باب
ديات أهل الكفر . قال
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=14954وأبو يوسف nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد nindex.php?page=showalam&ids=15922وزفر nindex.php?page=showalam&ids=16542وعثمان البتي nindex.php?page=showalam&ids=16004وسفيان الثوري nindex.php?page=showalam&ids=14117والحسن بن صالح دية الكافر مثل دية المسلم اليهودي والنصراني والمجوسي والمعاهد والذمي سواء " .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك بن أنس دية
أهل الكتاب على النصف من دية المسلم ودية المجوسي ثمانمائة درهم وديات نسائهم على النصف من ذلك " . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي دية اليهودي والنصراني ثلث الدية ودية المجوسي ثمانمائة والمرأة على النصف " قال
nindex.php?page=showalam&ids=11943أبو بكر : الدليل على مساواتهم المسلمين في الديات قوله عز وجل :
ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله إلا أن يصدقوا إلى قوله :
وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله والدية اسم لمقدار معلوم من المال بدلا من نفس الحر ؛ لأن الديات قد كانت متعالمة معروفة بينهم قبل الإسلام وبعده ، فرجع الكلام إليها في قوله في قتل المؤمن خطأ ثم لما عطف عليه قوله تعالى :
وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله كانت هذه الدية هي الدية المذكورة بديا ؛ إذ لو لم تكن كذلك لما كانت دية ؛ لأن الدية اسم لمقدار معلوم من بدل النفس لا يزيد ولا ينقص .
وقد كانوا قبل ذلك يعرفون مقادير الديات ولم يكونوا يعرفون الفرق بين دية المسلم والكافر فوجب أن تكون الدية المذكورة للكافر هي التي ذكرت للمسلم ، وأن يكون قوله تعالى
فدية مسلمة إلى أهله راجعا إليها ، كما عقل من دية المسلم أنها المعتاد المتعارف عندهم ، ولولا أن ذلك كذلك لكان اللفظ مجملا مفتقرا إلى البيان ، وليس الأمر كذلك .
فإن قيل : فقوله تعالى
فدية مسلمة إلى أهله لا يدل على أنها مثل دية المسلم ، كما أن دية المرأة على النصف من دية الرجل ولا يخرجها ذلك من أن تكون دية كاملة لها . قيل له : هذا غلط من وجهين :
أحدهما : أن الله تعالى إنما ذكر الرجل في الآية فقال :
ومن قتل مؤمنا خطأ ثم قال :
وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله فكما اقتضى فيما ذكره للمسلم كمال الدية كذلك دية المعاهد لتساويهما في اللفظ مع وجود التعارف عندهم في مقدار الدية .
والوجه الآخر : أن دية المرأة لا يطلق عليها اسم الدية
[ ص: 213 ] وإنما يتناولها الاسم مقيدا ألا ترى أنه يقال دية المرأة نصف الدية وإطلاق اسم الدية إنما يقع على المتعارف المعتاد وهو كمالها ؟ .
فإن قيل : قوله تعالى :
وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق يحتمل أن يريد به : وإن كان المقتول المؤمن من قوم بينكم وبينهم ميثاق ؛ فاكتفى بذكر الإيمان للقتيلين الأولين عن إعادته في القتيل الثالث . قيل له : هذا غلط من وجوه :
أحدها : أنه قد تقدم في أول الخطاب ذكر القتيل المؤمن خطأ وحكمه ، وذلك عموم يقتضي سائر المؤمنين إلا ما خصه الدليل ، فغير جائز إعادة ذكر المؤمن بذلك الحكم في سياق الآية مع شمول أول الآية له ولغيره ، فعلمنا أنه لم يرد المؤمن ممن كان بيننا وبينهم ميثاق .
والثاني : لما لم يقيده بذكر الإيمان وجب إجراؤه في الجميع من المؤمنين والكفار من قوم بيننا وبينهم ميثاق ، وغير جائز تخصيصه بالمؤمنين دون الكافرين بغير دلالة . والثالث : أن إطلاق القول بأنه من المعاهدين يقتضي أن يكون معاهدا مثلهم ، ألا ترى أن قول القائل : " إن هذا الرجل من
أهل الذمة " يفيد أنه ذمي مثلهم ؟ وظاهر قوله تعالى :
وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق يوجب أن يكون معاهدا مثلهم ألا ترى أنه لما أراد بيان حكم المؤمن إذا كان من ذوي أنساب المشركين قال :
فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة فقيده بذكر الإيمان ؟ لأنه لو أطلقه لكان المفهوم منه أنه كافر مثلهم .
والرابع : أنه لو كان كما قال هذا القائل لما كانت الدية مسلمة إلى أهله ؛ لأن أهله كفار لا يرثونه . فهذه الوجوه كلها تقتضي المساواة وفساد هذا التأويل ويدل على صحة قول أصحابنا أيضا ما رواه
nindex.php?page=showalam&ids=12563محمد بن إسحاق عن
nindex.php?page=showalam&ids=15855داود بن الحصين عن
nindex.php?page=showalam&ids=16584عكرمة عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال : لما نزلت :
فإن جاءوك فاحكم بينهم الآية ، قال : " كان إذا قتل
بنو النضير من
بني قريظة قتيلا أدوا نصف الدية ، وإذا قتل
بنو قريظة من
بني النضير أدوا الدية إليهم ، قال : فسوى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهم في الدية " . قال
nindex.php?page=showalam&ids=11943أبو بكر : لما قال : " أدوا الدية " ثم قال : " سوى بينهم في الدية " دل ذلك على أنه راجع إلى الدية المعهودة المبدوء بذكرها ؛ لأنه لو كان رد
بني النضير إلى نصفها لقال : سوى بينهم في نصف الدية ، ولم يقل : سوى بينهم في الدية . ويدل عليه أيضا قول النبي صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=708546في النفس مائة من الإبل وهو عام في الكافر والمسلم .
وروى
مقسم عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : أن
nindex.php?page=hadith&LINKID=663694النبي صلى الله عليه وسلم ودى العامريين وكانا مشركين دية الحرين المسلمين .
وروى
محمد بن عبدوس قال : حدثنا
علي بن الجعد قال : حدثنا
أبو بكر قال : سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=17191نافعا عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم : أنه
nindex.php?page=hadith&LINKID=40148ودى ذميا دية مسلم . وهذان الخبران يوجبان
[ ص: 214 ] مساواة الكافر للمسلم في الدية ؛ لأنه معلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم وداهما بما في الآية في قوله عز وجل :
وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله فدل على أن المراد من الآية دية المسلم .
وأيضا لما لم يكن مقدار الدية مبينا في الكتاب ، كان فعل النبي صلى الله عليه وسلم واردا مورد البيان ، وفعله صلى الله عليه وسلم إذا ورد مورد البيان فهو على الوجوب .
وروى
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة عن
الهيثم عن
أبي الهيثم أن النبي صلى الله عليه وسلم
nindex.php?page=showalam&ids=1وأبا بكر nindex.php?page=showalam&ids=2وعمر nindex.php?page=showalam&ids=7وعثمان قالوا
nindex.php?page=hadith&LINKID=68209دية المعاهد دية الحر المسلم .
وروى
إبراهيم بن سعد عن
nindex.php?page=showalam&ids=12300ابن شهاب قال : " كان
nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر nindex.php?page=showalam&ids=2وعمر nindex.php?page=showalam&ids=7وعثمان يجعلون دية اليهودي والنصراني إذا كانوا معاهدين مثل دية المسلم " .
وروى
سعيد بن أبي أيوب قال : حدثني
nindex.php?page=showalam&ids=17346يزيد بن أبي حبيب أن
جعفر بن عبد الله بن الحكم أخبره : أن
رفاعة بن السموأل اليهودي قتل
بالشام ، فجعل
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر ديته ألف دينار " .
وروى
nindex.php?page=showalam&ids=12563محمد بن إسحاق عن
أبان بن صالح عن
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد عن
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود قال دية
أهل الكتاب مثل دية المسلمين " وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=16588علقمة nindex.php?page=showalam&ids=12354وإبراهيم nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء nindex.php?page=showalam&ids=14577والشعبي .
وروى
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري عن
nindex.php?page=showalam&ids=15959سالم عن أبيه : " أن مسلما قتل كافرا من أهل العقد ، فقضى عليه
nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان بن عفان بدية المسلم " . فهذه الأخبار وما ذكرنا من أقاويل
السلف مع موافقتها لظاهر الآية توجب مساواة الكافر للمسلم في الديات .
وقد روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب أن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب قال دية اليهودي والنصراني أربعة آلاف درهم ودية المجوسي ثمانمائة " . قال
سعيد : " وقضى
nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان في دية المعاهد بأربعة آلاف " . قال
nindex.php?page=showalam&ids=11943أبو بكر : وقد روي عنهما خلاف ذلك وقد ذكرناه . واحتج المخالف بما رواه
nindex.php?page=showalam&ids=16709عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن
nindex.php?page=hadith&LINKID=687250النبي صلى الله عليه وسلم لما دخل مكة عام الفتح قال في خطبته : ودية الكافر نصف دية المسلم وبما روى
nindex.php?page=showalam&ids=16442عبد الله بن صالح قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16457ابن لهيعة عن
nindex.php?page=showalam&ids=17346يزيد بن أبي حبيب عن
أبي الخير عن
nindex.php?page=showalam&ids=27عقبة بن عامر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
دية المجوس ثمانمائة .
قيل له : قد علمنا حضور هؤلاء الصحابة الذين ذكرنا عنهم مقدار الدية خطبة النبي صلى الله عليه وسلم
بمكة ، فلو كان ذلك ثابتا لعرفه هؤلاء ولما عدلوا عنه إلى غيره . وأيضا قد روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال
nindex.php?page=hadith&LINKID=68208دية المعاهد مثل دية المسلم وأنه ودى العامريين دية الحرين المسلمين ؛ وهذا أولى لما فيه من الزيادة ، ولو تعارض الخبران لكان ما اقتضاه ظاهر الكتاب وما ورد به النقل المتواتر عن الرسول صلى الله عليه وسلم في أن الدية مائة من الإبل من غير فصل فيه بين المسلم والكافر أولى فوجب تساويهما في الديات . وأما حديث
nindex.php?page=showalam&ids=27عقبة بن عامر في دية المجوسي فإنه حديث واه لا يحتج بمثله ؛ لأن
ابن [ ص: 215 ] لهيعة ضعيف لا سيما من رواية
nindex.php?page=showalam&ids=16442عبد الله بن صالح عنه
فإن قيل : قوله تعالى
فدية مسلمة إلى أهله عطفا على ما ذكر في دية المسلم لا يدل على تساوي الديتين ، كما لو قال : من قتل عبدا فعليه قيمته ومن استهلك ثوبا فعليه قيمته ، لم يدل على تساوي القيمتين . قيل له : الفرق بينهما أن الدية اسم لمقدار من المال بدلا من نفس الحر كانت معلومة المقدار عندهم وهي مائة من الإبل ، فمتى أطلقت كان من مفهوم اللفظ هذا القدر ، فإطلاق لفظ الدية قد أنبأ عن هذا المعنى ، وعطفها على الدية المتقدمة مع تساوي اللفظ فيهما بأنها دية مسلمة قد اقتضى ذلك أيضا ؛ والله أعلم بالصواب وإليه المرجع والمآب .