باب تحريم
نكاح ذوات الأزواج قال الله تعالى :
والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم عطفا على من حرم من النساء من عند قوله تعالى :
حرمت عليكم أمهاتكم فروى
nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان عن
nindex.php?page=showalam&ids=15741حماد عن
إبراهيم عن
عبد الله :
والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم قال : ذوات الأزواج من المسلمين والمشركين وقال
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب : " ذوات الأزواج من المشركين " . وقد روى
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : " كل ذات زوج إتيانها زنا إلا ما سبيت " .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=11943أبو بكر : اتفق هؤلاء على أن المراد بقوله تعالى :
والمحصنات من النساء ذوات الأزواج منهن وأن
[ ص: 81 ] نكاحها حرام ما دامت ذات زوج ، واختلفوا في قوله تعالى :
إلا ما ملكت أيمانكم فتأوله
nindex.php?page=showalam&ids=8علي nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس في رواية ،
nindex.php?page=showalam&ids=2وعمر nindex.php?page=showalam&ids=38وعبد الرحمن بن عوف nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر : أن الآية إنما وردت في ذوات الأزواج من السبايا أبيح وطؤهن بملك اليمين ، ووجب بحدوث السبي عليها دون زوجها وقوع الفرقة بينهما ؛ وكانوا يقولون : إن بيع الأمة لا يكون طلاقا ولا يبطل نكاحها . وتأوله
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود nindex.php?page=showalam&ids=34وأبي بن كعب nindex.php?page=showalam&ids=9وأنس بن مالك nindex.php?page=showalam&ids=36وجابر بن عبد الله nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس في رواية
nindex.php?page=showalam&ids=16584عكرمة : أنه في جميع ذوات الأزواج من السبايا وغيرهم ؛ وكانوا يقولون :
بيع الأمة طلاقها .
وقد حدثنا
محمد بن بكر قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود قال : حدثنا
عبد الله بن عمر بن ميسرة قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17360يزيد بن زريع قال : حدثنا
سعيد عن
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة عن
أبي الخليل عن
أبي علقمة الهاشمي عن
nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الخدري :
nindex.php?page=hadith&LINKID=659651أن نبي الله صلى الله عليه وسلم بعث جيشا إلى أوطاس ، فلقوا عدوا فقاتلوهم وظهروا عليهم فأصابوا منهم سبايا لهن أزواج من المشركين ، فكان المسلمون يتحرجون من غشيانهن ، فأنزل الله تعالى : والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم أي هن لكم حلال إذا انقضت عدتهن . وقد ذكر أن
أبا علقمة هذا رجل جليل من أهل العلم ، وقد روى عنه
يعلى بن عطاء ، وروى هو هذا الحديث عن
أبي سعيد ، وله أحاديث عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة وهذا حديث صحيح السند
قد أخبر فيه بسبب نزول الآية وأنها في السبايا ، وتأولها
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود ومن وافقه على جميع النساء ذوات الأزواج إذا ملكن حل وطؤهن لمالكهن ووقعت الفرقة بينهن وبين أزواجهن .
فإن قيل : أنتم لا تعتبرون السبب وإنما تراعون حكم اللفظ إن كان عاما فهو على عمومه حتى تقوم دلالة الخصوص فهلا اعتبرت ذلك في هذه الآية وجعلتها على العموم في سائر من يطرأ عليه الملك من النساء ذوات الأزواج فينتظم السبايا وغيرهن قيل له : الدلالة ظاهرة في الآية على خصوصها في السبابا ، وذلك لأنه قال :
والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم فلو كان حدوث الملك موجبا لإيقاع الفرقة لوجب أن تقع الفرقة بينها وبين زوجها إذا اشترتها امرأة أو أخوها من الرضاعة لحدوث الملك .
فإن قيل : جائز أن يقال ذلك في سائر ما طرأ عليهن الملك ، سواء كان حدوث الملك سببا لإباحة الوطء أو لم يكن بأن تملكها امرأة أو رجل لا يحل له وطؤها قيل له : فشأن الآية إنما هو فيمن حدث له ملك اليمين فأباحت له وطأها ؛ لأنه استثناء بملك اليمين من حظر وطء المحصنات من النساء ، فواجب على ذلك أنه إذا
[ ص: 82 ] لم يستبح المالك وطأها بملك اليمين أن تكون الزوجية قائمة بينها وبين زوجها بحكم الآية ، وإذا وجب ذلك بحكم الآية وجب أن يكون قوله تعالى :
والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم خاصا في السبايا ، ويكون السبب الموجب للفرقة اختلاف الدارين لا حدوث الملك ويدل على أن حدوث الملك لا يوجب الفرقة ما روى
nindex.php?page=showalam&ids=15741حماد عن
إبراهيم عن
الأسود عن
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة :
nindex.php?page=hadith&LINKID=705139أنها اشترت بريرة فأعتقتها وشرطت لأهلها الولاء ، فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : الولاء لمن أعتق وقال لها : يا بريرة اختاري فالأمر إليك ؛ ورواه
nindex.php?page=showalam&ids=16052سماك عن
nindex.php?page=showalam&ids=16337عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة مثله .
وروى
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة عن
nindex.php?page=showalam&ids=16584عكرمة عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس :
nindex.php?page=hadith&LINKID=683256أن زوج بريرة كان عبدا أسود يسمى مغيثا ، فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها أن الولاء لمن أعطى الثمن وخيرها صلى الله عليه وسلم .
فإن قيل : فقد روى
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس في أمر
بريرة ما روى ، ثم قال بعد ذلك : قال النبي صلى الله عليه وسلم :
بيع الأمة طلاقها فينبغي أن يقضي قوله هذا على ما رواه ؛ لأنه لا يجوز أن يخالف النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه عنه .
قيل له : قد روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أن الآية نزلت في السبايا وأن بيع الأمة لا يوقع فرقة بينها وبين زوجها ، فجائز أن يكون الذي ذكرت عنه من أن بيع الأمة طلاقها كان يقول قبل أن تثبت عنده قصة
بريرة وتخيير النبي صلى الله عليه وسلم إياها بعد الشرى ، فلما سمع بقصة
بريرة رجع عن قوله .
وأيضا يحتمل أن يريد بقوله : " بيع الأمة طلاقها " إذا اشتراها الزوج ولا يبقى النكاح مع الملك . والنظر يدل على أن بيع الأمة ليس بطلاق ولا يوجب الفرقة ؛ وذلك ؛ لأن الطلاق لا يملكه غير الزوج ولا يصح إلا بإيقاعه أو بسبب من قبله ، فلما لم يكن من الزوج في ذلك سبب وجب أن لا يكون طلاقا . ويدل أيضا على ذلك أن ملك اليمين لا ينافي النكاح ؛ لأن الملك موجود قبل البيع غير ناف للنكاح ، فكذلك ملك المشتري لا ينافيه .
فإن قيل : لما طرأ ملك المشتري ولم يكن منه رضا بالنكاح وجب أن ينفسخ . قيل له : هذا غلط ؛ لأنه قد ثبت أن الملك لا ينافي النكاح ، والمعنى الذي ذكرت إن كان معتبرا فإنما يوجب للمشتري خيارا في فسخ النكاح ، وليس هذا قول أحد ؛ لأن
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود ومن تابعه يوجبون فسخ النكاح بحدوث الملك .
واختلف الفقهاء في
الزوجين إذا سبيا معا ، فقال
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=14954وأبو يوسف nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد nindex.php?page=showalam&ids=15922وزفر : " إذا سبي الحربيان معا وهما زوجان فهما على النكاح ، وإن سبي أحدهما قبل الآخر وأخرج إلى دار الإسلام فقد وقعت الفرقة " وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي : " إذا
[ ص: 83 ] سبيا جميعا فما كانا في المقاسم فهما على النكاح ، فإذا اشتراهما رجل فإن شاء جمع بينهما وإن شاء فرق بينهما فاتخذها لنفسه أو زوجها غيره بعدما يستبرئها بحيضة " وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=15124الليث بن سعد . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14117الحسن بن صالح : " إذا سبيت ذات زوج استبرئت بحيضتين ؛ لأن زوجها أحق بها إذا جاء في عدتها ، وغير ذات الأزواج بحيضة " .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي : " إذا سبيت بانت من زوجها سواء كان معها زوجها أو لم يكن " . قال
nindex.php?page=showalam&ids=11943أبو بكر : قد ثبت أن حدوث الملك غير موجب للفرقة بدلالة الأمة المبيعة والموروثة ، فوجب أن لا تقع الفرقة بالسبي نفسه ؛ لأنه ليس فيه أكثر من حدوث الملك . ودليل آخر ، وهو أن حدوث الرق عليها لا يمنع ابتداء العقد ، فلأن لا يمنع بقاءه أولى ؛ لأن البقاء هو آكد في ثبوت النكاح معه من الابتداء ألا ترى أنه قد يمنع الابتداء ما لا يمنع البقاء وهو حدوث العدة عليها من وطء بشبهة يمنع ابتداء العقد ولا يمنع بقاء العقد المتقدم ؟ فإن احتجوا بحديث
nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الخدري في قصة سبايا
أوطاس وسبب نزول الآية عليها وهو قوله :
والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم لم يفرق بين من سبيت مع زوجها أو وحدها . قيل له : روى
nindex.php?page=showalam&ids=15741حماد قال : أخبرنا
الحجاج عن
سالم المكي عن
محمد بن علي قال : " لما كان يوم
أوطاس لحقت الرجال بالجبال وأخذت النساء ، فقال المسلمون : كيف نصنع ولهن أزواج ؟ فأنزل الله تعالى :
والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم فأخبر أن الرجال لحقوا بالجبال وأن السبايا كن منفردات عن الأزواج والآية فيهن نزلت . وأيضا لم يأسر النبي صلى الله عليه وسلم في غزاة
حنين من الرجال أحدا فيما نقل أهل المغازي ، وإنما كانوا من بين قتيل أو مهزوم . وسبى النساء ، ثم جاءه الرجال بعدما وضعت الحرب أوزارها فسألوه أن يمن عليهم بإطلاق سباياهم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم :
أما ما كان لي ولبني عبد المطلب فهو لكم وقال للناس : من رد عليهم فذاك ومن تمسك بشيء منهن فله خمس فرائض في كل رأس وأطلق الناس سباياهم ، فثبت بذلك أنه لم يكن مع السبايا أزواجهن .
فإن احتجوا بعموم قوله :
والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم لم يخصص من معهن أزواجهن والمنفردات منهن . قيل له : قد اتفقنا على أنه لم يرد عموم الحكم في إيجاب الفرقة بالملك ؛ لأنه لو كان كذلك لوجب أن تقع الفرقة بشرى الأمة وهبتها بالميراث وغيره من وجوه الأملاك الحادثة ، فلما لم يكن ذلك كذلك علمنا أن الفرقة لم تتعلق بحدوث الملك وكان ذلك دليلا على مراد الآية ، وذلك ؛ لأنه إذا لم يخل
[ ص: 84 ] مراد الله تعالى في المعنى الموجب للفرقة في المسبية من أحد وجهين :
إما اختلاف الدارين بهما ، أو حدوث الملك ، ثم قامت دلالة السنة واتفاق الخصم معنا على نفي إيجاب الفرقة بحدوث الملك ، قضى ذلك على مراد الآية بأنه اختلاف الدارين ، وأوجب ذلك خصوص الآية في المسبيات دون أزواجهن
ويدل على أن المعنى فيه ما ذكرنا من اختلاف الدارين ، أنهما لو خرجا مسلمين أو ذميين لم تقع بينهما فرقة ؛ لأنهما لم تختلف بهما الداران ، فدل ذلك على أن المعنى الموجب للفرقة بين المسبية وزوجها إذا كانت منفردة اختلاف الدارين بهما ؛ ويدل عليه أن
الحربية إذا خرجت إلينا مسلمة أو ذمية ثم لم يلحق بها زوجها وقعت الفرقة بلا خلاف ، وقد حكم الله تعالى بذلك في المهاجرات في قوله :
ولا جناح عليكم أن تنكحوهن إذا آتيتموهن أجورهن ثم قال :
ولا تمسكوا بعصم الكوافر