إن الإسلام منهاج حياة كامل; فهو ينظم حياة الإنسان في كل أطوارها ومراحلها، وفي كل علاقاتها وارتباطاتها، وفي كل حركاتها وسكناتها، ومن ثم يتولى بيان الآداب اليومية الصغيرة، كما يتولى بيان التكاليف العامة الكبيرة; وينسق بينها جميعا، ويتجه بها إلى الله في النهاية.
وهذه السورة نموذج من ذلك التنسيق، لقد تضمنت بعض الحدود إلى جانب الاستئذان على البيوت، وإلى جانبها جولة ضخمة في مجالي الوجود، ثم عاد السياق يتحدث عن حسن أدب المسلمين في التحاكم إلى الله ورسوله وسوء أدب المنافقين، إلى جانب وعد الله الحق للمؤمنين بالاستخلاف والأمن والتمكين، وها هو ذا في هذا الدرس يعود إلى آداب الاستئذان في داخل البيوت إلى جانب الاستئذان من مجلس رسول الله - صلى [ ص: 2532 ] الله عليه وسلم - وينظم علاقة الزيارة والطعام بين الأقارب والأصدقاء; إلى جانب الأدب الواجب في خطاب الرسول ودعائه، فكلها آداب تأخذ بها الجماعة المسلمة وتنتظم بها علاقاتها، والقرآن يربيها في مجالات الحياة الكبيرة والصغيرة على السواء.