باب ولاء الموالاة قال الله تعالى :
والذين عقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم روى
nindex.php?page=showalam&ids=16258طلحة بن مصرف عن
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس في قوله :
والذين عقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم قال : كان المهاجر يرث الأنصاري دون ذوي رحمه بالأخوة التي آخى الله بينهم ، فلما نزلت
ولكل جعلنا موالي مما ترك الوالدان والأقربون نسخت ؛ ثم قرأ :
والذين عقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم قال : من النصر والرفادة ، ويوصي له ، وقد ذهب الميراث .
وروى
علي بن أبي طلحة عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس :
والذين عقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم قال : كان الرجل يعاقد الرجل أيهما مات ورثه الآخر ، فأنزل الله تعالى :
وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله من المؤمنين والمهاجرين إلا أن تفعلوا إلى أوليائكم معروفا يقول : إلا أن يوصوا لأوليائهم الذين عاقدوا لهم وصية ، فهو لهم جائز من ثلث مال الميت ، فذلك المعروف .
وروى
أبو بشر عن
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير في قوله تعالى :
والذين عقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم قال : كان الرجل يعاقد الرجل في الجاهلية فيموت فيرثه ، فعاقد
nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر رجلا فمات فورثه . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب : هذا في الذين كانوا يتبنون رجالا ويورثونهم ، فأنزل الله فيهم أن يجعل لهم من الوصية ، ورد الميراث إلى الموالي من ذوي الرحم والعصبة .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=11943أبو بكر : قد ثبت بما قدمنا من قول
السلف أن ذلك كان حكما ثابتا في الإسلام ، وهو
الميراث بالمعاقدة والموالاة ؛ ثم قال قائلون : إنه منسوخ بقوله :
وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله
وقال آخرون : ليس بمنسوخ من الأصل ، ولكنه جعل ذوي الأرحام أولى من موالي المعاقدة ، فنسخ ميراثهم في حال وجود القرابات وهو باق لهم إذا فقد الأقرباء على الأصل الذي كان عليه . واختلف الفقهاء
في ميراث موالي الموالاة ، فقال
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=14954وأبو يوسف nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد nindex.php?page=showalam&ids=15922وزفر : " من أسلم على يدي رجل ووالاه وعاقده ثم مات ولا وارث له
[ ص: 146 ] غيره فميراثه له " .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=16438وابن شبرمة nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي : " ميراثه للمسلمين " . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=17316يحيى بن سعيد : " إذا جاء من أرض العدو فأسلم على يده فإن ولاءه لمن والاه ، ومن أسلم من
أهل الذمة على يدي رجل من المسلمين فولاؤه للمسلمين عامة " .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15124الليث بن سعد : " من أسلم على يدي رجل فقد والاه وميراثه للذي أسلم على يده إذا لم يدع وارثا غيره " قال
nindex.php?page=showalam&ids=11943أبو بكر : الآية توجب الميراث للذي والاه وعاقده على الوجه الذي ذهب إليه أصحابنا ؛ لأنه كان حكما ثابتا في أول الإسلام ، وحكم الله به في نص التنزيل ، ثم قال :
وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله من المؤمنين والمهاجرين فجعل ذوي الأرحام أولى من المعاقدين الموالي ، فمتى فقد ذوو الأرحام وجب ميراثهم بقضية الآية ؛ إذ كانت إنما نقلت ما كان لهم إلى ذوي الأرحام إذا وجدوا ، فإذا لم يوجدوا فليس في القرآن ولا في السنة ما يوجب نسخها ، فهي ثابتة الحكم مستعملة على ما تقتضيه من إثبات الميراث عند فقد ذوي الأرحام .
وقد ورد الأثر عن النبي صلى الله عليه وسلم بثبوت هذا الحكم وبقائه عند عدم ذوي الأرحام ، وهو ما حدثنا
محمد بن بكر قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود قال : حدثنا
يزيد بن خالد الرملي وهشام بن عمار الدمشقي قالا : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17311يحيى بن حمزة عن
عبد العزيز بن عمر قال : سمعت
عبد الله بن موهب يحدث
nindex.php?page=showalam&ids=16673عمر بن عبد العزيز عن
nindex.php?page=showalam&ids=16812قبيصة بن ذؤيب عن
nindex.php?page=showalam&ids=155تميم الداري أنه
nindex.php?page=hadith&LINKID=664408قال : يا رسول الله ما السنة في الرجل يسلم على يدي الرجل من المسلمين ؟ قال : هو أولى الناس بمحياه ومماته ، فقوله :
nindex.php?page=hadith&LINKID=67480هو أولى الناس بمماته يقتضي أن يكون أولاهم بميراثه ؛ إذ ليس بعد الموت بينهما ولاية إلا في الميراث ، وهو في معنى قوله تعالى :
ولكل جعلنا موالي يعني ورثة . وقد روي نحو قول أصحابنا في ذلك عن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن nindex.php?page=showalam&ids=12354وإبراهيم .
وروى
nindex.php?page=showalam&ids=17124معمر عن
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري أنه سئل عن رجل أسلم فوالى رجلا هل بذلك بأس ؟ قال : لا بأس به ، قد أجاز ذلك
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب .
وروى
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة عن
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب قال : " من أسلم على يدي قوم ضمنوا جرائره وحل لهم ميراثه " . وقال
ربيعة بن أبي عبد الرحمن : " إذا أسلم الكافر على يدي رجل مسلم بأرض العدو أو بأرض المسلمين فميراثه للذي أسلم على يديه " .
وقد روى
أبو عاصم النبيل عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج عن
nindex.php?page=showalam&ids=11862أبي الزبير عن
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=75824كتب النبي صلى الله عليه وسلم : على كل بطن عقوله وقال :
لا يتولى مولى قوم إلا بإذنهم ، وقد حوى هذا الخبر معنيين :
أحدهما : جواز الموالاة ؛ لأنه قال :
إلا بإذنهم فأجاز الموالاة بإذنهم .
[ ص: 147 ] والثاني : أن له أن يتحول بولاية إلى غيره ، إلا أنه كرهه إلا بإذن الأولين ؛ ولا يجوز أن يكون مراده عليه السلام في ذلك إلا في ولاء الموالاة ؛ لأنه لا خلاف أن ولاء العتاقة لا يصح النقل عنه ؛ وقال صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=936269الولاء لحمة كلحمة النسب . فإن احتج محتج بما حدثنا
محمد بن بكر قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16544عثمان بن أبي شيبة قال : حدثنا
محمد بن بشر وابن نمير وأبو أسامة عن
زكريا عن
nindex.php?page=showalam&ids=15975سعد بن إبراهيم عن أبيه عن
nindex.php?page=showalam&ids=67جبير بن مطعم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=674459لا حلف في الإسلام ، وأيما حلف كان في الجاهلية لم يزده الإسلام إلا شدة قال : فهذا يوجب بطلان حلف الإسلام ومنع التوارث به .
قيل له : يحتمل أن يريد به نفي الحلف في الإسلام على الوجه الذي كانوا يتحالفون عليه في الجاهلية وذلك ؛ لأن حلف الجاهلية كان على أن يعاقده فيقول : " هدمي هدمك ودمي دمك وترثني وأرثك " وكان في هذا الحلف أشياء قد حظرها الإسلام ، وهو أنه كان يشرط أن يحامي عليه ويبذل دمه دونه ويهدم ما يهدمه فينصره على الحق والباطل ؛ وقد أبطلت الشريعة هذا الحلف وأوجبت معونة المظلوم على الظالم حتى يتنصف منه وأن لا يلتفت إلى قرابة ولا غيرها .
قال الله تعالى :
يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين إن يكن غنيا أو فقيرا فالله أولى بهما فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا فأمر الله تعالى بالعدل والقسط في الأجانب والأقارب وأمر بالتسوية بين الجميع في حكم الله تعالى ، فأبطل ما كان عليه أمر الجاهلية من معونة القريب والحليف على غيره ظالما كان أو مظلوما .
وكذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=656438انصر أخاك ظالما أو مظلوما قالوا : يا رسول الله هذا يعينه مظلوما فكيف يعينه ظالما ؟ قال : أن ترده عن الظلم فذلك معونة منك له . وكان في حلف الجاهلية أن يرثه الحليف دون أقربائه فنفى النبي صلى الله عليه وسلم بقوله :
nindex.php?page=hadith&LINKID=30723لا حلف في الإسلام التحالف على النصرة والمحاماة من غير نظر في دين أو حكم وأمر باتباع أحكام الشريعة دون ما يعقده الحليف على نفسه ، ونفى أيضا أن يكون الحليف أولى بالميراث من الأقارب ؛ فهذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=30723لا حلف في الإسلام .
وأما قوله :
nindex.php?page=hadith&LINKID=661603وأيما حلف كان في الجاهلية لم يزده الإسلام إلا شدة فإنه يحتمل أن الإسلام قد زاده شدة وتغليظا في المنع منه وإبطاله ، فكأنه قال : إذا لم يجز الحلف في الإسلام مع ما فيه من تناصر المسلمين وتعاونهم فحلف الجاهلية أبعد من ذلك .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=11943أبو بكر : وعلى نحو ما ذكرنا من التوارث بالموالاة قال أصحابنا
[ ص: 148 ] فيمن أوصى بجميع ماله ولا وارث له إنه جائز ، وقد بينا ذلك فيما سلف وذلك ؛ لأنه لما جاز له أن يجعل ميراثه لغيره بعقد الموالاة ويزويه عن بيت المال ، جاز له أن يجعله لمن شاء بعد موته بالوصية ؛ إذ كانت الموالاة إنما تثبت بينهما بعقده وإيجابه وله أن ينتقل بولائه ما لم يعقل عنه ، فأشبهت الوصية التي تثبت بقوله وإيجابه ومتى شاء رجع فيها ؛ إلا أنها تخالف الوصية من وجه ، وهو أنه وإن كان يأخذه بقوله فإنه يأخذه على وجه الميراث ألا ترى أنه لو ترك الميت ذا رحم كان أولى بالميراث من مولى الموالاة ؟ ولم يكن في الثلث بمنزلة من أوصى لرجل بماله فيجوز له منه الثلث بل لا يعطى شيئا إذا كان له وارث من قرابة أو ولاء عتاقة ، فولاء الموالاة يشبه الوصية بالمال من وجه إذا لم يكن له وارث ، ويفارقها من وجه على نحو ما بينا والله أعلم .