قوله تعالى :
وما تلك بيمينك يا موسى قال هي عصاي أتوكأ عليها قيل في وجه سؤال
موسى عليه السلام عما في يده أنه على وجه التقرير له على أن الذي في يده عصا ليقع المعجز بها بعد التثبت فيها والتأمل لها ، فإذا أجاب موسى بأنها عصا يتوكأ عليها عند الإعياء وينفض بها الورق لغنمه وأن له فيها منافع أخرى فيها ، ومعلوم أنه لم يرد بذلك إعلام الله تعالى ذلك ؛ لأن الله تعالى كان أعلم بذلك منه ، ولكنه لما اقتضى السؤال منه جوابا لم يكن له بد من الإجابة بذكر منافع العصا إقرارا منه بالنعمة فيها واعتدادا بمنافعها والتزاما لما يجب عليه من الشكر له . ومن أهل الجهل من يسأل عن ذلك فيقول : إنما قال الله له :
وما تلك بيمينك يا موسى فإنما وقعت المسألة عن ماهيتها ولم تقع عن منافعها وما تصلح له ، فلم أجاب عما لم يسأل منه ؟ ووجه ذلك ما قدمنا وهو أنه أجاب عن المسألة بديا بقوله : هي عصاي ، ثم أخبر عما جعل الله تعالى له من المنافع فيها على وجه الاعتراف بالنعمة وإظهار الشكر على ما منحه الله منها ، وكذلك سبيل أنبياء الله تعالى والمؤمنين عند مثله في
الاعتداد بالنعمة ونشرها وإظهار الشكر عليها ، وقال الله تعالى :
وأما بنعمة ربك فحدث [ ص: 53 ]