واختلف الفقهاء في
ضمان العارية بعد اختلاف من
السلف فيه ، فروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر nindex.php?page=showalam&ids=8وعلي nindex.php?page=showalam&ids=36وجابر nindex.php?page=showalam&ids=16097وشريح nindex.php?page=showalam&ids=12354وإبراهيم : " أن العارية غير مضمونة " . وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=3وأبي هريرة : " أنها مضمونة " . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=14954وأبو يوسف nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد nindex.php?page=showalam&ids=15922وزفر nindex.php?page=showalam&ids=14111والحسن بن زياد : " هي غير مضمونة إذا هلكت " وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=16438ابن شبرمة nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16542عثمان البتي : " المستعير ضامن لما استعاره إلا الحيوان والعقل ؛ فإن اشترط عليه في الحيوان والعقل الضمان فهو ضامن " .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : " لا يضمن الحيوان في العارية ويضمن الحلي والثياب ونحوها " . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15124الليث : " لا ضمان في العارية ولكن
أبا العباس أمير المؤمنين قد كتب إلي بأن أضمنها فالقضاء اليوم على الضمان " : وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : " كل عارية مضمونة " قال
nindex.php?page=showalam&ids=11943أبو بكر : والدليل على نفي ضمانها عند الهلاك إذا لم يتعد فيها أن المعير قد ائتمن المستعير عليها حين دفعها إليه ، وإذا كان أمينا لم يلزمه ضمانها ؛ لأنا روينا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=30910لا ضمان على مؤتمن وذلك عموم في نفي الضمان عن كل مؤتمن .
وأيضا لما كانت مقبوضة بإذن مالكها لا على شرط الضمان لم يضمنها كالوديعة . وأيضا قد اتفق الجميع على نفي
ضمان الثوب المستأجر مع شرط بذل المنافع إذا لم يشترط عليه ضمان بدل المقبوض ، فالعارية أولى أن لا تكون مضمونة ؛ إذ ليس فيها ضمان مشروط
[ ص: 174 ] بوجه . ومن جهة أخرى أن المقبوض على وجه الإجارة مقبوض لاستيفاء المنافع ولم يكن مضمونا ، فوجب أن لا تضمن العارية ؛ إذ كانت مقبوضة لاستيفاء المنافع .
وأيضا لما كانت الهبة غير مضمونة على الموهوب له ؛ لأنها مقبوضة بإذن مالكها لا على شرط ضمان البدل وهي معروف وتبرع وجب أن تكون العارية كذلك ؛ إذ هي معروف وتبرع . وأيضا قد اتفق الجميع على أن
العارية لو نقصت بالاستعمال لم يضمن النقصان ، فإذا كان الجزء منها غير مضمون مع حصول القبض عليه وجب أن لا يضمن الكل ؛ لأن
ما تعلق ضمانه بالقبض لا يختلف فيه حكم الكل والبعض ، كالغصب والمقبوض ببيع فاسد ؛ فلما اتفق الجميع على أن الجزء الفائت بالنقصان غير مضمون وجب أن لا يضمن الجميع كالودائع وسائر الأمانات .
وقد اختلف في ألفاظ حديث
nindex.php?page=showalam&ids=90صفوان بن أمية في العارية ، فذكر بعضهم فيه الضمان ولم يذكره بعضهم . وروى
nindex.php?page=showalam&ids=16101شريك عن
nindex.php?page=showalam&ids=16376عبد العزيز بن رفيع عن
nindex.php?page=showalam&ids=12531ابن أبي مليكة عن
أمية عن
nindex.php?page=showalam&ids=90صفوان بن أمية عن أبيه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=675016استعار النبي صلى الله عليه وسلم من صفوان أدراعا من حديد يوم حنين ، فقال له : يا محمد مضمونة فقال : مضمونة فضاع بعضها ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : إن شئت غرمناها لك فقال : لا ، أنا أرغب في الإسلام من ذلك يا رسول الله . ورواه
nindex.php?page=showalam&ids=12424إسرائيل عن
nindex.php?page=showalam&ids=16376عبد العزيز بن رفيع عن
nindex.php?page=showalam&ids=12531ابن أبي مليكة عن
nindex.php?page=showalam&ids=90صفوان بن أمية ، قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=675016استعار رسول الله صلى الله عليه وسلم من nindex.php?page=showalam&ids=90صفوان بن أمية أدراعا فضاع بعضها ، فقال : إن شئت غرمناها لك فقال : لا يا رسول الله . فوصله
nindex.php?page=showalam&ids=16101شريك وذكر فيه الضمان وقطعه
nindex.php?page=showalam&ids=12424إسرائيل ولم يذكر الضمان .
وروى
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة عن
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء :
nindex.php?page=hadith&LINKID=96176أن النبي صلى الله عليه وسلم استعار من nindex.php?page=showalam&ids=90صفوان بن أمية دروعا يوم حنين ، فقال له : أمؤداة يا رسول الله العارية ؟ فقال : نعم . وروى
nindex.php?page=showalam&ids=15627جرير عن
nindex.php?page=showalam&ids=16376عبد العزيز بن رفيع عن أناس من آل
عبد الله بن صفوان قال : أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يغزو
حنينا ؛ وذكر الحديث من غير ذكر ضمان . ويقال إنه ليس في رواة هذا الحديث أحفظ ولا أتقن ولا أثبت من
nindex.php?page=showalam&ids=15628جرير بن عبد الحميد ، ولم يذكر الضمان ، ولو تكافأت الرواة فيه حصل مضطربا .
وقد روي في أخبار أخر من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=481أبي أمامة وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=14579العارية مؤداة .
وإن صح ذكر الضمان في حديث
صفوان فإن معناه ضمان الأداء ، كما روي في بعض ألفاظ حديث
صفوان أنه قال :
هي مضمونة حتى أؤديها إليك ، وكما حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=13433عبد الباقي بن قانع قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=14906الفريابي قال : حدثنا
قتيبة قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15124الليث عن
nindex.php?page=showalam&ids=17346يزيد بن أبي حبيب عن
nindex.php?page=showalam&ids=15988سعيد بن أبي هند : أن أول ما ضمنت العارية أن رسول
[ ص: 175 ] الله صلى الله عليه وسلم
قال لصفوان : أعرنا سلاحك وهي علينا ضمان حتى نأتيك بها ، فثبت بذلك أنه إنما شرط له ضمان الرد وذلك لأن
صفوان كان حربيا كافرا في ذلك الوقت ، فظن أنه يأخذها على جهة استباحة ماله كسائر أموال الحربيين ، ولذلك
nindex.php?page=hadith&LINKID=695608قال له : أغصبا تأخذها يا محمد ؟ فقال : لا ، بل عارية مضمونة حتى أؤديها إليك وعارية مؤداة ؛ فأخبره النبي صلى الله عليه وسلم أنه يأخذها على أنها عارية مؤداة وأنه ليس يأخذها على سبيل ما تؤخذ عليه أموال أهل الحرب ؛ وهو كقول القائل : أنا ضامن لحاجتك ، يعني القيام بها والسعي فيها حتى يقضيها ؛ قال الشاعر يصف ناقة :
بتلك أسلي حاجة إن ضمنتها وأبرئ هما كان في الصدر داخلا
قال أهل اللغة في قوله : " إن ضمنتها " يعني إن هممت بها وأردتها .
وأيضا فإنا نسلم للمخالف صحة الخبر بما روي فيه من الضمان ، ونقول : إنه لا دلالة فيه على موضع الخلاف وذلك لأنه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=675015عارية مضمونة فجعل الأدراع التي قبضها مضمونة ، وهذا يقتضي ضمان عينها بالرد لا ضمان قيمتها ، ؛ إذ لم يقل أضمن قيمتها ؛ وغير جائز صرف اللفظ عن الحقيقة إلى المجاز إلا بدلالة . وأيضا فيما ادعى المخالف إثبات ضمير في اللفظ لا دلالة عليه وهو ضمان القيمة ، ولا يجوز إثباته إلا بدلالة ؛ ويدل على أنها لم تكن مضمونة ضمان القيمة عند الهلاك أن النبي صلى الله عليه وسلم لما فقد منها أدراعا قال
لصفوان :
nindex.php?page=hadith&LINKID=675016إن شئت غرمناها لك ، فلو كان ضمان القيمة قد حصل عليه لما قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=675016إن شئت غرمناها لك
وهو غارم ، فدل ذلك على أن الغرم لم يجب بالهلاك وأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما أراد أن يغرمها إذا شاء ذلك
صفوان متبرعا بالغرم ألا ترى أن النبي صلى الله عليه وسلم لما استقرض من
عبد الله بن ربيعة ثلاثين ألفا في هذه الغزاة أيضا ثم أراد أن يردها إلى
عبد الله أبى
عبد الله أن يقبلها فقال له : " خذها فإن جزاء القرض الوفاء والحمد " ؟ فلو كان الغرم لازما فيما فقد من الأدراع لما قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=675016إن شئت غرمناها لك .
ويدل على أنه لم يكن ضامنا لقيمة ما فقد أنه قال : لا ، فإن في قلبي اليوم من الإيمان ما لم يكن قبل ؛ وفي ذلك دليل على أنها لم تكن مضمونة القيمة ؛ لأن ما كان مضمونا لا يختلف حكمه في الإيمان والكفر .
وقال بعض شيوخنا : إن
صفوان لما كان حربيا جاز أن يشرط له ذلك ؛ إذ قد يجوز فيما بيننا وبين أهل الحرب من الشروط ما لا يجوز فيما بيننا بعضنا لبعض ألا ترى أنه يجوز أن يرتهن منهم الأحرار ولا يجوز مثله فيما بيننا ؟ وكان
nindex.php?page=showalam&ids=15071أبو الحسن الكرخي يأبى هذا التأويل
[ ص: 176 ] ويقول : لا يصح
شرط الضمان لأهل الحرب فيما ليس بمضمون ألا ترى أنه لو شرطنا لهم ضمان الودائع والمضاربات ونحوها لم يصح ؟
واحتج من قال بضمان العارية بما رواه
nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة وسعيد بن أبي عروبة عن
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة عن
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن عن
سمرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=21691على اليد ما أخذت حتى تؤديه ولا دلالة في هذا الحديث أيضا على موضع الخلاف ؛ لأنه إنما أوجب رد المأخوذ بعينه وليس فيه ذكر ضمان القيمة عند هلاكه ، ونحن نقول إن عليه رد العارية ، فهذا لا خلاف فيه ولا تعلق له أيضا بموضع الخلاف ؛ والله تعالى أعلم بالصواب .