صفحة جزء
ومن سورة الكوثر

بسم الله الرحمن الرحيم

قوله تعالى : فصل لربك وانحر ؛ قال الحسن : " صلاة يوم النحر ونحر البدن " [ ص: 376 ] وقال عطاء ومجاهد : " صل الصبح بجمع وانحر البدن بمنى " .

قال أبو بكر : وهذا التأويل يتضمن معنيين :

أحدهما : إيجاب صلاة الأضحى ، والثاني : وجوب الأضحية ، وقد ذكرناه فيما سلف .

وروى حماد بن سلمة عن عاصم الجحدري عن أبيه عن علي فصل لربك وانحر قال : وضع اليد اليمنى على الساعد الأيسر ثم وضعه على صدره " .

وروى أبو الجوزاء عن ابن عباس : فصل لربك وانحر قال : " وضع اليمين على الشمال عند النحر في الصلاة " . وروي عن عطاء أنه رفع اليدين في الصلاة . وقال الفراء : " يقال : استقبل القبلة بنحرك " .

فإن قيل : يبطل التأويل الأول حديث البراء بن عازب قال : خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الأضحى إلى البقيع ، فبدأ فصلى ركعتين ، ثم أقبل علينا بوجهه وقال : إن أول نسكنا في يومنا هذا أن نبدأ بالصلاة ثم نرجع فننحر ، فمن فعل ذلك فقد وافق سنتنا ، ومن ذبح قبل ذلك فإنما هو لحم عجله لأهله ليس من النسك في شيء ، فسمى صلاة العيد والنحر سنة ، فدل على أنه لم يؤمر بهما في الكتاب .

قيل له : ليس كما ظننت ؛ لأن ما سنه الله وفرضه فجائز أن نقول : هذا سنتنا وهذا فرضنا كما نقول : هذا ديننا ، وإن كان الله فرضه علينا ، وتأويل من تأوله على حقيقة نحر البدن أولى ؛ لأنه حقيقة اللفظ ولأنه لا يعقل بإطلاق اللفظ غيره ؛ لأن من قال : نحر فلان اليوم ؛ عقل منه نحر البدن ولم يعقل منه وضع اليمين على اليسار ؛ ويدل على أن المراد الأول اتفاق الجميع على أنه لا يضع يده عند النحر .

وقد روي عن علي وأبي هريرة وضع اليمين على اليسار أسفل السرة ، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يضع يمينه على شماله في الصلاة من وجوه كثيرة .

آخر السورة .

التالي السابق


الخدمات العلمية