بعد تلك الجولة الضخمة في مجالي النور، في مشاهد الكون الكبير، يعود سياق السورة إلى موضوعها [ ص: 2525 ] الأصيل، موضوع الآداب التي يربي عليها القرآن الجماعة المسلمة، لتتطهر قلوبها وتشرق، وتتصل بنور الله في السماوات والأرض.
ولقد تناول في الدرس الماضي حديث الرجال الذين لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحديث الذين كفروا وأعمالهم ومآلهم، وما هم فيه من ظلمات بعضها فوق بعض.
فالآن في هذا الدرس يتحدث عن المنافقين، الذين لا ينتفعون بآيات الله المبينات ولا يهتدون، فهم يظهرون الإسلام، ولكنهم لا يتأدبون بأدب المؤمنين في طاعة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفي الرضى بحكمه، والطمأنينة إليه، ويوازن بينهم وبين المؤمنين الصادقين في إيمانهم أولئك الذين وعدهم الله الاستخلاف في الأرض، والتمكين في الدين، والأمن في المقام، جزاء لهم على أدبهم مع الله ورسوله، وطاعتهم لله ورسوله. وذلك على الرغم من عداء الكافرين، وما الذين كفروا بمعجزين في الأرض ومأواهم النار وبئس المصير.