وقوله تعالى :
وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة قال
nindex.php?page=showalam&ids=11943أبو بكر : قد قيل فيه وجوه :
أحدها ما حدثنا
محمد بن بكر قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود قال : حدثنا
أحمد بن عمرو بن السرح : قال حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب عن
nindex.php?page=showalam&ids=15784حيوة بن شريح ،
nindex.php?page=showalam&ids=16457وابن لهيعة عن
nindex.php?page=showalam&ids=17346يزيد بن أبي حبيب ، عن
أسلم أبي عمران قال : غزونا
بالقسطنطينية وعلى الجماعة
عبد الرحمن بن الوليد والروم ملصوق
[ ص: 327 ] ظهورهم بحائط المدينة ، فحمل رجل على العدو ، فقال الناس : مه مه ، لا إله إلا الله ، يلقي بيديه إلى التهلكة ، فقال
أبو أيوب : إنما نزلت هذه الآية فينا معشر
الأنصار ، لما نصر الله نبيه وأظهر دينه الإسلام قلنا : هلم نقيم في أموالنا ونصلحها ، فأنزل الله تعالى :
وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة فالإلقاء بالأيدي إلى التهلكة أن نقيم في أموالنا فنصلحها وندع الجهاد ؛ قال
أبو عمران : فلم يزل
أبو أيوب يجاهد في سبيل الله حتى دفن
بالقسطنطينية .
فأخبر
أبو أيوب أن الإلقاء بالأيدي إلى التهلكة هو ترك الجهاد في سبيل الله ، وأن الآية في ذلك نزلت . وروي مثله عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس وحذيفة nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد nindex.php?page=showalam&ids=14676والضحاك . وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=48البراء بن عازب nindex.php?page=showalam&ids=16536وعبيدة السلماني : " الإلقاء بالأيدي إلى التهلكة هو اليأس من المغفرة بارتكاب المعاصي " . وقيل : " هو الإسراف في الإنفاق حتى لا يجد ما يأكل ويشرب فيتلف " . وقيل : " هو أن يقتحم الحرب من غير نكاية في العدو " وهو الذي تأوله القوم الذي أنكر عليهم
أبو أيوب وأخبر فيه بالسبب . وليس يمتنع أن يكون جميع هذه المعاني مرادة بالآية لاحتمال اللفظ لها وجواز اجتماعها من غير تضاد ولا تناف فأما حمله على
الرجل الواحد يحمل على حلبة العدو ، فإن
nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد بن الحسن ذكر في السير الكبير أن رجلا لو حمل على ألف رجل وهو وحده لم يكن بذلك بأس إذا كان يطمع في نجاة أو نكاية ، فإن كان لا يطمع في نجاة ولا نكاية فإني أكره له ذلك ؛ لأنه عرض نفسه للتلف من غير منفعة للمسلمين .
وإنما ينبغي للرجل أن يفعل هذا إذا كان يطمع في نجاة أو منفعة للمسلمين ، فإن كان لا يطمع في نجاة ولا نكاية ولكنه يجرئ المسلمين بذلك حتى يفعلوا مثل ما فعل فيقتلون وينكون في العدو فلا بأس بذلك إن شاء الله ؛ لأنه لو كان على طمع من النكاية في العدو ولا يطمع في النجاة لم أر بأسا أن يحمل عليهم ، فكذلك إذا طمع أن ينكى غيره فيهم بحملته عليهم فلا بأس بذلك ، وأرجو أن يكون فيه مأجورا ؛ وإنما يكره له ذلك إذا كان لا منفعة فيه على وجه من الوجوه وإن كان لا يطمع في نجاة ولا نكاية ، ولكنه مما يرهب العدو ، فلا بأس بذلك ؛ لأن هذا أفضل النكاية وفيه منفعة للمسلمين . والذي قال
محمد من هذه الوجوه صحيح لا يجوز غيره ؛ وعلى هذه المعاني يحمل تأويل من تأول في حديث
أبي أيوب أنه ألقى بيده إلى التهلكة بحمله على العدو ؛ إذ لم يكن عندهم في ذلك منفعة ، وإذا كان كذلك فلا ينبغي أن يتلف نفسه من غير منفعة عائدة على الدين ولا على
[ ص: 328 ] المسلمين . فأما إذا كان في تلف نفسه منفعة عائدة على الدين فهذا مقام شريف مدح الله به أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في قوله :
إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلونوقال :
ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون وقال :
ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله في نظائر ذلك من الآي التي مدح الله فيها من بذل نفسه لله .
وعلى ذلك ينبغي أن يكون
حكم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أنه متى رجا نفعا في الدين فبذل نفسه فيه حتى قتل كان في أعلى درجات الشهداء ، قال الله تعالى :
وأمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور وقد روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=16584عكرمة عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=910400أفضل الشهداء nindex.php?page=showalam&ids=135حمزة بن عبد المطلب ورجل تكلم بكلمة حق عند سلطان جائر فقتله .
وروى
nindex.php?page=showalam&ids=44أبو سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=848092أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر . وحدثنا
محمد بن بكر قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود قال : حدثنا
عبد الله بن الجراح ، عن
عبد الله بن يزيد ، عن
موسى بن علي بن رباح ، عن أبيه ، عن
عبد العزيز بن مروان قال : سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=3أبا هريرة يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
nindex.php?page=hadith&LINKID=20536شر ما في الرجل شح هالع وجبن خالع وذم الجبن يوجب مدح الإقدام والشجاعة فيما يعود نفعه على الدين وإن أيقن فيه بالتلف ؛ والله تعالى أعلم بالصواب .