ونعود بعد هذه الوقفة القصيرة إلى انص القرآني الكريم:
فإن أعرضوا فقل: أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود.. .
إنها جولة في مصارع الغابرين، بعد تلك الجولة في ملكوت السماوات والأرض. جولة تهز القلوب المستكبرة برؤية مصارع المستكبرين:
إذ جاءتهم الرسل من بين أيديهم ومن خلفهم ألا تعبدوا إلا الله ..
الكلمة الواحدة التي جاء بها الرسل أجمعين. وقام عليها بنيان كل دين.
قالوا: لو شاء ربنا لأنزل ملائكة. فإنا بما أرسلتم به كافرون ..
وهي كذلك الشبهة المتكررة التي ووجه بها كل رسول وما كان لرسول يخاطب البشر أن يكون إلا من البشر. يعرفهم ويعرفونه. ويجدون فيه قدوة واقعية، ويعاني هو ما يعانونه. ولكن
عادا وثمود أعلنوا كفرهم برسلهم، لأنهم بشر لا ملائكة كما كانوا يقترحون!
وإلى هنا أجمل مصير
عاد وثمود. وهو واحد. إذ انتهى هؤلاء وهؤلاء إلى الأخذ بالصاعقة. ثم فصل قصة كل منهما بعض التفصيل:
فأما عاد فاستكبروا في الأرض بغير الحق. وقالوا: من أشد منا قوة؟ ..
إن الحق أن يخضع العباد لله، وألا يستكبروا في الأرض، وهم من هم بالقياس إلى عظمة خلق الله. فكل استكبار في الأرض فهو بغير الحق. استكبروا واغتروا
وقالوا: من أشد منا قوة؟ ..
وهو الشعور الكاذب الذي يحسه الطغاة. الشعور بأنه لم تعد هناك قوة تقف إلى قوتهم. وينسون:
أولم يروا أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة؟ ..
إنها بديهة أولية.. إن الذي خلقهم من الأصل أشد منهم قوة. لأنه هو الذي مكن لهم في هذا القدر المحدود من القوة. ولكن الطغاة لا يذكرون:
وكانوا بآياتنا يجحدون ..
وبينما هم في هذا المشهد يعرضون عضلاتهم! ويتباهون بقوتهم. إذا المشهد التالي في الآية التالية هو المصرع المناسب لهذا العجب المرذول:
[ ص: 3118 ] فأرسلنا عليهم ريحا صرصرا في أيام نحسات. لنذيقهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ..
إنها العاصفة الهوجاء المجتاحة الباردة في أيام نحس عليهم. وإنه الخزي في الحياة الدنيا. الخزي اللائق بالمستكبرين المتباهين المختالين على العباد..
ذلك في الدنيا.. وليسوا بمتروكين في الآخرة:
ولعذاب الآخرة أخزى. وهم لا ينصرون ..
وأما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى ..
ويظهر أن هذه إشارة إلى اهتدائهم بعد آية الناقة، ثم ردتهم وكفرهم بعد ذلك. وإيثارهم العمى على الهدى. والضلال بعد الهدى عمى أشد العمى!
فأخذتهم صاعقة العذاب الهون بما كانوا يكسبون ..
والهوان أنسب عاقبة. فليس هو العذاب فحسب، وليس هو الهلاك فحسب. ولكنه كذلك الهوان جزاء على العمى بعد الإيمان.
ونجينا الذين آمنوا وكانوا يتقون ..
وتنتهي الجولة على مصرع عاد وثمود. والإنذار بهذا المصرع المخيف المرهوب. ويتكشف لهم سلطان الله الذي لا ترده قوة ولا يعصم منه حصن، ولا يبقي على مستكبر مريد.
والآن وقد كشف لهم عن سلطان الله في فطرة الكون; وسلطان الله في تاريخ البشر يطلعهم على سلطان الله في ذوات أنفسهم، التي لا يملكون منها شيئا، ولا يعصمون منها شيئا من سلطان الله حتى سمعهم وأبصارهم وجلودهم تطيع الله وتعصيهم في الموقف المشهود، وتكون عليهم بعض الشهود:
ويوم يحشر أعداء الله إلى النار فهم يوزعون. حتى إذا ما جاءوها شهد عليهم سمعهم وأبصارهم وجلودهم بما كانوا يعملون. وقالوا لجلودهم: لم شهدتم علينا؟ قالوا: أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء وهو خلقكم أول مرة، وإليه ترجعون. وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم ولا جلودكم، ولكن ظننتم أن الله لا يعلم كثيرا مما تعملون. وذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم أرداكم، فأصبحتم من الخاسرين. فإن يصبروا فالنار مثوى لهم. وإن يستعتبوا فما هم من المعتبين ..
إنها المفاجأة الهائلة في الموقف العصيب. وسلطان الله الذي تطيعه جوارحهم وتستجيب وهم يوصمون بأنهم أعداء الله. فما مصير أعداء الله؟ إنهم يحشرون ويجمع أولهم على آخرهم وآخرهم على أولهم كالقطيع! إلى أين؟ إلى النار! حتى إذا كانوا حيالها وقام الحساب، إذا شهود عليهم لم يكونوا لهم في حساب. إن ألسنتهم معقودة لا تنطق، وقد كانت تكذب وتفتري وتستهزئ. وإن أسماعهم وأبصارهم وجلودهم تخرج عليهم، لتستجيب لربها طائعة مستسلمة، تروي عنهم ما حسبوه سرا. فقد يستترون من الله. ويظنون أنه لا يراهم وهم يتخفون بنواياهم، ويتخفون بجرائمهم. ولم يكونوا ليستخفوا من أبصارهم وأسماعهم وجلودهم. وكيف وهي معهم؟ بل كيف وهي أبعاضهم؟! وها هي ذي تفضح ما حسبوه مستورا عن الخلق أجمعين. وعن الله رب العالمين!
يا للمفاجأة بسلطان الله الخفي، يغلبهم على أبعاضهم فتلبي وتستجيب!
[ ص: 3119 ] وقالوا لجلودهم: لم شهدتم علينا؟ ..
فإذا هي تجبههم بالحقيقة التي خفيت عليهم في غير مواربة ولا مجاملة:
قالوا: أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء ؟
أليس هو الذي جعل الألسنة هي الناطقة؟ وإنه لقادر على أن يجعل سواها. وقد أنطق كل شيء فهو اليوم يتحدث وينطق ويبين.
وهو خلقكم أول مرة وإليه ترجعون ..
فإليه المنشأ وإليه المصير، ولا مفر من قبضته في الأول وفي الأخير.
وهذا ما أنكروه بالعقول. وهذا ما تقرره لهم الجلود!
وقد تكون بقية التعليق من حكاية أقوال أبعاضهم لهم. وقد تكون تعقيبا على الموقف العجيب:
وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم ولا جلودكم ..
فما كان يخطر ببالكم أنها ستخرج عليكم، وما كنتم بمستطيعين أن تستتروا منها لو أردتم!
ولكن ظننتم أن الله لا يعلم كثيرا مما تعملون ..
وخدعكم هذا الظن الجاهل الأثيم وقادكم إلى الجحيم:
وذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم أرداكم فأصبحتم من الخاسرين ..
ثم يجيء التعقيب الأخير:
فإن يصبروا فالنار مثوى لهم ..
يا للسخرية! فالصبر الآن صبر على النار; وليس الصبر الذي يعقبه الفرج وحسن الجزاء. إنه الصبر الذي جزاؤه النار قرارا ومثوى يسوء فيه الثواء!
وإن يستعتبوا فما هم من المعتبين ..
فما عاد هناك عتاب، وما عاد هناك متاب. وقد جرت العادة أن الذي يطلب العتاب يطلب من ورائه الصفح والرضى بعد إزالة أسباب الجفاء. فاليوم يغلق الباب في وجه العتاب. لا الصفح والرضى الذي يعقب العتاب!
ثم يكشف لهم كذلك عن سلطان الله في قلوبهم، وهم بعد في الأرض يستكبرون عن الإيمان بالله. فالله قد قيض لهم - بما اطلع على فساد قلوبهم - قرناء سوء من الجن ومن الأنس، يزينون لهم السوء، وينتهون بهم إلى مواكب الذين كتب عليهم الخسران، وحقت عليهم كلمة العذاب:
وقيضنا لهم قرناء فزينوا لهم ما بين أيديهم وما خلفهم، وحق عليهم القول في أمم قد خلت من قبلهم من الجن والإنس، إنهم كانوا خاسرين ..
فلينظروا كيف هم في قبضة الله الذي يستكبرون عن عبادته. وكيف أن قلوبهم التي بين جنوبهم تقودهم إلى العذاب والخسارة وقد قيض الله وأحضر قرناء يوسوسون لهم، ويزينون لهم كل ما حولهم من السوء، ويحسنون لهم أعمالهم فلا يشعرون بما فيها من قبح. وأشد ما يصيب الإنسان أن يفقد إحساسه بقبح فعله وانحرافه، وأن يرى كل شيء من شخصه حسنا ومن فعله! فهذه هي المهلكة وهذا هو المنحدر الذي ينتهي دائما بالبوار.
[ ص: 3120 ] وإذا هم في قطيع السوء. في الأمم التي حق عليها وعد الله من قبلهم من الجن والإنس. قطيع الخاسرين
إنهم كانوا خاسرين .
وكان من تزيين القرناء لهم دفعهم إلى محاربة هذا القرآن، حين أحسوا بما فيه من سلطان:
وقال الذين كفروا: لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم تغلبون ..
كلمة كان يوصي بها الكبراء من
قريش أنفسهم ويغرون بها الجماهير; وقد عجزوا عن مغالبة أثر القرآن في أنفسهم وفي نفوس الجماهير.
لا تسمعوا لهذا القرآن . فهو كما كانوا يدعون يسحرهم، ويغلب عقولهم، ويفسد حياتهم. ويفرق بين الوالد وولده، والزوج وزوجه. ولقد كان القرآن يفرق نعم ولكن بفرقان الله بين الإيمان والكفر، والهدى والضلال. كان يستخلص القلوب له، فلا تحفل بوشيجة غير وشيجته. فكان هو الفرقان.
والغوا فيه لعلكم تغلبون .
وهي مهاترة لا تليق. ولكنه العجز عن المواجهة بالحجة والمقارعة بالبرهان، ينتهي إلى المهاترة، عند من يستكبر على الإيمان.
ولقد كانوا يلغون بقصص إسفنديار ورستم كما فعل مالك بن النضر ليصرف الناس عن القرآن. ويلغون بالصياح والهرج. ويلغون بالسجع والرجز. ولكن هذا كله ذهب أدراج الرياح وغلب القرآن، لأنه يحمل سر الغلب، إنه الحق. والحق غالب مهما جهد المبطلون!
وردا على قولتهم المنكرة يجيء التهديد المناسب:
فلنذيقن الذين كفروا عذابا شديدا، ولنجزينهم أسوأ الذي كانوا يعملون. ذلك جزاء أعداء الله النار، لهم فيها دار الخلد، جزاء بما كانوا بآياتنا يجحدون .
وسرعان ما نجدهم في النار. وسرعان ما نشهد حنق المخدوعين، الذين زين لهم قرناؤهم ما بين أيديهم وما خلفهم، وأغروهم بهذه المهلكة التي انتهى إليها مطافهم:
وقال الذين كفروا: ربنا أرنا اللذين أضلانا من الجن والإنس، نجعلهما تحت أقدامنا، ليكونا من الأسفلين .
إنه الحنق العنيف، والتحرق على الانتقام:
نجعلهما تحت أقدامنا .
ليكونا من الأسفلين . وذلك بعد الموادة والمخادنة والوسوسة والتزيين!
هذه صلة. صلة الوسوسة والإغراء. وهناك صلة. صلة النصح والولاء. إنهم المؤمنون. الذين قالوا: ربنا الله، ثم استقاموا على الطريق إليه بالإيمان والعمل الصالح. إن الله لا يقيض لهؤلاء قرناء سوء من الجن والإنس; إنما يكلف بهم ملائكة يفيضون على قلوبهم الأمن والطمأنينة، ويبشرونهم بالجنة، ويتولونهم في الحياة الدنيا وفي الآخرة:
إن الذين قالوا: ربنا الله. ثم استقاموا. تتنزل عليهم الملائكة: ألا تخافوا ولا تحزنوا، وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون. نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة. ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون. نزلا من غفور رحيم .
[ ص: 3121 ] والاستقامة على قولة:
ربنا الله . الاستقامة عليها بحقها وحقيقتها. الاستقامة عليها شعور في الضمير، وسلوك في الحياة. الاستقامة عليها والصبر على تكاليفها. أمر ولا شك كبير. وعسير. ومن ثم يستحق عند الله هذا الإنعام الكبير. صحبة الملائكة، وولاءهم، ومودتهم هذه التي تبدو فيما حكاه الله عنهم. وهم يقولون لأوليائهم المؤمنين: لا تخافوا. لا تحزنوا. أبشروا بالجنة التي كنتم توعدون. نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة. ثم يصورون لهم الجنة التي يوعدون تصوير الصديق لصديقه ما يعلم أنه يسره علمه ورؤيته من حظه المرتقب: لكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون. ويزيدونها لهم جمالا وكرامة: نزلا من غفور رحيم. فهي من عند الله أنزلكم إياها بمغفرته ورحمته. فأي نعيم بعد هذا النعيم؟
ويختم هذا الشوط برسم صورة الداعية إلى الله، ووصف روحه ولفظه، وحديثه وأدبه. ويوجه إليها رسوله - صلى الله عليه وسلم - وكل داعية من أمته. وكان قد بدأ السورة بوصف جفوة المدعوين وسوء أدبهم، وتبجحهم النكير. ليقول للداعية: هذا هو منهجك مهما كانت الأمور:
ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال: إنني من المسلمين! ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن، فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم. وما يلقاها إلا الذين صبروا، وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم. وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله، إنه هو السميع العليم .
إن النهوض بواجب الدعوة إلى الله، في مواجهة التواءات النفس البشرية، وجهلها، واعتزازها بما ألفت، واستكبارها أن يقال: إنها كانت على ضلالة، وحرصها على شهواتها وعلى مصالحها، وعلى مركزها الذي قد تهدده الدعوة إلى إله واحد، كل البشر أمامه سواء.
إن النهوض بواجب الدعوة في مواجهة هذه الظروف أمر شاق. ولكنه شأن عظيم:
ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله، وعمل صالحا، وقال: إنني من المسلمين .
إن كلمة الدعوة حينئذ هي أحسن كلمة تقال في الأرض، وتصعد في مقدمة الكلم الطيب إلى السماء. ولكن مع العمل الصالح الذي يصدق الكلمة; ومع الاستسلام لله الذي تتوارى معه الذات. فتصبح الدعوة خالصة لله ليس للداعية فيها شأن إلا التبليغ.
ولا على الدعية بعد ذلك أن تتلقى كلمته بالإعراض، أو بسوء الأدب، أو بالتبجح في الإنكار. فهو إنما يتقدم بالحسنة. فهو في المقام الرفيع; وغيره يتقدم بالسيئة. فهو في المكان الدون:
ولا تستوي الحسنة ولا السيئة .
وليس له أن يرد بالسيئة، فإن الحسنة لا يستوي أثرها - كما لا تستوي قيمتها - مع السيئة والصبر والتسامح، والاستعلاء على رغبة النفس في مقابلة الشر بالشر، يرد النفوس الجامحة إلى الهدوء والثقة، فتنقلب من الخصومة إلى الولاء، ومن الجماح إلى اللين:
ادفع بالتي هي أحسن، فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم .
وتصدق هذه القاعدة في الغالبية الغالبة من الحالات. وينقلب الهياج إلى وداعة. والغضب إلى سكينة. والتبجح إلى حياء; على كلمة طيبة، ونبرة هادئة، وبسمة حانية في وجه هائج غاضب متبجح مفلوت الزمام!
[ ص: 3122 ] ولو قوبل بمثل فعله ازداد هياجا وغضبا وتبجحا ومرودا. وخلع حياءه نهائيا، وأفلت زمامه، وأخذته العزة بالإثم.
غير أن تلك السماحة تحتاج إلى قلب كبير يعطف ويسمح وهو قادر على الإساءة والرد. وهذه القدرة ضرورية لتؤتي السماحة أثرها. حتى لا يصور الإحسان في نفس المسيء ضعفا. ولئن أحس أنه ضعف لم يحترمه، ولم يكن للحسنة أثرها إطلاقا.
وهذه السماحة كذلك قاصرة على حالات الإساءة الشخصية. لا العدوان على العقيدة وفتنة المؤمنين عنها. فأما في هذا فهو الدفع والمقاومة بكل صورة من صورها. أو الصبر حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا.
وهذه الدرجة، درجة دفع السيئة بالحسنة، والسماحة التي تستعلي على دفعات الغيظ والغضب، والتوازن الذي يعرف متى تكون السماحة ومتى يكون الدفع بالحسنى.. درجة عظيمة لا يلقاها كل إنسان. فهي في حاجة إلى الصبر. وهي كذلك حظ موهوب يتفضل به الله على عباده الذين يحاولون فيستحقون:
وما يلقاها إلا الذين صبروا، وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم ..
إنها درجة عالية إلى حد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو الذي لم يغضب لنفسه قط; وإذا غضب لله لم يقم لغضبه أحد. قيل له - وقيل لكل داعية في شخصه - :
وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله، إنه هو السميع العليم ..
فالغضب قد ينزغ. وقد يلقي في الروع قلة الصبر على الإساءة. أو ضيق الصدر عن السماحة. فالاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم حينئذ وقاية، تدفع محاولاته، لاستغلال الغضب، والنفاذ من ثغرته.
إن خالق هذا القلب البشري، الذي يعرف مداخله ومساربه، ويعرف طاقته واستعداده، ويعرف من أين يدخل الشيطان إليه، يحوط قلب الداعية إلى الله من نزغات الغضب. أو نزغات الشيطان. مما يلقاه في طريقه مما يثير غضب الحليم.
إنه طريق شاق. طريق السير في مسارب النفس ودروبها وأشواكها وشعابها، حتى يبلغ الداعية منها موضع التوجيه ونقطة القياد!!!