فيمن يقيم الحد على المملوك قال
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=14954وأبو يوسف nindex.php?page=showalam&ids=15922وزفر nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد : ( يقيمه الإمام دون المولى وذلك في سائر الحدود ) ، وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=14117الحسن بن صالح . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : ( يحده المولى في الزنا وشرب الخمر والقذف إذا شهد عنده الشهود ، ولا يقطعه في السرقة وإنما يقطعه الإمام ) ، وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=15124الليث بن سعد .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : ( يحده المولى ويقطعه ) . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري : ( يحده المولى في الزنا ) رواية
nindex.php?page=showalam&ids=13709الأشجعي ، وذكر عنه
nindex.php?page=showalam&ids=14906الفريابي : ( أن المولى إذا حد عبده ثم أعتقه جازت شهادته ) .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي : ( يحده المولى ) .
[ ص: 131 ] وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن قال : ( ضمن هؤلاء أربعا : الصلاة والصدقة والحدود والحكم ) رواه عنه
ابن عون ، وروي عنه بدل الصلاة الجمعة .
وقال
عبد الله بن محيريز : ( الحدود والفيء والجمعة والزكاة إلى السلطان ) . وقد روى
nindex.php?page=showalam&ids=15744حماد بن سلمة عن
يحيى البكاء عن
مسلم بن يسار عن
أبي عبد الله رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وكان
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر يأمرنا أن نأخذ عنه وهو عالم فخذوا عنه فسمعته يقول : ( الزكاة والحدود والفيء والجمعة إلى السلطان ) ؛وقد قيل إن
أبا عبد الله هذا يظن أنه أخو
nindex.php?page=showalam&ids=130أبي بكرة واسمه
nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع .
فهؤلاء
السلف قد روي عنهم ذلك ، ولا نعلم عن أحد من الصحابة خلافه . وقد روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش أنه ذكر إقامة
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود حدا
بالشام ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش هم أمراء حيث كانوا .
وجائز أن يكون
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود قد كان ولي ذلك لأنه لم يذكر أن المحدود كان عبده .
فإن قيل : روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=12526ابن أبي ليلى أنه قال : أدركت بقايا الأنصار يضربون الوليدة من ولائدهم إذا زنت في مجالسهم .
قيل له : يجوز أن يكونوا فعلوا ذلك على وجه التعزير لا على وجه إقامة الحد ؛ لأنهم لم يكونوا مأمورين برفعها إلى الإمام بل كانوا مأمورين بالستر عليها وترك رفعها إلى الإمام . والدليل على أن إقامة الحد على المملوك إلى الإمام دون المولى قوله تعالى :
والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا وقال :
الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة وقال في آية أخرى :
فإذا أحصن فإن أتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب وقد علم من قرع سمعه هذا الخطاب من أهل العلم أن المخاطبين بذلك هم الأئمة دون عامة الناس ، فكان تقديره : فليقطع الأئمة والحكام أيديهما وليجلدهما الأئمة والحكام .
ولما ثبت باتفاق الجميع أن المأمورين بإقامة هذه الحدود على الأحرار هم الأئمة ولم تفرق هذه الآيات بين المحدودين من الأحرار والعبيد ، وجب أن يكون فيهم جميعا وأن يكون الأئمة هم المخاطبون بإقامة الحدود على الأحرار والعبيد دون الموالي . ويدل على ذلك أيضا أنه لو جاز للمولى أن يسمع شهادة الشهود على عبده بالسرقة فيقطعه ثم يرجع الشهود عن شهادتهم أن يكون له تضمين الشهود ، ومعلوم أن تضمين الشهود يتعلق بحكم الحاكم بالشهادة ؛ لأنه لو لم يحكم بشهادتهم لم يضمنوا شيئا ، فكان يصير حاكما لنفسه بإيجاب الضمان عليهم ، ومعلوم أن أحدا من الناس لا يجوز أن يحكم لنفسه ، فعلمنا أن المولى لا يملك استماع البينة على عبده بذلك ولا قطعه .
وأيضا فإن المولى والأجنبي سواء في حد العبد والأمة ، بدلالة أن إقراره به عليه غير مقبول وأن
[ ص: 132 ] إقرار العبد على نفسه بذلك مقبول وإن جحده المولى ، فلما كانا في ذلك في حكم الأجنبيين وجب أن يكون المولى بمنزلة الأجنبي في إقامة الحد عليه ، وإنما جاز للحاكم أن يسمع البينة ويقيم الحد لأن قوله مقبول في ثبوت ما يوجب الحد عنده فلذلك سمع البينة وحكم بالحد .
فإن قيل : يجوز إقرار الإنسان على نفسه بما يوجب الحد ولا يملك مع ذلك إقامة الحد على نفسه .
قيل له : إذا كان من يجوز إقراره على نفسه ولا يقيم الحد على نفسه فمن لا يجوز إقراره على عبده أحرى بأن لا يقيم الحد عليه .
فإن قيل : فلا نجعل قول الحاكم عليه علة جواز إقامة الحد عليه .
قيل له : إن قول الحاكم : ( قد ثبت عندي ) لا يوجب عليه الحد وليس بإقرار منه ، وإنما هو حكم ؛ وكذلك البينة إذا قامت عنده فإنه يقيم الحد من طريق الحكم ، فمن لا يقبل قوله في الحكم فهو لا يملك سماع البينة ولا إقامة الحد .
فإن قيل : إن
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبا حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=14954وأبا يوسف لا يقبلان قول الحاكم بما يوجب الحد لأنهما يقولان : ( لا يحكم بعلمه في الحدود ) .
قيل له : ليس معنى ذلك أن قول الحاكم غير مقبول إذا قال : ( ثبت ذلك عندي ببينة أو بإقرار ) لأن من قولهما أن ذلك مقبول ، وإنما معنى قولهما : ( إنه لا يحكم بعلمه في الحدود ) أنه لو شاهد رجلا على زنا أو سرقة أو شرب خمر لم يقم عليه الحد بعلمه ، فأما إذا قال : ( قد شهد عندي شهود بذلك ) أو قال : ( أقر عندي بذلك ) فإن قوله مقبول منه في ذلك ويسع من أمره الحاكم بالرجم والقطع أن يرجم ويقطع . واحتج المخالف لنا بما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1524أقيموا الحدود على ما ملكت أيمانكم ، وقوله :
nindex.php?page=hadith&LINKID=652009إذا زنت أمة أحدكم فليجلدها وإن عادت فليجلدها وإن عادت فليجلدها ولا يثرب عليها فإن عادت فليبعها ولو بضفير وقد روي في بعض ألفاظ هذا الحديث :
nindex.php?page=hadith&LINKID=652080فليقم عليها الحد قال
nindex.php?page=showalam&ids=11943أبو بكر : لا دلالة في هذه الأخبار على ما ذهبوا إليه ، وذلك لأن قوله :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1524أقيموا الحدود على ما ملكت أيمانكم هو كقوله تعالى :
والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما وقوله :
الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ومعلوم أن المراد رفعه إلى الإمام لإقامة الحد ، فالمخاطبون بإقامة الحد هم الأئمة وسائر الناس مخاطبون برفعهم إليهم حتى يقيموا عليهم الحدود ؛ فكذلك قوله عليه السلام :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1524أقيموا الحدود على ما ملكت أيمانكم هو على هذا المعنى .
وأما قوله عليه السلام :
nindex.php?page=hadith&LINKID=652080إذا زنت أمة أحدكم فليجلدها فإنه ليس كل جلد حدا ؛ لأن الجلد قد يكون على وجه التعزير فإذا عزرناها فقد قضينا عهدة الخبر ولا يجوز أن نجلدها بعد ذلك ؛ ويدل على أنه أراد التعزير قوله : ( لا يثرب عليها ) يعني : ولا
[ ص: 133 ] يعيرها . ومن شأن إقامة الحد أن يكون بحضرة الناس ليكون أبلغ في الزجر والتنكيل ، فلما قال : ( ولا يثرب عليها ) دل ذلك على أنه أراد التعزير لا الحد .
ويدل عليه قوله صلى الله عليه وسلم في الرابعة : ( فليبعها ولو بضفير ) ولم يأمر بجلدها ، ولو كان ذلك حدا لذكره وأمر به كما أمر به في الأول والثاني والثالث ؛ لأنه لا يجوز تعطيل الحدود بعد ثبوتها عند من يقيمها ، وقد يجوز ترك التعزير على حسب ما يرى الإمام فيه من المصلحة .
فإن قيل : لو أراد التعزير لوجب أن يكون لو عزرها المولى ثم رفع إلى الإمام بعد التعزير أن يقيم عليها الحد ؛ لأن التعزير لا يسقط الحد ، فيكون قد اجتمع عليها الحد والتعزير .
قيل له : لا ينبغي لمولاها أن يرفعها إلى الإمام بعد ذلك ، بل هو مأمور بالستر عليها لقول النبي صلى الله عليه وسلم
لهزال حين أشار على
ماعز بالإقرار بالزنا :
nindex.php?page=hadith&LINKID=675728لو سترته بثوبك كان خيرا لك ، وقال صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=75904من أتى شيئا من هذه القاذورات فليستتر بستر الله فإن من أبدى لنا صفحته أقمنا عليه كتاب الله . وأيضا فليس يمتنع اجتماع الحد والتعزير ، وقد يجب النفي عندنا مع الجلد على وجه التعزير .
وروي أن
النجاشي الشاعر شرب الخمر في رمضان فضربه
nindex.php?page=showalam&ids=8علي كرم الله وجهه ثمانين وقال : ( هذا لشربك الخمر ) ثم جلده عشرين وقال : ( هذا لإفطارك في رمضان ) فجمع عليه الحد والتعزير ؛ فلما كان ذلك جائزا لم يمتنع لو رفعت هذه الأمة بعد تعزير المولى إلى الإمام أن يحدها حد الزنا .