قوله تعالى :
فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم معناه :
فليحذر الذين يخالفون أمره . ودخل عليه حرف الجر لجواز ذلك في اللغة ، كقوله :
فبما نقضهم ميثاقهم معناه : فبنقضهم ميثاقهم . و ( الهاء ) في ( أمره ) يحتمل أن يكون ضميرا للنبي صلى الله عليه وسلم ، ويحتمل أن يكون ضميرا لله تعالى ؛ والأظهر أنها لله ؛ لأنه يليه ، وحكم الكناية رجوعها إلى ما يليها دون ما تقدمها . وفيه دلالة على أن
أوامر الله على الوجوب ؛ لأنه ألزم اللوم والعقاب لمخالفة الأمر ، وذلك يكون على وجهين :
أحدهما : أن لا يقبله فيخالفه بالرد له .
والثاني : أن لا يفعل المأمور به وإن كان مقرا بوجوبه عليه ومعتقدا للزومه ؛ فهو على الأمرين جميعا ومن قصره على أحد الوجهين دون الآخر خصه بغير دلالة .
ومن الناس من يحتج به في أن
أفعال النبي صلى الله عليه وسلم على الوجوب ، وذلك أنه جعل الضمير في ( أمره ) للنبي صلى الله عليه وسلم وفعله يسمى أمره ، كما قال تعالى :
وما أمر فرعون برشيد يعني أفعاله وأقواله .
وهذا ليس كذلك عندنا ؛ لأن اسم الله تعالى فيه بعد اسم النبي صلى الله عليه وسلم في قوله :
قد يعلم الله الذين يتسللون منكم لواذا وهو الذي تليه الكناية ، فينبغي أن يكون راجعا إليه دون غيره . آخر سورة النور .