يمضي هذا الدرس في بيان حال أهل الكتاب - من اليهود والنصارى - وكشف الانحراف فيما يعتقدون ، وكشف السوء فيما يصنعون ; في تاريخهم كله - وبخاصة اليهود - كما يمضي في تقرير نوع العلاقة بينهم وبين الرسول - صلى الله عليه وسلم - والجماعة المسلمة ; وواجب الرسول - صلى الله عليه وسلم - في تعامله معهم وواجب المسلمين . . ذلك إلى تقرير حقائق أساسية ضخمة في أصول التصور الاعتقادي ; وفي أصول النشاط الحركي للجماعة المسلمة ، تجاه المعتقدات المنحرفة وتجاه المنحرفين .
لقد نادى الله - سبحانه - الرسول - صلى الله عليه وسلم - وكلفه تبليغ ما أنزل إليه من ربه . . كل ما أنزل إليه . . لا يستبقي منه شيئا ، ولا يؤخر منه شيئا مراعاة للظروف والملابسات ، أو تجنبا للاصطدام بأهواء الناس . وواقع المجتمع . . وإن لم يفعل فما يكون قد بلغ . .
ومن هذا الذي كلف الرسول - صلى الله عليه وسلم - تبليغه أن يجابه أهل الكتاب بأنهم ليسوا على شيء حتى يقيموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليهم من ربهم . . هكذا قاطعة جازمة صريحة جاهرة . . وأن يعلن كذلك كفر اليهود بنقضهم الميثاق وقتلهم الأنبياء ، وكفر النصارى بقولهم : إن الله هو المسيح عيسى بن مريم ، وقولهم : إن الله ثالث ثلاثة . كما يعلن أن المسيح - عليه السلام - أنذر بني إسرائيل عاقبة الشرك ، وتحريم الله الجنة على المشركين . . وأن بني إسرائيل لعنوا على لسان داود وعيسى بن مريم بعصيانهم وعدوانهم .
وينتهي الدرس بكشف موقف أهل الكتاب من مظاهرة المشركين على المسلمين . وإعلان أن هذا ناشئ من عدم إيمانهم بالله والنبي . وأنهم مدعوون إلى الإيمان بما جاء به محمد - صلى الله عليه وسلم - وإلا فما هم بالمؤمنين . .