باب أمهات النساء والربائب قال الله تعالى :
وأمهات نسائكم وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن ولم تختلف الأمة أن
الربائب لا يحرمن بالعقد على الأم حتى يدخل بها أو يكون منه ما يوجب التحريم من اللمس والنظر على ما بيناه فيما سلف ، وهو نص التنزيل في قوله تعالى :
فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم
واختلف
السلف في
أمهات النساء ، هل يحرمن بالعقد دون الدخول ؟ فروى
nindex.php?page=showalam&ids=15744حماد بن سلمة عن
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة عن
nindex.php?page=showalam&ids=15826خلاس أن
nindex.php?page=showalam&ids=8عليا قال في
رجل طلق امرأته قبل الدخول بها : " فله أن يتزوج أمها ، وإن تزوج أمها ثم طلقها قبل الدخول يتزوج بنتها تجريان مجرى واحدا " ؛ وأهل النقل يضعفون حديث
nindex.php?page=showalam&ids=15826خلاس عن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي ؛ ويروى عن
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله مثل ذلك ، وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد nindex.php?page=showalam&ids=16414وابن الزبير .
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس روايتان : إحداهما ما يرويه
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج عن
أبي بكر بن حفص عن
عمرو بن مسلم بن عويمر بن الأجدع عنه : أن أم المرأة لا تحرم إلا بالدخول ، والأخرى ما يرويه
nindex.php?page=showalam&ids=16584عكرمة عنه : أنها تحرم بنفس العقد .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر nindex.php?page=showalam&ids=10وعبد الله بن مسعود nindex.php?page=showalam&ids=40وعمران بن حصين nindex.php?page=showalam&ids=17073ومسروق nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن nindex.php?page=showalam&ids=16584وعكرمة : " تحرم بالعقد دخل بها أو لم يدخل " .
وروى
أبو أسامة عن
nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان [ ص: 70 ] عن
أبي فروة عن
nindex.php?page=showalam&ids=12112أبي عمرو الشيباني عن
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود أنه أفتى في
امرأة تزوجها رجل فطلقها قبل أن يدخل بها أو ماتت قال : " لا بأس أن يتزوج أمها " فلما أتى
المدينة رجع فأفتاهم فنهاهم وقد ولدت أولادا .
وروى
إبراهيم عن
nindex.php?page=showalam&ids=16097شريح أن
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود كان يقول بقول
nindex.php?page=showalam&ids=8علي ويفتي به ، يعني في أمهات النساء ، فحج فلقي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فذاكرهم ذلك فكرهوا . أن يتزوجها ، فلما رجع
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود نهى من كان أفتاه بذلك ، وكانوا أحياء من
بني فزارة أفتاهم بذلك وقال : " إني سألت أصحابي فكرهوا ذلك " .
وروى
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة عن
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب أن
nindex.php?page=showalam&ids=47زيد بن ثابت قال في
رجل طلق امرأته قبل الدخول فأراد أن يتزوج أمها ، قال : " إن طلقها قبل الدخول يتزوج أمها ، وإن ماتت لم يتزوج أمها " ، وأصحاب الحديث يضعفون حديث
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة هذا عن
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب عن
زيد ويقولون : إن أكثر ما يرويه
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة عن
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب بينه وبينه رجال ، وإن رواياته عن
سعيد مخالفة لروايات أكثر أصحاب
سعيد الثقات ؛ وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16349عبد الرحمن بن مهدي عن
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك عن
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب : أحب إلي من
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة عن
سعيد . وقد روى
nindex.php?page=showalam&ids=17316يحيى بن سعيد الأنصاري عن
nindex.php?page=showalam&ids=47زيد بن ثابت خلاف رواية
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة . ويقال إن حديث
يحيى وإن كان مرسلا فهو أقوى من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة عن
سعيد
قال
nindex.php?page=showalam&ids=11943أبو بكر : وهذا الذي ذكرناه طريقة أصحاب الحديث ، والفقهاء لا يعتبرون ذلك في قبول الأخبار وردها ، وإنما ذكرنا ذلك ليعرف به مذهب القوم فيه دون اعتباره والعمل عليه ؛ ويشبه أن يكون
nindex.php?page=showalam&ids=47زيد بن ثابت إنما فرق بين
الموت والطلاق في التحريم ؛ لأن الطلاق قبل الدخول لا يتعلق به شيء من أحكام الدخول ألا ترى أنه يجب في نصف المهر ولا تجب عليها العدة ؟ وأما الموت فلما كان في حكم الدخول في باب استحقاق كمال المهر ووجوب العدة جعله كذلك في حكم التحريم .
والدليل على أن أمهات النساء يحرمن بالعقد قوله تعالى :
وأمهات نسائكم هي مبهمة عامة كقوله :
وحلائل أبنائكم وقوله :
ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء فغير جائز تخصيصه إلا بدلالة ، وقوله تعالى :
وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن حكم مقصور على الربائب دون أمهات النساء ، وذلك من وجوه :
أحدها أن كل واحدة من الجملتين مكتفية بنفسها في إيجاب الحكم المذكور فيها ، أعني قوله تعالى :
وأمهات نسائكم وقوله تعالى :
وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن وكل كلام اكتفى
[ ص: 71 ] بنفسه من غير تضمين له بغيره ولا حمله عليه وجب إجراؤه على مقتضى لفظه دون تعليقه بغيره ، فلما كان قوله :
وأمهات نسائكم جملة مكتفية بنفسها يقتضي عمومها تحريم أمهات النساء مع وجود الدخول وعدمه ، وكان قوله تعالى :
وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن جملة قائمة بنفسها على ما فيها من شرط الدخول ، لم يجز لنا بناء إحدى الجملتين على الأخرى بل الواجب إجراء المطلق منهما على إطلاقه والمقيد على تقييده وشرطه ، إلا أن تقوم الدلالة على أن إحداهما مبنية على الأخرى محمولة على شرطها .
وأخرى : وهي أن قوله تعالى :
وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم يجري هذا الشرط مجرى الاستثناء ، تقديره : وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم إلا اللاتي لم تدخلوا بهن ؛ لأن فيه إخراج بعض ما انتظمه العموم ، فلما كان ذلك في معنى الاستثناء وكان من حكم الاستثناء عوده إلى ما يليه إلا أن تقوم الدلالة على رجوعه إلى ما تقدم ، وجب أن يكون حكمه مقصورا على الربائب ولم يجز رده إلى ما تقدمه إلا بدلالة .
وأخرى : وهي أن شرط الدخول تخصيص لعموم اللفظ ، وهو لا محالة مستعمل في الربائب ورجوعه إلى أمهات النساء مشكوك فيه ، وغير جائز تخصيص العموم بالشك ، فوجب أن يكون عموم التحريم في أمهات النساء مقرا على بابه .
وأخرى : وهي أن إضمار شرط الدخول لا يصح في أمهات النساء مظهرا ؛ لأنه لا يستقيم أن يقال : وأمهات نسائكم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن ؛ لأن أمهات نسائنا لسن من نسائنا والربائب من نسائنا ؛ لأن البنت من الأم وليست الأم من البنت ، فلما لم يستقم الكلام بإظهار أمهات النساء في الشرط لم يصح إضماره فيه ، فثبت بذلك أن قوله :
من نسائكم إنما هو من وصف الربائب دون أمهات النساء وأيضا فلو جعلنا قوله :
من نسائكم اللاتي دخلتم بهن نعتا لأمهات النساء وجعلنا تقديره : وأمهات نسائكم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن لخرج الربائب من الحكم وصار حكم الشرط في أمهات النساء دونهن ، وذلك خلاف نص التنزيل ، فثبت أن شرط الدخول مقصور على الربائب دون أمهات النساء .
وقد حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=13433عبد الباقي بن قانع قال : حدثنا
إسماعيل بن الفضل قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16818قتيبة بن سعيد قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16457ابن لهيعة عن
nindex.php?page=showalam&ids=16709عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=663406أيما رجل نكح امرأة فدخل بها فلا يحل له نكاح ابنتها ، [ ص: 72 ] وإن لم يدخل بها فلينكح ابنتها ؛ وأيما رجل نكح امرأة فدخل بها أو لم يدخل بها فلا يحل له نكاح أمها . وقد حكي عن
السلف اختلاف في
حكم الربيبة ، فذكر
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج قال : أخبرني
إبراهيم بن عبيد بن رفاعة عن
مالك بن أوس عن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب كرم الله وجهه أنه قال في الربيبة إذا لم تكن في حجر الزوج وكانت في بلد آخر ثم فارق الأم بعد الدخول : " إنه جائز له أن يتزوج الربيبة " . ونسب
nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق إبراهيم هذا فقال :
إبراهيم بن عبيد في غير هذا الحديث ، وهو مجهول لا تثبت بمثله مقالة ؛ ومع ذلك فإن أهل العلم ردوه ولم يتلقه أحد منهم بالقبول .
وقد ذكر
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة عن
nindex.php?page=showalam&ids=15826خلاس عن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي أن الربيبة والأم تجريان مجرى واحدا ، وهو خلاف هذا الحديث ؛ لأن الأم لا محالة تحرم بالدخول بالبنت وقد جعل الربيبة مثلها ، فاقتضى تحريم البنت بالدخول بالأم سواء كانت في حجره أو لم تكن .
وذكر في حديث
إبراهيم هذا أن
nindex.php?page=showalam&ids=8عليا احتج في ذلك بأن الله تعالى قال :
وربائبكم اللاتي في حجوركم فإذا لم تكن في حجره لم تحرم . وحكاية هذا الحجاج يدل على وهي الحديث وضعفه ؛ لأن
nindex.php?page=showalam&ids=8عليا لا يحتج بمثله وذلك ؛ لأنا قد علمنا أن قوله :
وربائبكم لم يقتض أن تكون تربية زوج الأم لها شرطا في التحريم ، وأنه متى لم يربها لم تحرم ، وإنما سميت بنت المرأة ربيبة ؛ لأن الأعم الأكثر أن زوج الأم يربيها ؛ ثم معلوم أن وقوع الاسم على هذا المعنى لم يوجب كون تربيته إياها شرطا في التحريم ، كذلك قوله :
في حجوركم كلام خرج على الأعم الأكثر من كون الربيبة في حجر الزوج ؛ وليست هذه الصفة شرطا في التحريم كما أن تربية الزوج إياها ليست شرطا فيه ، وهذا كقول النبي صلى الله عليه وسلم
nindex.php?page=hadith&LINKID=651362في خمس وعشرين من الإبل بنت مخاض وفي ست وثلاثين بنت لبون وليس كون المخاض أو اللبن بالأم شرطا في المأخوذ وإنما ذكره ؛ لأن الأغلب أنها إذا دخلت في السنة الثانية كان بأمها مخاض وإذا دخلت في الثالثة كان بأمها لبن ؛ فإنما أجرى الكلام على غالب الحال ، كذلك قوله تعالى :
في حجوركم على هذا الوجه قال
nindex.php?page=showalam&ids=11943أبو بكر : لا خلاف بين أهل العلم في تحريم من ذكر ممن لا يعتق عليه بملك اليمين ، وأن
الأم والأخت من الرضاعة محرمتان بملك اليمين كما هما بالنكاح ، وكذلك أم المرأة وابنتها إذا دخل بالأم وأن كل واحدة منهما محرمة عليه تحريما مؤبدا إذا وطئ الأخرى ؛ وكذلك لا خلاف أنه لا يجوز له
الجمع بين أم وبنت بملك اليمين .
وروي ذلك عن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر وابن [ ص: 73 ] عباس nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر nindex.php?page=showalam&ids=25وعائشة ولا خلاف أيضا أن
الوطء بملك اليمين يحرم ما يحرمه الوطء بالنكاح فيما يتعلق به تحريم مؤبد .