قوله تعالى :
حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم إلى آخر الآية . حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=13433عبد الباقي بن قانع قال : حدثنا
محمد بن الفضل بن سلمة قال : حدثنا
سنيد بن داود قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع قال : حدثنا
علي بن صالح عن
nindex.php?page=showalam&ids=16052سماك عن
nindex.php?page=showalam&ids=16584عكرمة عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال : قوله تعالى :
حرمت عليكم أمهاتكم إلى قوله تعالى :
وبنات الأخت قال : حرم الله هذه السبع من النسب ومن الصهر سبع ، ثم قال :
كتاب الله عليكم وأحل لكم ما وراء ذلكم ما وراء هذا النسب ، ثم قال :
وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة إلى قوله تعالى :
والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم يعني السبي .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=11943أبو بكر : قوله :
حرمت عليكم عموم في جميع ما يتناوله الاسم حقيقة ، ولا خلاف أن
الجدات وإن بعدن محرمات ، واكتفى بذكر الأمهات ؛ لأن اسم الأمهات يشملهن كما أن اسم الآباء يتناول الأجداد وإن بعدوا ، وقد عقل من قوله تعالى :
ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء [ ص: 65 ] تحريم ما نكح الأجداد ، وإن كان للجد اسم خاص لا يشاركه فيه الأب الأدنى فإن الاسم العام وهو الأبوة ينتظمهم جميعا ؛ وكذلك قوله تعالى :
وبناتكم قد يتناول
بنات الأولاد وإن سفلن ؛ لأن الاسم يتناولهن كما يتناول اسم الآباء الأجداد ، وقوله تعالى
وأخواتكم وعماتكم وخالاتكم وبنات الأخ وبنات الأخت فأفرد بنات الأخ وبنات الأخت بالذكر ؛ لأن اسم الأخ والأخت لا يتناولهن كما يتناول اسم البنات بنات الأولاد ؛ فهؤلاء
السبع المحرمات بنص التنزيل من جهة النسب .
ثم قال :
وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة وأمهات نسائكم وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف وقال قبل ذلك :
ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء فهؤلاء ،
السبع المحرمات من جهة الصهر . وقد عقل من قوله تعالى :
وبنات الأخ وبنات الأخت من سفل منهن كما عقل من قوله تعالى :
أمهاتكم من علا منهن ؛ ومن قوله تعالى :
وبناتكم من سفل منهن ، وعقل من قوله تعالى :
وعماتكم تحريم عمات الأب والأم . وكذلك قوله تعالى :
وخالاتكم عقل منه
تحريم خالات الأم والأب كما عقل
تحريم أمهات الأب وإن علون .
وخص تعالى العمات والخالات بالتحريم دون أولادهن ، ولا خلاف في جواز
نكاح بنت العمة وبنت الخالة
وقال تعالى :
وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة ومعلوم أن هذه السمة إنما هي مستحقة بالرضاع ، أعني سمة الأمومة والأخوة ؛ فلما علق هذه السمة بفعل الرضاع اقتضى ذلك استحقاق اسم الأمومة والأخوة بوجود الرضاع ، وذلك يقتضي
التحريم بقليل الرضاع لوقوع الاسم عليه .
فإن قيل : قوله تعالى :
وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم بمنزلة قول القائل : وأمهاتكم اللاتي أعطينكم وأمهاتكم اللاتي كسونكم ، فنحتاج إلى أن نثبت أنها أم بهذه الصفة حتى يثبت الرضاع ؛ لأنه لم يقل : واللاتي أرضعنكم أمهاتكم .
قيل له : هذا غلط من قبل أن الرضاع هو الذي يكسبها سمة الأمومة ، فلما كان الاسم مستحقا بوجود الرضاع كان الحكم متعلقا به ، واسم الرضاع في الشرع واللغة يتناول القليل والكثير ، فوجب أن تصير أما بوجود الرضاع لقوله تعالى :
وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وليس كذلك الذي ذكرت من قول القائل وأمهاتكم اللاتي كسونكم ؛ لأن اسم الأمومة غير متعلق
[ ص: 66 ] بوجود الكسوة كتعلقه بوجود الرضاع ، فلذلك احتجنا إلى حصول الاسم والفعل المتعلق به ؛ وكذلك قوله تعالى :
وأخواتكم من الرضاعة يقتضي ظاهره كونها أختا بوجود الرضاع ؛ إذ كان اسم الأخوة مستفادا بوجود الرضاع لا بمعنى آخر سواه . ويدل على أن ذلك مفهوم الخطاب ومقتضى القول ، ما رواه
nindex.php?page=showalam&ids=16505عبد الوهاب بن عطاء عن
أبي الربيع عن
nindex.php?page=showalam&ids=16705عمرو بن دينار قال : جاء رجل إلى
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر فقال : إن
nindex.php?page=showalam&ids=16414ابن الزبير يقول : لا بأس بالرضعة والرضعتين ، فقال
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر : " قضاء الله خير من قضاء
nindex.php?page=showalam&ids=16414ابن الزبير قال الله تعالى :
وأخواتكم من الرضاعة فعقل
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر من ظاهر اللفظ التحريم بقليل الرضاع .
واختلف
السلف ومن بعدهم في التحريم بقليل الرضاع ، فروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر nindex.php?page=showalam&ids=8وعلي nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن nindex.php?page=showalam&ids=15990وسعيد بن المسيب nindex.php?page=showalam&ids=16248وطاوس nindex.php?page=showalam&ids=12354وإبراهيم nindex.php?page=showalam&ids=12300والزهري nindex.php?page=showalam&ids=14577والشعبي : " قليل الرضاع وكثيره يحرم في الحولين " وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=14954وأبي يوسف nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد nindex.php?page=showalam&ids=15922وزفر nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي nindex.php?page=showalam&ids=15124والليث قال
nindex.php?page=showalam&ids=15124الليث : " اجتمع المسلمون على أن قليل الرضاع وكثيره يحرم في المهد ما يفطر الصائم " . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16414ابن الزبير nindex.php?page=showalam&ids=19والمغيرة بن شعبة nindex.php?page=showalam&ids=47وزيد بن ثابت : " لا تحرم الرضعة ولا الرضعتان " . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : " لا يحرم من الرضاع إلا خمس رضعات متفرقات " .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=11943أبو بكر : وقد ذكرنا في سورة البقرة الكلام في
مدة الرضاع والاختلاف فيها ، وقد قدمنا ذكر دلالة الآية على إيجاب التحريم بقليل الرضاع ، وغير جائز لأحد إثبات تحديد الرضاع الموجب للتحريم إلا بما يوجب العلم من كتاب أو سنة منقولة من طريق التواتر ، ولا يجوز قبول أخبار الآحاد عندنا في تخصيص حكم الآية الموجبة للتحريم بقليل الرضاع ؛ لأنها آية محكمة ظاهرة المعنى بينة المراد لم يثبت خصوصها بالاتفاق ، وما كان هذا وصفه فغير جائز تخصيصه بخبر الواحد ولا بالقياس . ويدل عليه من جهة السنة قول النبي صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=12433إنما الرضاعة من المجاعة رواه
nindex.php?page=showalam&ids=17073مسروق عن
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم ؛ ولم يفرق بين القليل والكثير ، فهو محمول عليهما جميعا .
ويدل عليه أيضا ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من جهة التواتر والاستفاضة أنه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=43700يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب رواه
nindex.php?page=showalam&ids=8علي nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=25وعائشة nindex.php?page=showalam&ids=41وحفصة عن النبي صلى الله عليه وسلم وتلقاه أهل العلم بالقبول والاستعمال ؛ فلما حرم النبي صلى الله عليه وسلم من الرضاع ما يحرم من النسب وكان معلوما أن النسب متى ثبت من وجه أوجب التحريم وإن لم يثبت من وجه آخر ، كذلك الرضاع يجب أن يكون هذا حكمه في إيجاب
[ ص: 67 ] التحريم بالرضعة الواحدة لتسوية النبي صلى الله عليه وسلم بينهما فيما علق بهما من حكم التحريم واحتج من اعتبر خمس رضعات بما روت
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة nindex.php?page=showalam&ids=16414وابن الزبير nindex.php?page=showalam&ids=11696وأم الفضل أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=912061لا تحرم المصة ولا المصتان وبما روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة أنها قالت : " كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات معلومات ، فنسخن بخمس معلومات ، فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي فيما يقرأ من القرآن " .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=11943أبو بكر : وهذه الأخبار لا يجوز الاعتراض بها على ظاهر قوله تعالى :
وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة لما بينا أن ما لم يثبت خصوصه من ظواهر القرآن وكان ظاهر المعنى بين المراد لم يجز تخصيصه بأخبار الآحاد ، فهذا أحد الوجوه التي تسقط الاعتراض بهذا الخبر ووجه آخر وهو ما حدث
nindex.php?page=showalam&ids=15071أبو الحسن الكرخي قال : حدثنا
الحضرمي قال : حدثنا
عبد الله بن سعيد قال : حدثنا
أبو خالد عن
حجاج عن
nindex.php?page=showalam&ids=15683حبيب بن أبي ثابت عن
nindex.php?page=showalam&ids=16248طاوس عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أنه سئل عن الرضاع فقلت : إن الناس يقولون لا تحرم الرضعة ولا الرضعتان قال : " قد كان ذاك ، فأما اليوم فالرضعة الواحدة تحرم " .
وروى
nindex.php?page=showalam&ids=16974محمد بن شجاع قال : حدثنا
إسحاق بن سليمان عن
nindex.php?page=showalam&ids=15776حنظلة عن
nindex.php?page=showalam&ids=16248طاوس قال : " اشترطت عشر رضعات ثم قيل الرضعة الواحدة تحرم " ؛ فقد عرف
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=16248وطاوس خبر العدد في الرضاع وأنه منسوخ بالتحريم بالرضعة الواحدة وجائز أن يكون التحديد كان مشروطا في رضاع الكبير ، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في رضاع الكبير وهو منسوخ عند فقهاء الأمصار ، فجائز أن يكون تحديد الرضاع كان في رضاع الكبير ، فلما نسخ سقط التحديد ؛ إذ كان مشروطا فيه . وأيضا يلزم
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي إيجاب التحريم بثلاث رضعات لدلالة قوله :
nindex.php?page=hadith&LINKID=678443لا تحرم الرضعة ولا الرضعتان على إيجاب التحريم فيما زاد على أصله في المخصوص بالذكر وأما حديث
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة فغير جائز اعتقاد صحته على ما ورد ، وذلك لأنها ذكرت أنه كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات فنسخن بخمس ، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم توفي وهو مما يتلى ؛ وليس أحد من المسلمين يجيز
نسخ القرآن بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم ، فلو كان ثابتا لوجب أن تكون التلاوة موجودة ، فإذا لم توجد به التلاوة ولم يجز النسخ بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم لم يخل ذلك من أحد وجهين :
إما أن يكون الحديث مدخولا في الأصل غير ثابت الحكم ، أو يكون إن كان ثابتا فإنما نسخ في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم وما كان منسوخا فالعمل به ساقط . وجائز أن يكون ذلك كان تحديدا لرضاع الكبير ، وقد كانت
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة تقول به في إيجاب التحريم في
[ ص: 68 ] رضاع الكبير دون سائر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ؛ وقد ثبت عندنا وعند
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي نسخ رضاع الكبير ، فسقط حكم التحديد المذكور في حديث
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة هذا . ومع ذلك لو خلا من هذه المعاني التي ذكرنا من الاستحالة والاحتمال لما جاز الاعتراض به على ظاهر القرآن ؛ إذ هو من أخبار الآحاد . ومما يدل على ما ذكرنا من سقوط اعتبار التحديد أن الرضاع يوجب تحريما مؤبدا ، فأشبه الوطء الموجب لتحريم الأم والبنت والعقد الموجب للتحريم كحلائل الأبناء وما نكح الآباء ، فلما كان القليل من ذلك ككثيره فيما يتعلق به من حكم التحريم وجب أن يكون ذلك حكم الرضاع في إيجاب التحريم بقليله