ومن سورة محمد صلى الله عليه وسلم
بسم الله الرحمن الرحيم
قال الله - تعالى - :
فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب قال
nindex.php?page=showalam&ids=11943أبو بكر : قد اقتضى ظاهره وجوب القتل لا غير إلا بعد الإثخان ، وهو نظير قوله تعالى - :
ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض حدثنا
جعفر بن محمد بن الحكم قال : حدثنا
جعفر بن محمد بن اليمان قال : حدثنا
أبو عبيد قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16442عبد الله بن صالح عن
معاوية بن صالح عن
علي بن أبي طلحة عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس في قوله تعالى - :
ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض قال : " ذلك يوم
بدر والمسلمون يومئذ قليل ، فلما كثروا واشتد سلطانهم
[ ص: 269 ] أنزل الله - تعالى - بعد هذا في الأسارى :
فإما منا بعد وإما فداء فجعل الله النبي والمؤمنين في الأسارى بالخيار ، إن شاءوا قتلوهم ، وإن شاءوا استعبدوهم ، وإن شاءوا فادوهم شك
أبو عبيد في " ، وإن شاءوا استعبدوهم " .
وحدثنا
جعفر بن محمد قال : حدثنا
جعفر بن محمد قال : حدثنا
أبو عبيد قال : حدثنا
أبو مهدي وحجاج كلاهما عن
nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان قال : سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي يقول في قوله :
فإما منا بعد وإما فداء قال : هي منسوخة نسخها قوله :
فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم قال
nindex.php?page=showalam&ids=11943أبو بكر : أما قوله :
فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب
وقوله :
ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض وقوله :
فإما تثقفنهم في الحرب فشرد بهم من خلفهم فإنه جائز أن يكون حكما ثابتا غير منسوخ وذلك ؛ لأن الله - تعالى - أمر نبيه صلى الله عليه وسلم بالإثخان بالقتل وحظر عليه الأسر إلا بعد إذلال المشركين وقمعهم ، وكان ذلك في وقت قلة عدد المسلمين وكثرة عدد عدوهم من المشركين ، فمتى أثخن المشركون وأذلوا بالقتل والتشريد جاز الاستبقاء .
فالواجب أن يكون هذا حكما ثابتا إذا وجد مثل الحال التي كان عليها المسلمون في أول الإسلام وأما قوله :
فإما منا بعد وإما فداء ظاهره يقتضي أحد شيئين من من أو فداء ، وذلك ينفي جواز القتل ، وقد اختلف السلف في ذلك ، حدثنا
جعفر بن محمد قال : حدثنا
جعفر بن محمد بن اليمان قال : حدثنا
أبو عبيد قال : حدثنا
حجاج عن
nindex.php?page=showalam&ids=16874مبارك بن فضالة عن
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن أنه كره قتل الأسير وقال : " من عليه أو فاده " .
وحدثنا
جعفر قال : حدثنا
جعفر قال : حدثنا
أبو عبيد قال : أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=17249هشيم قال : أخبرنا
أشعث قال : سألت
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء عن
قتل الأسير ، فقال : " من عليه أو فاده " قال : وسألت
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن ، قال : " يصنع به ما صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم بأسارى بدر ، يمن عليه أو يفادى به " وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر أنه دفع إليه عظيم من عظماء
إصطخر ليقتله ، فأبى أن يقتله وتلا قوله :
فإما منا بعد وإما فداء . وروي أيضا عن
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد nindex.php?page=showalam&ids=16972ومحمد بن سيرين كراهة قتل الأسير ، وقد روينا عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي أن قوله :
فإما منا بعد وإما فداء منسوخ بقوله :
فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وروي مثله عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، حدثنا
جعفر قال : حدثنا
جعفر قال : حدثنا
أبو عبيد قال : حدثنا
حجاج عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج قال : " هي منسوخة " وقال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=104956قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم عقبة بن أبي معيط يوم بدر صبرا قال
nindex.php?page=showalam&ids=11943أبو بكر : اتفق فقهاء الأمصار على جواز قتل الأسير لا نعلم بينهم خلافا فيه ، وقد تواترت الأخبار عن النبي صلى الله عليه وسلم في قتله الأسير ، منها قتله
عقبة بن أبي معيط والنضر بن الحارث بعد الأسر يوم
بدر ، وقتل يوم
أحد أبا عزة الشاعر بعدما أسر ، وقتل
[ ص: 270 ] بني قريظة بعد نزولهم على حكم
nindex.php?page=showalam&ids=307سعد بن معاذ .
فحكم فيهم بالقتل وسبي الذرية ومن على
الزبير بن باطا من بينهم ، وفتح
خيبر بعضها صلحا وبعضها عنوة ، وشرط على
ابن أبي الحقيق أن لا يكتم شيئا فلما ظهر على خيانته وكتمانه قتله ، وفتح
مكة وأمر بقتل
هلال بن خطل ومقيس بن صبابة وعبد الله بن سعد بن أبي سرح وآخرين وقال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=886737اقتلوهم ، وإن وجدتموهم متعلقين بأستار الكعبة ومن على أهل
مكة ولم يغنم أموالهم .
وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=16214صالح بن كيسان عن
محمد بن عبد الرحمن عن أبيه
nindex.php?page=showalam&ids=38عبد الرحمن بن عوف أنه سمع
nindex.php?page=showalam&ids=1أبا بكر الصديق يقول : " وددت أني يوم أتيت بالفجاءة لم أكن أحرقته وكنت قتلته صريحا أو أطلقته نجيحا " وعن
nindex.php?page=showalam&ids=110أبي موسى أنه قتل دهقان السوس بعدما أعطاه الأمان على قوم سماهم ونسي نفسه فلم يدخلها في الأمان فقتله فهذه آثار متواترة عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن الصحابة في جواز قتل الأسير وفي استبقائه واتفق فقهاء الأمصار على ذلك ، وإنما اختلفوا في فدائه ، فقال أصحابنا جميعا : " يفادى الأسير بالمال
ولا يباع السبي من أهل الحرب فيردوا حربا " وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة : لا يفادون بأسرى المسلمين أيضا ولا يردون حربا أبدا " وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبو يوسف nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد : " لا بأس أن
يفادى أسرى المسلمين بأسرى المشركين " ، وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي : " لا بأس ببيع السبي من أهل الحرب ولا يباع الرجال إلا أن يفادى بهم المسلمون " وقال
المزني عن
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : " للإمام أن يمن على الرجال الذين ظهر عليهم أو يفادي بهم " فأما المجيزون للفداء بأسرى المسلمين وبالمال فإنهم احتجوا بقوله :
فإما منا بعد وإما فداء وظاهره يقتضي جوازه بالمال وبالمسلمين ، وبأن النبي صلى الله عليه وسلم
nindex.php?page=hadith&LINKID=5502فدى أسارى بدر بالمال ويحتجون للفداء بالمسلمين بما روى
nindex.php?page=showalam&ids=16418ابن المبارك عن
nindex.php?page=showalam&ids=17124معمر عن
أيوب عن
أبي قلابة عن
أبي المهلب عن
nindex.php?page=showalam&ids=40عمران بن حصين قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=699893أسرت ثقيف رجلين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وأسر أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم رجلا من بني عامر بن صعصعة ، فمر به على النبي صلى الله عليه وسلم وهو موثق ، فأقبل إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : علام أحبس ؟ قال : بجريرة حلفائك فقال الأسير : إني مسلم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : لو قلتها وأنت تملك أمرك لأفلحت كل الفلاح ثم مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم فناداه أيضا ، فأقبل فقال : إني جائع فأطعمني فقال النبي صلى الله عليه وسلم : هذه حاجتك ، ثم
nindex.php?page=hadith&LINKID=76271إن النبي صلى الله عليه وسلم فداه بالرجلين اللذين كانت ثقيف أسرتهما .
وروى
ابن علية عن
أيوب عن
أبي قلابة عن
أبي المهلب عن
nindex.php?page=showalam&ids=40عمران بن حصين :
nindex.php?page=hadith&LINKID=663863أن النبي صلى الله عليه وسلم فدى رجلين من المسلمين برجل من المشركين من بني عقيل ولم يذكر
[ ص: 271 ] إسلام الأسير ، وذكره في الحديث الأول ولا خلاف أنه لا يفادى الآن على هذا الوجه ؛ لأن المسلم لا يرد إلى أهل الحرب ، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم شرط في صلح
الحديبية لقريش أن من جاء منهم مسلما رده عليهم ، ثم نسخ ذلك ونهى النبي صلى الله عليه وسلم عن
الإقامة بين أظهر المشركين وقال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=6964أنا بريء من كل مسلم مع مشرك - وقال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=888373من أقام بين أظهر المشركين فقد برئت منه الذمة .
وأما ما في الآية من ذكر المن أو الفداء وما روي في أسارى بدر ، فإن ذلك منسوخ بقوله :
فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم وقد روينا ذلك عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي nindex.php?page=showalam&ids=13036وابن جريج وقوله تعالى :
قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر إلى قوله تعالى :
حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون فتضمنت الآيتان وجوب
القتال للكفار حتى يسلموا أو يؤدوا الجزية ، والفداء بالمال أو بغيره ينافي ذلك ولم يختلف أهل التفسير ونقلة الآثار أن سورة براءة بعد سورة محمد صلى الله عليه وسلم فوجب أن يكون الحكم المذكور فيها ناسخا للفداء المذكور في غيرها .
قوله تعالى :
حتى تضع الحرب أوزارها قال
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن : " حتى يعبد الله ولا يشرك به غيره " وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير : " خروج
عيسى ابن مريم عليه السلام فيكسر الصليب ويقتل الخنزير ويلقى الذئب الشاة فلا يعرض لها ولا تكون عداوة بين اثنين " وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14888الفراء : " آثامها وشركها حتى لا يكون إلا مسلم أو مسالم " قال
nindex.php?page=showalam&ids=11943أبو بكر : فكأن معنى الآية على هذا التأويل إيجاب القتال إلى أن لا يبقى من يقاتل .