وقوله (تعالى):
إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما ؛ الآية؛ روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير ؛
nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد أنه لما نزلت هذه الآية عزل من كان في حجره يتيم طعامه عن طعامه؛ وشرابه عن شرابه؛ حتى فسد؛ حتى أنزل الله (تعالى)
وإن تخالطوهم فإخوانكم والله يعلم المفسد من المصلح ؛ فرخص لهم في الخلطة على وجه الإصلاح؛ قال
nindex.php?page=showalam&ids=11943أبو بكر : قد خص الله (تعالى) الأكل بالذكر؛ وسائر الأموال؛ غير المأكول منها؛ محظور إتلافه من مال اليتيم؛ كحظر المأكول منه؛ ولكنه خص الأكل بالذكر لأنه أعظم ما يبتغى له الأموال؛ وقد بينا ذلك ونظائره فيما قد سلف؛ وقوله (تعالى):
إنما يأكلون في بطونهم نارا ؛ روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي أن لهب النار يخرج من فمه؛ ومسامعه؛ وأنفه؛ وعينيه؛ يوم القيامة؛ يعرفه من رآه أنه آكل مال اليتيم؛ وقيل: إنه كالمثل; لأنهم يصيرون به إلى جهنم؛ فتمتلئ بالنار أجوافهم؛ ومن جهال الحشو وأصحاب الحديث من يظن أن قوله (تعالى):
إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما ؛ منسوخ بقوله (تعالى):
وإن تخالطوهم فإخوانكم ؛ وقد أثبته بعضهم في الناسخ والمنسوخ؛ لما روي أنه لما نزلت هذه الآية عزلوا طعام اليتيم؛ وشرابه؛ حتى نزل قوله (تعالى):
وإن تخالطوهم فإخوانكم ؛ وهذا القول من قائله يدل على جهله بمعنى النسخ؛ وبما يجوز نسخه مما لا يجوز؛ ولا خلاف بين المسلمين أن
أكل مال اليتيم ظلما محظور؛ وأن الوعيد المذكور في الآية قائم فيه؛ على اختلاف منهم في إلحاق الوعيد به في الآخرة لا محالة؛ أو جواز الغفران؛ فأما النسخ فلا يجيزه عاقل في مثله؛ وجهل هذا الرجل أن الظلم لا تجوز إباحته بحال؛ فلا يجوز نسخ حظره؛ وإنما عزل من كان في حجره يتيم من الصحابة طعامه عن طعامه; لأنه خاف أن يأكل من مال
[ ص: 373 ] اليتيم ما لا يستحقه؛ فتلحقه سمة الظلم؛ ويصير من أهل الوعيد في الآية؛ واحتاطوا بذلك؛ فلما نزل قوله (تعالى):
وإن تخالطوهم فإخوانكم ؛ زال عنهم الخوف في الخلطة؛ بعد أن يقصدوا الإصلاح بها؛ وليس فيه إباحة لأكل مال اليتيم ظلما؛ حتى يكون ناسخا لقوله (تعالى):
إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما ؛ والله أعلم.