرضها .

( و ) يرث ( ذو فرض منه فرضه ) كغيره . لأن كونه لا أب له لا تأثير له في منع ذي الفرض من فرضه منه ( وعصبته ) أي : من لا أب له شرعا ( بعد ذكور ولده وإن نزل ) من ابنه وابن ابنه وابن ابن ابنه وإن نزل وهكذا ( عصبة أمه ) روي عن علي وابن عباس وابن عمر ، إلا أن عليا يجعل ذا السهم من ذوي الأرحام أحق ممن لا سهم له . لحديث { ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فلأولى رجل ذكر } متفق عليه . وقد انقطعت العصوبة من جهة الأب . فبقي أولى الرجال به أقارب أمه فيكون ميراثه بعد أخذ ذي الفرض فرضه لهم . وعن عمر " أنه ألحق ولد الملاعنة بعصبة أمه " .

وفي حديث سهل بن سعد في المتلاعنين { فجرت السنة أنه يرثها وأنها ترث منه ما فرض الله لها } متفق عليه . ومفهومه أنها لا ترث منه أكثر من فرضها . فيبقى الباقي لذوي قرابته وهم عصبتها . فإن كانت أمه مولاة فما بقي لمولاها . فإن لم يكن لها عصبة ولا مولى فلها الثلث فرضا والباقي ردا ( في إرث ) لا في نكاح ، فلا يزوجونه ولا في ولاية ماله . فلا ولاية لهم عليه ، سواء كان ذكرا أو أنثى ولا يعقلون عنه ، كما لو علم أبوه . ولا يلزم من التعصيب في الميراث التعصيب في غيره كالأخوات مع البنات . وعنه أن أمه عصبته . فإن لم تكن فعصبتها [ ص: 509 ] وهو قول ابن مسعود . .

وروي عن علي نحوه ( فأم وخال ) لمن مات ولا أب له : للأم الثلث و ( له ) أي : الخال ( الباقي ) ; لأنه عصبة أمه .

التالي السابق


الخدمات العلمية