باب بر الوالدين قال الله تعالى :
واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا فقرن تعالى ذكره إلزام
بر الوالدين بعبادته وتوحيده وأمر به كما أمر بهما ، كما قرن شكرهما بشكره في قوله تعالى :
أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير وكفى بذلك دلالة على تعظيم حقهما ووجوب برهما والإحسان إليهما . وقال تعالى :
فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما إلى آخر القصة وقال تعالى :
ووصينا الإنسان بوالديه حسنا
وقال في الوالدين الكافرين :
وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا وروى
عبد الله بن أنيس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=665316أكبر الكبائر : الإشراك بالله ، وعقوق الوالدين واليمين الغموس ، والذي نفس محمد بيده لا يحلف أحد وإن كان على مثل جناح البعوضة إلا كانت وكتة في قلبه إلى يوم القيامة .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=11943أبو بكر :
[ ص: 156 ] فطاعة الوالدين واجبة في المعروف لا في معصية الله ، فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق . وقد حدثنا
محمد بن بكر قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16000سعيد بن منصور قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16472عبد الله بن وهب قال : أخبرني
nindex.php?page=showalam&ids=16700عمرو بن الحارث أن
دراجا أبا السمح حدثه عن
أبي الهيثم عن
nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الخدري :
nindex.php?page=hadith&LINKID=674091أن رجلا من اليمن هاجر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : هل لك أحد باليمن ؟ قال : أبواي ، قال : أذنا لك ؟ قال : لا ، قال : ارجع إليهما فاستأذنهما فإن أذنا لك فجاهد وإلا فبرهما .
ومن أجل ذلك قال أصحابنا :
لا يجوز أن يجاهد إلا بإذن الأبوين إذا قام بجهاد العدو من قد كفاه الخروج ، قالوا : فإن لم يكن بإزاء العدو من قد قام بفرض الخروج فعليه الخروج بغير إذن أبويه ، وقالوا في الخروج في التجارة ونحوها فيما ليس فيه قتال : لا بأس به بغير إذنهما ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما منعه من الجهاد إلا بإذن الأبوين إذا قام بالفرض غيره ، لما فيه من التعرض للقتل وفجيعة الأبوين به ، فأما التجارات والتصرف في المباحات التي ليس فيها تعرض للقتل فليس للأبوين منعه منها ؛ فلذلك لم يحتج إلى استئذانهما .
ومن أجل ما أكد الله تعالى من
تعظيم حق الأبوين قال أصحابنا :
لا ينبغي للرجل أن يقتل أباه الكافر إذا كان محاربا للمسلمين ، لقوله تعالى :
فلا تقل لهما أف وقوله تعالى :
وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا فأمر تعالى بمصاحبتهما بالمعروف في الحال التي يجاهدانه فيها على الكفر ، ومن المعروف أن لا يشهر عليهما سلاحا ولا يقتلهما إلا أن يضطر إلى ذلك بأن يخاف أن يقتله إن ترك قتله ، فحينئذ يجوز قتله ؛ لأنه إن لم يفعل ذلك كان قد قتل نفسه بتمكينه غيره منه ، وهو منهي عن تمكين غيره من قتله كما هو منهي عن قتل نفسه ، فجاز له حينئذ من أجل ذلك قتله وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم :
أنه نهى حنظلة بن أبي عامر الراهب عن قتل أبيه وكان مشركا .
وقال أصحابنا في المسلم يموت أبواه وهما كافران : إنه يغسلهما ويتبعهما ويدفنهما ؛ لأن ذلك من الصحبة بالمعروف التي أمره الله بها .
فإن قال قائل : ما معنى قوله تعالى :
وبالوالدين إحسانا وما ضميره ؟ قيل له : يحتمل : استوصوا بالوالدين إحسانا ، ويحتمل : وأحسنوا بالوالدين إحسانا .