باب لزوم صوم التطوع بالدخول فيه قوله عز وجل :
ثم أتموا الصيام إلى الليل يدل على أن من دخل في صوم التطوع لزمه إتمامه ؛ وذلك لأن قوله :
أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم عام في سائر الليالي التي يريد الناس الصوم في صبيحتها ، وغير جائز الاقتصار به على ليالي صيام رمضان دون
[ ص: 291 ] غيره لما فيه من تخصيص العموم بلا دلالة ، ولما كان حكم اللفظ مستعملا في إباحة الأكل والشرب في ليالي صوم التطوع ثبت أنها مرادة باللفظ ، فإذا كان كذلك ثم عطف عليه قوله :
ثم أتموا الصيام إلى الليل اقتضى ذلك لزوم إتمام الصوم الذي صح له الدخول فيه تطوعا كان ذلك الصوم أو فرضا ، وأمر الله تعالى على الوجوب فغير جائز لأحد دخل في صوم التطوع أو الفرض الخروج منه بغير عذر ؛ وإذا لزم المضي فيه وإتمامه بظاهر الآية فقد صح عليه وجوبه ، ومتى أفسده لزمه قضاؤه كسائر الواجبات .
فإن قيل : قد روي أن الآية نزلت في صوم الفرض ، فوجب أن يكون مقصور الحكم عليه ، قيل له : نزول الآية على سبب لا يمنع عندنا اعتبار عموم اللفظ ؛ لأن الحكم عندنا للفظ لا للسبب ، ولو كان الحكم في ذلك مقصورا على السبب لوجب أن يكون خاصا في الذين اختانوا أنفسهم منهم ، فلما اتفق الجميع على عموم الحكم فيهم وفي غيرهم ممن ليس في مثل حالهم ، دل ذلك على أن الحكم غير مقصور على السبب وأنه عام في سائر الصيام كهو في سائر الناس في صوم رمضان .
فصح بما وصفنا وجه الاستدلال بقوله تعالى :
ثم أتموا الصيام إلى الليل على لزوم الصوم بالدخول فيه ، وقد اختلف الفقهاء في ذلك ، فقال
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=14954وأبو يوسف nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد nindex.php?page=showalam&ids=15922وزفر : " من دخل في صيام التطوع أو صلاة التطوع فأفسده أو عرض له فيه ما يفسده فعليه القضاء " وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي إذا أفسده وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14117الحسن بن صالح : " إذا دخل في صلاة التطوع فأقل ما يلزمه ركعتان " .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : " إن أفسده هو فعليه القضاء " ولو طرأ عليه ما أخرجه منه فلا قضاء عليه " وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رحمه الله : " إن أفسده ما دخل فيه تطوع فلا قضاء عليه " وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر مثل قولنا ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=13433عبد الباقي بن قانع قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15541بشر بن موسى قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16000سعيد بن منصور قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17249هشيم قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16542عثمان البتي عن
nindex.php?page=showalam&ids=12336أنس بن سيرين قال صمت يوما فأجهدت فأفطرت فسألت
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر فأمراني أن أصوم يوما مكانه .
وروى
طلحة بن يحيى عن
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد قال : " هو بمنزلة الصدقة يخرجها الرجل من ماله فإن شاء أمضاها وإن شاء أمسكها " ولم يختلفوا في الحج والعمرة إذا أحرم بهما تطوعا ثم أفسدهما أن عليه قضاءهما ، وإن أحصر فيهما فقد اختلف الناس فيه أيضا ، فقال أصحابنا ومن تابعهم : " عليه القضاء " وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي : " لا قضاء عليه " وما قدمنا من دلالة قوله :
ثم أتموا الصيام إلى الليل يوجب القضاء ، سواء خرج منه بعذر أو بغير
[ ص: 292 ] عذر ؛ لأن الآية قد اقتضت الإيجاب بالدخول ، وإذا وجب لم يختلف حكمه في إيجاب القضاء إذا كان خروجه بعذر أو بغير عذر كسائر ما أوجبه الله عليه من صيام أو صلاة أو غيرهما كالنذور ، ونظير هذه الآية في
إيجاب القرب بالدخول فيها قوله تعالى :
وجعلنا في قلوب الذين اتبعوه رأفة ورحمة ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم إلا ابتغاء رضوان الله فما رعوها حق رعايتها والابتداع قد يكون بالفعل وقد يكون بالقول .
ثم ذم تاركي رعايتها بعد الابتداع ، فدل ذلك على أن من ابتدع قربة بالدخول فيها أو بإيجابها بالقول أن عليه إتمامها ؛ لأنه متى قطعها قبل إتمامها فلم يرعها حق رعايتها ، والذم لا يستحق إلا بترك الواجبات فدل ذلك على أن لزومها بالدخول كهو بالنذر والإيجاب بالقول ، ويحتج في مثله أيضا بقوله :
ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا جعله الله مثلا لمن عهد لله عهدا أو حلف بالله ثم لم يف به ويقضيه ؛ وهو عموم في كل من دخل في قربة ، فيكون منهيا عن نقضها قبل إتمامها ؛ لأنه متى نقضها فقد أفسد ما مضى منها بعد تضمن تصحيحها بالدخول فيها ، ويصير بمنزلة ناقضة غزلها بعد فتلها بقواها ، وهذا يوجب أن كل من ابتدأ في حق الله وإن كان متطوعا بديا فعليه إتمامه والوفاء به لئلا يكون بمنزلة ناقضة غزلها .
فإن قيل : إنما هذه الآية فيمن نقض العهد والأيمان بعد توكيدها ؛ لأنه قال تعالى :
وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ثم عطف عليه قوله :
ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة
قيل له : نزولها على سبب لا يمنع اعتبار عموم لفظها ، وقد بينا ذلك في مواضع ، ويدل عليه أيضا قوله تعالى :
ولا تبطلوا أعمالكم وقد علمنا أن أقل ما يصح في الفرض من الصوم يوم كامل ، وفي الصلاة ركعتان ، ولا تصح النوافل ولا تكون قربة إلا حسب موضوعها في الفروض ، بدلالة أنه يحتاج إلى استيفاء شروطها ؛ ألا ترى أن صوم النفل مثل صوم الفرض في لزوم الإمساك عن الجماع والأكل والشرب ؟ وكذلك صلاة التطوع تحتاج من القراءة والطهارة والستر إلى مثل ما شرط في الفروض ، ولما لم يكن في أصل الفرض ركعة واحدة ولا صوم بعض يوم ، وجب أن يكون كذلك حكم النفل ، فمتى دخل في شيء منه ثم أفسده قبل إتمامه فقد أبطله وأبطل ثواب ما فعله منه ؛ وقوله تعالى :
ولا تبطلوا أعمالكم يمنع الخروج منه قبل إتمامه لنهي الله تعالى إياه عن إبطاله ؛ وإذ ألزمه إتمامه فقد وجب عليه قضاؤه إذا خرج منه قبل إتمامه معذورا كان في خروجه أو غير معذور ،
[ ص: 293 ] ويدل عليه من جهة السنة ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم : " أنه نهى عن البتيراء " وهو أن يوتر الرجل بركعة فاقتضى هذا اللفظ إيجاب إتمامه ، وإذا وجب إتمامها فقد لزمته ، فمتى أفسدها أو فسدت عليه بغير اختياره لزمه قضاؤها كسائر الواجبات .
ويدل عليه حديث
الحجاج بن عمرو الأنصاري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=673510من كسر أو عرج فقد حل وعليه الحج من قابل قال
nindex.php?page=showalam&ids=16584عكرمة : فذكرت ذلك
nindex.php?page=showalam&ids=11لابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=3وأبي هريرة فقالا : صدق فصارت رواته عن النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة ، وذلك يدل على معنيين :
أحدهما : إلزامه بالدخول فيه ؛ لأنه لم يفرق بين الفرض والنفل .
والثاني : أنه وإن خرج منه بغير اختيار منه فإن القضاء واجب عليه ، ويدل عليه أيضا ما حدثنا
محمد بن بكر قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12265أحمد بن صالح قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16472عبد الله بن وهب قال : أخبرني
nindex.php?page=showalam&ids=15784حيوة بن شريح عن
ابن الهاد عن
زميل مولى
nindex.php?page=showalam&ids=16561عروة عن
nindex.php?page=showalam&ids=16561عروة بن الزبير عن
nindex.php?page=hadith&LINKID=674024 nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة قالت : أهدي لي nindex.php?page=showalam&ids=41ولحفصة طعام ، وكنا صائمتين فأفطرنا ، ثم دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلنا : يا رسول الله أهديت لنا هدية فاشتهيناها فأفطرنا ، فقال : لا عليكما صوما مكانه يوما آخر وهذا يدل على وجوب القضاء في التطوع ؛ لأنه لم يسألهما عن جهة صومهما ، وحدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=13433عبد الباقي بن قانع قال : حدثنا
إبراهيم بن عبد الله قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15020القعنبي قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12عبد الله بن عمر عن
nindex.php?page=showalam&ids=12300ابن شهاب عن
nindex.php?page=showalam&ids=16561عروة عن
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة أنها قالت :
nindex.php?page=hadith&LINKID=912231أصبحت أنا nindex.php?page=showalam&ids=41وحفصة صائمتين متطوعتين ، فأهدي لنا طعام فأفطرنا ، فسألت nindex.php?page=showalam&ids=41حفصة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : اقضيا يوما مكانه .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13433عبد الباقي : وحدثنا
عبد الله بن أسيد الأصبهاني الأكبر قال : حدثنا
أزهر بن جميل قال : حدثنا
أبو همام محمد بن الزبرقان ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12عبد الله بن عمر ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري عن
nindex.php?page=showalam&ids=16561عروة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة نحوه قال
nindex.php?page=showalam&ids=13433عبد الباقي : وحدثنا
إسحاق قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15020القعنبي عن
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك عن
nindex.php?page=showalam&ids=12300ابن شهاب عن
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري : أن
nindex.php?page=showalam&ids=41حفصة nindex.php?page=showalam&ids=25وعائشة ؛ وذكر نحوه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=663037اقضيا مكانه يوما ، وأصحاب الحديث يتكلمون في إسناد هذا الحديث بأشياء يطعنون بها فيه .
أحدها : ما حدثنا به
nindex.php?page=showalam&ids=13433عبد الباقي بن قانع قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15541بشر بن موسى قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=14171الحميدي قال : سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان يحدثه عن
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري فقيل
nindex.php?page=showalam&ids=12300للزهري : هو من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=16561عروة ؟ فقال
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري : ليس هو من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=16561عروة قال
nindex.php?page=showalam&ids=14171الحميدي : وأخبرني غير واحد عن
nindex.php?page=showalam&ids=17124معمر أنه قال : لو كان من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري ما نسيته .
وهذا الذي ذكروه لا يبطله عندنا ؛ لأنه جائز أن يريد
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري بذلك أنه لم يسمعه من
nindex.php?page=showalam&ids=16561عروة وسمعه من غير
nindex.php?page=showalam&ids=16561عروة ؛ وأكثر أحواله أن يكون مرسلا عن
[ ص: 294 ] nindex.php?page=showalam&ids=16561عروة .
وإرساله لا يفسده عندنا ، وأما قول
nindex.php?page=showalam&ids=17124معمر " لو كان من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري ما نسيته " فليس بشيء ؛ لأن النسيان جائز عليه في حديث
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري كجوازه في حديث غيره ، وأكثر أحواله أن لا يكون
nindex.php?page=showalam&ids=17124معمر قد سمعه من
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري ، وغير
معمر قد سمعه من
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري ورواه عنه ، فلا يفسده أن لا يكون
nindex.php?page=showalam&ids=17124معمر قد رواه عنه .
وقد رواه
زميل مولى
nindex.php?page=showalam&ids=16561عروة عن
nindex.php?page=showalam&ids=16561عروة ، ويطعنون فيه أيضا بما ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج أنه قال
nindex.php?page=showalam&ids=12300للزهري في هذا الحديث : أسمعته من
nindex.php?page=showalam&ids=16561عروة ؟ قال : إنما أخبرنا به رجل بباب
عبد الملك ، وروي في غير هذا الحديث أن الرجل
سليمان بن أرقم ، وكيفما تصرفت به الحال فليس فيه ما يفسده على مذهب الفقهاء ؛ وما يعترض به أصحاب الحديث من مثل هذا لا يفسد الحديث ولا يقدح فيه عندهم ، وقد روى أيضا
nindex.php?page=showalam&ids=15822خصيف عن
nindex.php?page=showalam&ids=16584عكرمة عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس :
nindex.php?page=hadith&LINKID=707806أن nindex.php?page=showalam&ids=41حفصة nindex.php?page=showalam&ids=25وعائشة أصبحتا صائمتين ، فأهدي لهم طعام ، فأفطرتا ، فأمرهما النبي صلى الله عليه وسلم أن تقضيا يوما مكانه . وحدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=13433عبد الباقي قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16408عبد الله بن أحمد بن حنبل قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16984محمد بن عباد قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15667حاتم بن إسماعيل عن
أبي حمزة عن
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن عن
nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الخدري :
nindex.php?page=hadith&LINKID=100116أن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة nindex.php?page=showalam&ids=41وحفصة أصبحتا صائمتين ، فأهدي لهما طعام ، فدخل النبي صلى الله عليه وسلم وهما تأكلان فقال : ألم تصبحا صائمتين ؟ قالتا : بلى قال : اقضيا يوما مكانه ولا تعودا .
وقد روي من طريق آخر ، وهو ما حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=13433عبد الباقي قال : حدثنا
إسماعيل بن الفضل بن موسى قال : حدثنا
حرملة قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15627جرير بن حازم عن
nindex.php?page=showalam&ids=17316يحيى بن سعيد عن
nindex.php?page=showalam&ids=16561عروة عن
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة قالت :
nindex.php?page=hadith&LINKID=912231أصبحت أنا nindex.php?page=showalam&ids=41وحفصة صائمتين متطوعتين ، فأهدي إلينا طعام ، فأعجبنا فأفطرنا ، فلما جاء النبي صلى الله عليه وسلم بدرتني nindex.php?page=showalam&ids=41حفصة فسألته وهي ابنة أبيها فقال صلى الله عليه وسلم : صوما يوما مكانه وروى
الحجاج بن أرطاة عن
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري عن
nindex.php?page=showalam&ids=16561عروة عن
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة مثل ذلك . وقد روى
nindex.php?page=showalam&ids=16524عبيد الله بن عمر عن
nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع عن
nindex.php?page=showalam&ids=12عبد الله بن عمر هذه القصة وذكر نحوها إلا أنه لم يذكر تطوعا ، فهذه آثار مستفيضة قد رويت من طرق ، في بعضها أنهما أصبحتا صائمتين متطوعتين ، وفي بعضها لم يذكر التطوع
، وفي كلها الأمر بالقضاء ، ويدل على وجوب القضاء ما حدثنا
محمد بن بكر قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17072مسدد قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16753عيسى بن يونس قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17240هشام بن حسان عن
nindex.php?page=showalam&ids=16972محمد بن سيرين عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=673955من ذرعه قيء وهو صائم فليس عليه قضاء وإن استقاء فليقض وفي هذا الحديث ما يوجب القضاء على الصائم إذا استقاء عمدا ؛ لأنه صلى الله عليه وسلم لم يفرق بين المتنفل وبين من يصوم فرضا .
[ ص: 295 ] ويدل عليه من جهة النظر اتفاق الجميع على أن المتصدق بصدقة تطوعا إذا قبضها من تصدق بها عليه لا يرجع فيها ؛ لما فيه من إبطال القربة التي حصلت له بها ، فكذلك الداخل في صلاة أو صوم تطوعا غير جائز له الخروج منها قبل إتمامها ، لما فيه من إبطال ما تقدم منه ، فهو بمنزلة الصدقة المقبوضة .
فإن قيل : هو بمنزلة الصدقة التي لم تقبض ؛ لأنه إنما امتنع من فعل باقي أجزاء الصلاة والصوم بمنزلة الممتنع من تسليم الصدقة ، قيل له : لو لم يكن إلا كذلك لكان كما ذكرت ، لكنه لما كان في الخروج منه قبل إتمامه إبطال ما تقدم لم يكن له سبيل إلى ذلك ، ومتى فعله لزمه القضاء ؛ ألا ترى أنه لا يصح صوم بعض النهار دون بعض وأن من أكل في أول النهار لا يصح له صوم بقيته ؟ وكذلك من صام أوله ثم أفطر في باقيه فقد أخرج نفسه من حكم صوم ذلك اليوم رأسا وأبطل به حكم ما فعله كالراجع في الصدقة المقبوضة ، فصار كما إذا رجع في صدقة مقبوضة لزمه ردها إلى المتصدق بها عليه .
ويدل عليه أيضا اتفاق الجميع على أن المحرم بحج أو عمرة تطوعا متى أفسده لزمه القضاء وكان الدخول فيه بمنزلة الإيجاب بالقول ،
فإن قيل : إنما لزمه القضاء لأن فساده لا يخرجه منه ، وليس ذلك كسائر القرب من الصلاة والصوم ؛ إذ هو يخرج منهما بالإفساد ، قيل له : هذا الفرق لا يمنع تساويهما في جهة الإيجاب بالدخول ، ولا يخلو هذا المحرم من أن يكون قد لزمه الإحرام بالدخول ووجب عليه إتمامه أو لم يلزمه ، فإن كان قد لزمه إتمامه فالواجب عليه القضاء سواء أحصر أو أفسده بفعله ؛ لأن ما قد وجب لا يختلف حكمه في وقوع الفساد فيه بفعله أو غير فعله مثل النذر وحجة الإسلام .
فمتى اتفقنا على أنه متى أفسده لزمه قضاؤه وجب أن يكون ذلك حكمه إذا أحصر وتعذر فعله من غير جهته كسائر الواجبات ، وعلى أن السنة قد قضت ببطلان قول الخصم ، وهو قول النبي صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=673510من كسر أو عرج فقد حل وعليه الحج من قابل فأوجب عليه القضاء مع وقوع المنع من قبل غيره ، وإذا ثبت ذلك في الحج والعمرة وجب مثله في سائر القرب التي شرط صحتها إتمامها وكان بعضها منوطا ببعض ، وذلك مثل الصلاة والصيام ويجب أن لا يختلف في وجوب قضائه حكم خروجه منها بفعله أو غير فعله كما في سائر الواجبات ، واحتج من خالف في ذلك بحديث
nindex.php?page=showalam&ids=94أم هانئ حين
nindex.php?page=hadith&LINKID=706519ناولها النبي صلى الله عليه وسلم سؤره فشربته ثم قالت : إني كنت صائمة وكرهت أن أرد سؤرك ؛ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : إن كان من قضاء رمضان فاقضي يوما مكانه ، وإن كان تطوعا فإن شئت [ ص: 296 ] فاقضي وإن شئت فلا تقضي ، وهذا حديث مضطرب السند والمتن جميعا ، فأما اضطراب سنده فإن
nindex.php?page=showalam&ids=16052سماك بن حرب يرويه مرة عمن سمع
nindex.php?page=showalam&ids=94أم هانئ ، ومرة يقول
هارون ابن أم هانئ أو ابن ابنة
nindex.php?page=showalam&ids=94أم هانئ ، ومرة يرويه عن ابني
nindex.php?page=showalam&ids=94أم هانئ ، ومرة عن ابن
nindex.php?page=showalam&ids=94أم هانئ قال : أخبرني أهلنا . ومثل هذا الاضطراب في الإسناد يدل على قلة ضبط رواته ، وأما اضطراب المتن فمن قبل ما حدثنا
محمد بن بكر قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16544عثمان بن أبي شيبة قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15628جرير بن عبد الحميد عن
nindex.php?page=showalam&ids=17347يزيد بن أبي زياد عن
عبد الله بن الحارث عن
nindex.php?page=showalam&ids=94أم هانئ قالت : لما كان يوم الفتح فتح
مكة جاءت
nindex.php?page=showalam&ids=129فاطمة فجلست عن يسار رسول الله صلى الله عليه وسلم
nindex.php?page=showalam&ids=94وأم هانئ عن يمينه ، قال : فجاءت
الوليدة بإناء فيه شراب فناولته ، فشرب منه ثم ناوله
nindex.php?page=showalam&ids=94أم هانئ ، فشربت منه ثم قالت : يا رسول الله أفطرت وكنت صائمة فقال لها : " أكنت تقضين شيئا ؟ " قالت : لا قال : " فلا يضرك إن كان تطوعا " . فذكر في هذا الحديث أنه قال : " لا يضرك " وليس في ذلك نفي لوجوب القضاء ؛ لأنا كذلك نقول إنه لم يضرها ؛ لأنها لم تعلم أنه لا يجوز لها الإفطار ، أو علمت ذلك ورأت اتباع النبي صلى الله عليه وسلم بالشرب ، والإفطار أولى من المضي فيه
وحدثنا
عبد الله بن جعفر بن أحمد بن فارس قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17417يونس بن حبيب قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=14724أبو داود الطيالسي قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة قال : أخبرني
جعدة رجل من
قريش وهو ابن
nindex.php?page=showalam&ids=94أم هانئ وكان
nindex.php?page=showalam&ids=16052سماك بن حرب يحدثه يقول : أخبرني ابنا
nindex.php?page=showalam&ids=94أم هانئ قال
nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة : فلقيت أنا أفضلهما
جعدة فحدثني عن
nindex.php?page=showalam&ids=94أم هانئ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=706503أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل عليها ، فناولته شرابا فشرب ، ثم ناولها فشربت ، فقالت : يا رسول الله إني كنت صائمة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الصائم المتطوع أمين نفسه أو أمير نفسه إن شاء صام وإن شاء أفطر فقلت
لجعدة : سمعته أنت من
nindex.php?page=showalam&ids=94أم هانئ ؟ فقال : أخبرني أهلنا
nindex.php?page=showalam&ids=12047وأبو صالح مولى
nindex.php?page=showalam&ids=94أم هانئ عن
nindex.php?page=showalam&ids=94أم هانئ ، ورواه
nindex.php?page=showalam&ids=16052سماك عمن سمع
nindex.php?page=showalam&ids=94أم هانئ ، وذكر فيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=706962المتطوع بالخيار إن شاء صام وإن شاء أفطر .
وروى
nindex.php?page=showalam&ids=16052سماك عن
هارون ابن أم هانئ عن
nindex.php?page=showalam&ids=94أم هانئ ، وقال فيه :
nindex.php?page=hadith&LINKID=706518إن كان من قضاء رمضان فصومي يوما مكانه ، وإن كان تطوعا فإن شئت فصومي وإن شئت فأفطري ، ولم يذكر في شيء من هذه الأخبار نفي القضاء ، وإنما ذكر فيه أن الصائم بالخيار وأنه أمين نفسه وأن له أن يفطر في التطوع ، ولم يقل : لا قضاء عليك ، وهذا الاختلاف في متنه يدل على أنه غير مضبوط ، ولو ثبتت هذه الألفاظ لم يكن فيها ما ينفي وجوب القضاء ؛ لأن أكثر ما فيها إباحة الإفطار ، وإباحة الإفطار
[ ص: 297 ] لا تدل على سقوط القضاء .
وقوله :
nindex.php?page=hadith&LINKID=663034الصائم أمين نفسه ، والصائم بالخيار جائز أن يريد به من أصبح ممسكا عما يمسك عنه الصائم من غير نية للصوم أنه بالخيار في أن ينوي صوم التطوع أو يفطر ؛ والممسك عما يمسك عنه الصائم يسمى صائما كما قال صلى الله عليه وسلم يوم عاشوراء :
nindex.php?page=hadith&LINKID=65290من أكل فليصم بقية يومه ومراده الإمساك عما يمسك عنه الصائم ، كذلك قوله :
nindex.php?page=hadith&LINKID=706962الصائم بالخيار ، والصائم أمين نفسه هو على هذا المعنى .
فإن وجد في بعض ألفاظ هذا الحديث
nindex.php?page=hadith&LINKID=706519فإن شئت فاقضي وإن شئت فلا تقضي فإنما هو تأويل من الراوي لقوله :
nindex.php?page=hadith&LINKID=706518لا يضرك ، وإن شئت فأفطري ، والصائم بالخيار ، وإذا كان كذلك لم يثبت نفي القضاء بما ذكرت ، على أنه لو ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم نفي إيجاب القضاء من غير احتمال التأويل مع صحة السند واتساق المتن ، لكانت الأخبار الموجبة للقضاء أولى من وجوه :
أحدها أنه متى ورد خبران أحدهما مبيح والآخر حاظر كان خبر الحظر أولى بالاستعمال ، وخبرنا حاظر لترك القضاء ، وخبرهم مبيح ، فكان خبرنا أولى من هذا الوجه ، ومن جهة أخرى أن الخبر النافي للقضاء وارد على الأصل ، والخبر الموجب له ناقل عنه ، والخبر الناقل أولى ؛ لأنه في المعنى وارد بعده كأنه قد علم تاريخه ، ومن جهة أخرى ، وهو أن ترك الواجب يستحق به العقاب وفعل المباح لا يستحق به العقاب ، فكان استعمال خبر الوجوب أولى من خبر النفي ، ومما يعارض خبر
nindex.php?page=showalam&ids=94أم هانئ في إباحة الإفطار ، ما حدثنا
محمد بن بكر قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود قال : حدثنا
عبد الله بن سعيد قال : حدثنا
أبو خالد عن
هشام عن
nindex.php?page=showalam&ids=16972ابن سيرين عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=659592إذا دعي أحدكم فليجب ، فإن كان مفطرا فليطعم ، وإن كان صائما فليصل ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود رواه
nindex.php?page=showalam&ids=15730حفص بن غياث أيضا ، وحدثنا
محمد بن بكر قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17072مسدد قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان عن
nindex.php?page=showalam&ids=11863أبي الزناد عن
nindex.php?page=showalam&ids=13723الأعرج عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=658948إذا دعي أحدكم إلى طعام وهو صائم فليقل إني صائم فهذان خبران يحظران على الصائم الإفطار من غير عذر ، ولم يفرق النبي صلى الله عليه وسلم بين الصائم تطوعا أو من فرض ، ألا ترى أنه قال في الخبر الأول :
nindex.php?page=hadith&LINKID=9968وإن كان صائما فليصل والصلاة تنافي الإفطار ؟ وفرق أيضا بين المفطر والصائم ؛ فلو جاز للصائم الإفطار لقال : فليأكل .
فإن قيل : إنما أراد بالصلاة الدعاء والدعاء لا ينافي الأكل ، قيل له : بل هو على الصلاة المعهودة عند الإطلاق ، وهي التي بركوع وسجود ، وصرفه إلى الدعاء غير جائز إلا بدلالة ، فلو كان المراد الدعاء
[ ص: 298 ] لكانت دلالته قائمة على أنه لا يفطر حين فرق بين المفطر والصائم بما ذكرنا ، وقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث :
nindex.php?page=hadith&LINKID=651761فليقل : إني صائم يدل على أن الصوم يمنعه من الأكل .
وقد علمنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قد جعل إجابة الدعوة من حق المسلم كالسلام وعيادة المريض وشهود الجنازة ، فلما منعه الإجابة وقال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=651761فليقل إني صائم دل ذلك على حظر الإفطار في سائر الصيام من غير عذر .
فإن قيل : قد روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=4أبي الدرداء nindex.php?page=showalam&ids=36وجابر " أنهما كانا لا يريان بالإفطار في صيام التطوع بأسا " وأن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب دخل المسجد فصلى ركعة ثم انصرف ، فتبعه رجل فقال : يا أمير المؤمنين صليت ركعة واحدة فقال : " هو التطوع ، فمن شاء زاد ومن شاء نقص " ، قيل له : قد روينا عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر إيجاب القضاء على من أفطر في صيام التطوع ، وأما ما روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=4أبي الدرداء nindex.php?page=showalam&ids=36وجابر فليس فيه نفي القضاء وإنما فيه إباحة الإفطار .
وحديث
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر يحتمل أن يريد به من دخل في صلاة يظن أنها عليه ثم ذكر أنها ليست عليه أنها تكون تطوعا وجائز أن يقطعها ، ولم يجب عليه القضاء ، وقد روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود أنه قال : " ما أجزأت ركعة قط "
فإن قيل : قوله تعالى :
فاقرءوا ما تيسر من القرآن يدل على جواز الاقتصار على ركعة ، قيل له : إنما ذلك تخييرا في القراءة لا في ركعات الصلاة ، والتخيير فيها لا يوجب تخييرا في سائر أركانها ، فلا دلالة في ذلك على حكم الركعات ؛ وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : " عليه في الأضحية البدل إذا استهلكها فيلزمه مثله في سائر القرب " .
ومن دلالات قوله تعالى :
ثم أتموا الصيام إلى الليل على الأحكام : أن
من أصبح مقيما صائما ثم سافر أنه لا يجوز له الإفطار في يومه ذلك ، بدلالة ظاهر قوله :
ثم أتموا الصيام إلى الليل ولم يفرق بين من سافر بعد الدخول في الصوم وبين من أقام .
وفيه الدلالة على أن
من أكل بعد طلوع الفجر وهو يظن أن عليه ليلا ، أو أكل قبل غروب الشمس وهو يرى أن الشمس قد غابت ، ثم تبين أن عليه القضاء ، لقوله :
ثم أتموا الصيام إلى الليل وهذا لم يتم الصيام ؛ لأن الصيام هو الإمساك عن الأكل والشرب والجماع وهو لم يمسك ، فليس هو إذا صائم .
وقد اختلف
السلف في ذلك ، فقال
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد nindex.php?page=showalam&ids=11867وجابر بن زيد والحكم : " إن صومه تام ولا قضاء عليه " هذا في المتسحر الذي يظن أن عليه ليلا ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد : " لو ظن أن الشمس قد غابت فأفطر ثم علم أنها لم تغب كان عليه القضاء " فرق بين المتسحر وبين من أكل قبل غروب الشمس على ظن منه ثم علم ؛ قال : لأن الله تعالى قال :
حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر فما لم يتبين فالأكل
[ ص: 299 ] له مباح ، فلا قضاء عليه فيما أكل قبل أن يتبين له طلوع الفجر ، وأما الذي أفطر على ظن منه بغيبوبة الشمس فقد كان صومه يقينا ، فلم يكن جائزا له الإفطار حتى يتبين له غروب الشمس ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16972محمد بن سيرين nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير وأصحابنا جميعا
nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي : " يقضي في الحالين " إلا أن
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالكا قال في صوم التطوع : " يمضي فيه " وفي الفرض : " يقضي " .
وروى
nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش عن
nindex.php?page=showalam&ids=15950زيد بن وهب ، أن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر أفطر هو والناس في يوم غيم ثم طلعت الشمس فقال : " لا تجانفنا لإثم ، والله لا نقضيه " وروي عنه أنه قال : " الخطب يسير نقضي يوما " .
، وظاهر قوله :
ثم أتموا الصيام إلى الليل يقضي ببطلان صيامه ؛ إذ لم يتممه ؛ ولم تفصل الآية بين من أكل جاهلا بالوقت أو عالما به . فإن قيل : قال الله تعالى :
وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر
فما لم يتبين له ذلك فالأكل له مباح ، قيل له : لا يخلو هذا الأكل من أحد حالين : إما أن يكون ممن أمكنه استبانة طلوع الفجر والوصول إلى علمه من جهة اليقين بأن يكون عارفا به وليس بينه وبينه حائل ، فإن كان كذلك ثم لم يستبن فإن هذا لا يكون إلا من تفريطه في تأمله وترك مراعاته ، ومن كانت هذه حاله فغير جائز له الإقدام على الأكل ، فإذا أكل فقد فعل ما لم يكن له أن يفعله ؛ إذ قد كان في وسعه وإمكانه الوصول إلى اليقين والاستبانة ، ففرط فيه ولم يفعله ، وتفريطه غير مسقط عنه فرض الصوم ، وإن كان هذا الآكل ممن لا يعرف الفجر بصفته ، أو بينه وبينه حائل أو قمر أو ضعف بصر أو نحو ذلك ، فهذا أيضا ممن لا يجوز له العمل على الظن ، بل عليه أن يصير إلى اليقين ولا يأكل وهو شاك ، وإذا كان ذلك على ما وصفنا لم يسقط عنه القضاء بتركه الاحتياط للصوم .
وكذلك من أكل على ظن منه بغيبوبة الشمس في يوم غيم ، فهو بهذه المنزلة بمقتضى ظاهر قوله :
ثم أتموا الصيام إلى الليل
فإن قيل : لم يكلف تبين الفجر عند الله تعالى وإنما كلف ما عنده ، قيل له : إذا أمكنه الوصول إلى معرفة طلوع الفجر الذي هو عند الله فعليه مراعاته ، فمتى لم يكن هناك حائل استحال أن لا يعلمه ، ومع ذلك فإنه إن غفل أبيح له الأكل في حال غفلته ، فإن إباحة الأكل غير مسقطة للقضاء كالمريض والمسافر وهما أصل في ذلك لأنهما معذوران ؛ والذي اشتبه عليه طلوع الفجر أو ظنه قد طلع معذور في الأكل ، والعذر يسقط القضاء بدلالة ما وصفنا .
ويدل عليه اتفاق الجميع أنه لو غم عليهم الهلال في أول ليلة من رمضان فأفطروا ثم علموا بعد ذلك أنه كان
[ ص: 300 ] من رمضان كان عليهم القضاء ، فكذلك من وصفنا أمره ، وكذلك الأسير في دار الحرب إذا لم يعلم بشهر رمضان حتى مضى ثم علم به كان عليه القضاء ، ولم يكن مكلفا في حال الإفطار إلا علمه ، ثم لم يكن جهله بالوقت مسقطا للقضاء ؛ فكذلك
من خفي عليه طلوع الفجر وغروب الشمس .
فإن قيل : هلا كان بمنزلة الناسي في سقوط القضاء ؛ لأنه لم يعلم في حال الأكل بوجوب الصوم عليه قيل له : هذا اعتلال فاسد لوجوده فيمن غم عليه هلال رمضان مع إيجاب الجميع عليه القضاء متى علم أنه من رمضان ، وكذلك الأسير في دار الحرب إذا لم يعلم بالشهر حتى مضى عليه القضاء عند الجميع مع جهله بوجوب الصوم عليه .
وقال أصحابنا في الآكل ناسيا : " القياس أنه يجب القضاء عليه " ولكنهم تركوا القياس للأثر ؛ ولو كان ظاهر الآية ينفي صحة صوم الناسي لأنه لم يتم صومه والله سبحانه قال :
ثم أتموا الصيام إلى الليل والصوم هو الإمساك ولم يوجد منه ذلك ، ألا ترى أنه لو
نسي الصوم رأسا أنه لا خلاف أن عليه القضاء ولم يكن نسيانه مسقطا القضاء عنه " ؟
وحدثنا
محمد بن بكر قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود قال : حدثنا
هارون بن عبد الله ومحمد بن العلاء المعنى قالا : حدثنا
أبو أسامة قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة عن
فاطمة بنت المنذر عن
nindex.php?page=showalam&ids=64أسماء بنت أبي بكر قالت :
nindex.php?page=hadith&LINKID=673935أفطرنا يوما في رمضان في غيم في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم طلعت الشمس قال
أبو أسامة : قلت
لهشام : أمروا بالقضاء ؟ قال : وبد من ذلك .