وتنتهي سورة الإيمان بتقرير القاعدة الأولى للإيمان.. التوحيد.. وإعلان الخسارة الكبرى لمن يشركون بالله، في مقابل الفلاح في أول السورة للمؤمنين. وبالتوجه إلى الله في طلب الرحمة والغفران وهو أرحم الراحمين:
فتعالى الله الملك الحق، لا إله إلا هو رب العرش الكريم. ومن يدع مع الله إلها آخر لا برهان له به فإنما حسابه عند ربه، إنه لا يفلح الكافرون. وقل: رب اغفر وارحم وأنت خير الراحمين ..
هذا التعقيب يجيء بعد مشهد القيامة السابق; وبعد ما حوته السورة قبل هذا المشهد من جدل وحجج ودلائل وبينات.. يجيء نتيجة طبيعية منطقية لكل محتويات السورة. وهو يشهد بتنزيه الله - سبحانه - عما يقولون ويصفون. ويشهد بأنه الملك الحق، والمسيطر الحق، الذي لا إله إلا هو. صاحب السلطان والسيطرة والاستعلاء:
رب العرش الكريم .
وكل دعوى بألوهية أحد مع الله، فهي دعوى ليس معها برهان. لا من الدلائل الكونية، ولا من منطق
[ ص: 2483 ] الفطرة، ولا من حجة العقل. وحساب مدعيها عند ربه، والعاقبة معروفة:
إنه لا يفلح الكافرون .. سنة نافذة لا تتخلف، كما أن الفلاح للمؤمنين طرف من الناموس الكبير.
وكل ما يراه الناس على الكافرين من نعمة ومتاع، وقوة وسلطان، في بعض الأحيان، فليس فلاحا في ميزان القيم الحقيقة. إنما هو فتنة واستدراج، ينتهي بالوبال في الدنيا. فإن ذهب بعضهم ناجين في الدنيا، فهناك في الآخرة يتم الحساب. والآخرة هي الشوط الأخير في مراحل النشأة، وليست شيئا منفصلا في تقدير الله وتدبيره. ومن ثم هي ضرورة لا بد منها في النظرة البعيدة.
وآخر آية في سورة "المؤمنون" هي اتجاه إلى الله في طلب الرحمة والغفران:
وقل: رب اغفر وارحم وأنت خير الراحمين ..
وهنا يلتقي مطلع السورة وختامها في تقرير الفلاح للمؤمنين والخسران للكافرين. وفي تقرير صفة الخشوع في الصلاة في مطلعها والتوجه إلى الله بالخشوع في ختامها.. فيتناسق المطلع والختام في ظلال الإيمان ...