باب صلاة الخوف قال الله تعالى :
وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك الآية . قال
nindex.php?page=showalam&ids=11943أبو بكر : قد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم
صلاة الخوف على ضروب مختلفة ؛ واختلف فقهاء الأمصار فيها ، فقال
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد تقوم طائفة مع الإمام وطائفة بإزاء العدو فيصلي بهم ركعة وسجدتين ، ثم ينصرفون إلى مقام أصحابهم ، ثم تأتي الطائفة الأخرى التي بإزاء العدو فيصلي بهم ركعة وسجدتين ويسلم وينصرفون إلى مقام أصحابهم ، ثم تأتي الطائفة التي بإزاء العدو فيقضون ركعة بغير قراءة ويتشهدون ويسلمون ويذهبون إلى وجه العدو ، ثم تأتي الطائفة الأخرى فيقضون ركعة وسجدتين بقراءة " .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12526ابن أبي ليلى : " إذا كان العدو بينهم وبين القبلة جعل الناس طائفتين ، فيكبر ويكبرون ويركع ويركعون جميعا معه ، وسجد الإمام والصف الأول ، ويقوم الصف الآخر في وجوه العدو ، فإذا قاموا من السجود
[ ص: 237 ] سجد الصف المؤخر ، فإذا فرغوا من سجودهم قاموا وتقدم الصف المؤخر وتأخر الصف المقدم ، فيصلي بهم الإمام الركعة الأخرى كذلك ، وإن كان العدو في دبر القبلة قام الإمام ومعه صف مستقبل القبلة والصف الآخر مستقبل العدو ، فيكبر ويكبرون جميعا ويركع ويركعون جميعا ، ثم يسجد الصف الذي مع الإمام سجدتين ، ثم ينقلبون فيكونون مستقبلي العدو ، ثم يجيء الآخرون فيسجدون ويصلي بهم الإمام جميعا الركعة الثانية ، فيركعون جميعا ويسجد الصف الذي معه ، ثم ينقلبون إلى وجه العدو ، ويجيء الآخرون فيسجدون معه ويفرغون ، ثم يسلم الإمام وهم جميعا " .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=11943أبو بكر : وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف في صلاة الخوف ثلاث روايات ، إحداها مثل قول
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد ، والأخرى مثل قول
nindex.php?page=showalam&ids=12526ابن أبي ليلى إذا كان العدو في القبلة ، وإذا كان في غير القبلة فمثل قول
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة .
والثالثة أنه لا تصلى بعد النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف بإمام واحد وإنما تصلى بإمامين كسائر الصلوات . وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري مثل قول
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة . وروي أيضا مثل قول
nindex.php?page=showalam&ids=12526ابن أبي ليلى وقال : " إن فعلت كذلك جاز " وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : " يتقدم الإمام بطائفة وطائفة بإزاء العدو فيصلي بهم ركعة وسجدتين ويقوم قائما وتتم الطائفة التي معه لأنفسها ركعة أخرى ، ثم يتشهدون ويسلمون ، ثم يذهبون إلى مكان الطائفة التي لم تصل فيقومون مكانهم ، وتأتي الطائفة الأخرى فيصلي بهم ركعة وسجدتين ، ثم يتشهدون ويسلم ويقومون فيتمون لأنفسهم الركعة التي بقيت " قال
nindex.php?page=showalam&ids=16337ابن القاسم : كان
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك يقول : " لا يسلم الإمام حتى تتم الطائفة الثانية لأنفسها ، ثم يسلم بهم " لحديث
يزيد بن رومان ؛ ثم رجع إلى حديث
القاسم وفيه أن الإمام يسلم ، ثم تقوم الطائفة الثانية فيقضون . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي مثل قول
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ، إلا أنه قال : " الإمام لا يسلم حتى تتم الطائفة الثانية لأنفسها ، ثم يسلم بهم " . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14117الحسن بن صالح مثل قول
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة ، إلا أنه قال : " الطائفة الثانية إذا صلت مع الإمام وسلم الإمام قضت لأنفسها الركعة التي لم يصلوها مع الإمام ، ثم تنصرف وتجيء الطائفة الأولى فتقضي بقية صلاتها " .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=11943أبو بكر : أشد هذه الأقاويل موافقة لظاهر الآية قول
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد وذلك لأنه تعالى قال :
[ ص: 238 ] وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك وفي ضمن ذلك أن طائفة منهم بإزاء العدو ؛ لأنه قال :
وليأخذوا أسلحتهم وجائز أن يكون مراده الطائفة التي بإزاء العدو وجائز أن يريد به الطائفة المصلية ؛ والأولى أن يكون الطائفة التي بإزاء العدو ؛ لأنها تحرس هذه المصلية ؛ وقد عقل من ذلك أنهم لا يكونون جميعا مع الإمام لأنهم لو كانوا مع الإمام لما كانت طائفة منهم قائمة مع النبي صلى الله عليه وسلم بل يكونون جميعا معه ، وذلك خلاف الآية .
ثم قال تعالى :
فإذا سجدوا فليكونوا من ورائكم وعلى مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك يقضون لأنفسهم ولا يكونون من ورائهم إلا بعد القضاء . وفي الآية الأمر لهم بأن يكونوا بعد السجود من ورائهم ، وذلك موافق لقولنا . ثم قال :
ولتأت طائفة أخرى لم يصلوا فليصلوا معك فدل ذلك على معنيين :
أحدهما : أن الإمام يجعلهم طائفتين في الأصل : طائفة معه ، وطائفة بإزاء العدو على ما قال
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة ؛ لأنه قال :
ولتأت طائفة أخرى وعلى مذهب مخالفنا هي مع الإمام لا تأتيه .
والثاني : قوله :
لم يصلوا فليصلوا معك وذلك يقتضي نفي كل جزء من الصلاة ، ومخالفنا يقول : يفتتح الجميع الصلاة مع الإمام فيكونون حينئذ بعد الافتتاح فاعلين لشيء من الصلاة ؛ وذلك خلاف الآية فهذه الوجوه التي ذكرنا من معنى الآية موافقة لمذهب
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد . وقولنا موافق للسنة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم وللأصول ، وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=913133إنما جعل الإمام ليؤتم به فإذا ركع فاركعوا وإذا سجد فاسجدوا وقال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=99710إني امرؤ قد بدنت فلا تبادروني بالركوع ولا بالسجود . ومن مذهب المخالف أن الطائفة الأولى تقضي صلاتها وتخرج منها قبل الإمام . وفي الأصول أن المأموم مأمور بمتابعة الإمام لا يجوز له الخروج منها قبله ؛ وأيضا جائز أن يلحق الإمام سهو يلزم المأموم ولا يمكن الخارجين من صلاته قبل فراغه أن يسجدوا .
ويخالف هذا القول الأصول من جهة أخرى ، وهي اشتغال المأموم بقضاء صلاته والإمام قائم أو جالس تارك لأفعال الصلاة ، فيحصل به مخالفة الإمام في الفعل وترك الإمام لأفعال الصلاة لأجل المأموم ، وذلك ينافي معنى الاقتداء والائتمام ومنع الإمام من الاشتغال بالصلاة لأجل المأموم ؛ فهذان وجهان أيضا خارجان من الأصول .
فإن قيل : جائز أن تكون صلاة الخوف مخصوصة بجواز انصراف الطائفة الأولى قبل الإمام كما جاز المشي فيها . قيل له : المشي له نظير في الأصول ، وهو الراكب المنهزم . يصلي وهو سائر
[ ص: 239 ] بالاتفاق ؛ فكان لما ذكرنا أصل متفق عليه ، فجاز أن لا تفسد صلاة الخوف .
وأيضا قد ثبت عندنا أن الذي سبقه الحدث في الصلاة ينصرف ويتوضأ ويبني ، قد وردت به السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ روى
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=25وعائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=36907من قاء أو رعف في صلاته فلينصرف وليتوضأ وليبن على ما مضى من صلاته ، والرجل يركع ويمشي إلى الصف فلا تبطل صلاته ؛ وركع
nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر حين دخل المسجد ومشى إلى الصف ، فلما فرغ النبي صلى الله عليه وسلم قال له :
nindex.php?page=hadith&LINKID=73069زادك الله حرصا ولا تعد ولم يأمره باستئناف الصلاة ، فكان للمشي في الصلاة نظائر في الأصول وليس للخروج من الصلاة قبل فراغ الإمام نظير ، فلم يجز فعله . وأيضا فإن المشي فيها اتفاق بيننا وبين
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ، ولما قامت به الدلالة سلمناه لها ، وما عدا ذلك فواجب حمله على موافقة الأصول حتى تقوم الدلالة على جواز خروجه عنها .
ومما يدل من جهة السنة على ما وصف ما حدثنا
محمد بن بكر قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17072مسدد قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17360يزيد بن زريع عن
nindex.php?page=showalam&ids=17124معمر عن
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري عن
nindex.php?page=showalam&ids=15959سالم عن أبيه :
nindex.php?page=hadith&LINKID=653820أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى بإحدى الطائفتين ركعة والطائفة الأخرى مواجهة العدو ، ثم انصرفوا وقاموا في مقام أولئك وجاء أولئك فصلى بهم ركعة أخرى ، ثم سلم عليهم ، ثم قام هؤلاء فقضوا ركعتهم وقام هؤلاء فقضوا ركعتهم ؛ قال
nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود : وكذلك رواه
nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع وخالد بن معدان عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر عن النبي ؛ وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود : وكذلك قول
nindex.php?page=showalam&ids=17073مسروق ويوسف بن مهران عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، وكذلك روى
يونس عن
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن عن
nindex.php?page=showalam&ids=110أبي موسى أنه فعله . وقول
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر : " فقضى هؤلاء ركعة وهؤلاء ركعة " على أنهم قضوا على وجه يجوز القضاء ، وهو أن ترجع الثانية إلى مقام الأولى وجاءت الأولى فقضت ركعة وسلمت ثم جاءت الثانية فقضت ركعة وسلمت . وقد بين ذلك في حديث
nindex.php?page=showalam&ids=15822خصيف عن
nindex.php?page=showalam&ids=12078أبي عبيدة عن
عبد الله :
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى في حرة بني سليم صلاة الخوف ، قام فاستقبل القبلة وكان العدو في غير القبلة ، فصف معه صفا وأخذ صف السلاح واستقبلوا العدو ، فكبر رسول الله صلى الله عليه وسلم والصف الذي معه ، ثم ركع وركع الصف الذي معه ، ثم تحول الصف الذين صفوا مع النبي صلى الله عليه وسلم فأخذوا السلاح ، وتحول الآخرون فقاموا مع النبي صلى الله عليه وسلم ، فركع النبي صلى الله عليه وسلم وركعوا وسجد وسجدوا ، ثم سلم النبي صلى الله عليه وسلم فذهب الذين صلوا معه وجاء الآخرون فقضوا ركعة فلما فرغوا أخذوا السلاح ، وتحول الآخرون وصلوا ركعة ؛ فكان للنبي صلى الله عليه وسلم ركعتان [ ص: 240 ] وللقوم ركعة ركعة ؛ فبين في هذا الحديث انصراف الطائفة الثانية قبل قضاء الركعة الأولى ، وهو معنى ما أجمله
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر في حديثه .
وقد روي في حديث
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود من رواية
ابن فضيل عن
nindex.php?page=showalam&ids=15822خصيف عن
nindex.php?page=showalam&ids=12078أبي عبيدة عن
عبد الله :
أن الطائفة الثانية قضت ركعة لأنفسها قبل قضاء الطائفة الأولى الركعة التي بقيت عليها ، والصحيح ما ذكرناه أولا ؛ لأن الطائفة الأولى قد أدركت أول الصلاة والثانية لم تدرك ، فغير جائز للثانية الخروج من صلاتها قبل الأولى ؛ ولأنه لما كان من حكم الطائفة الأولى أن تصلي الركعتين في مقامين فكذلك حكم الثانية أن تقضيهما في مقامين لا في مقام واحد لأن سبيل صلاة الخوف أن تكون مقسومة بين الطائفتين على التعديل بينهما فيها .
واحتج
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك بحديث رواه عن
يزيد بن رومان عن
صالح بن خوات مرسلا عن النبي صلى الله عليه وسلم وذكر فيه أن الطائفة الأولى صلت الركعة الثانية قبل أن يصليها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهذا لم يروه أحد إلا
يزيد بن رومان ؛ وقد خولف فيه فروى
nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة عن
nindex.php?page=showalam&ids=16337عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن
صالح بن خوات عن
سهل بن أبي حثمة :
nindex.php?page=hadith&LINKID=667779أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى بهم صلاة الخوف فصف صفا خلفه وصف مصاف العدو ، فصلى بهم ركعة ، ثم ذهب هؤلاء وجاء أولئك ، فصلى بهم ركعة ، ثم قاموا فقضوا ركعة ركعة .
ففي هذا الحديث أن الطائفة الأولى لم تقض الركعة الثانية إلا بعد خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم من صلاته ؛ وهذا أولى لما قدمناه من دلائل الأصول عليه . وقد روى
nindex.php?page=showalam&ids=17316يحيى بن سعيد عن
القاسم عن
صالح مثل رواية
يزيد بن رومان . وفي حديث
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك عن
يزيد بن رومان أن تلك الصلاة إنما كانت من رسول الله صلى الله عليه وسلم بذات الرقاع ؛ وقد روى
يحيى بن كثير عن
أبي سلمة عن
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر قال :
كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بذات الرقاع ، فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بطائفة منهم ، ثم انصرفوا وجاء الآخرون فصلى بهم ركعتين ؛ فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعا وكل طائفة ركعتين ؛ وهذا يدل على اضطراب حديث
يزيد بن رومان . وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف على وجوه أخر ، فاتفق
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر nindex.php?page=showalam&ids=36وجابر وحذيفة nindex.php?page=showalam&ids=47وزيد بن ثابت أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بإحدى الطائفتين ركعة والطائفة الأخرى مواجهون العدو ، ثم صلى بالطائفة الأخرى ركعة ، وأن أحدا منهم لم يقض بقية صلاته قبل فراغ رسول الله صلى الله عليه وسلم . وروى
صالح بن خوات على ما قد اختلف عنه فيه
مما قدمنا ذكره .
وروى
أبو عياش الزرقي عن النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الخوف نحو
[ ص: 241 ] المذهب الذي حكيناه عن
nindex.php?page=showalam&ids=12526ابن أبي ليلى nindex.php?page=showalam&ids=14954وأبي يوسف إذا كان العدو في القبلة . وروى
أيوب وهشام عن
nindex.php?page=showalam&ids=11862أبي الزبير عن
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر هذا المعنى عن النبي صلى الله عليه وسلم ؛ وكذلك رواه
داود بن حصين عن
nindex.php?page=showalam&ids=16584عكرمة عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، وكذلك
عبد الملك عن
عطاء بن جابر ، وكذلك
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة عن
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن عن
حطان عن
nindex.php?page=showalam&ids=110أبي موسى من فعله . ورواه
عكرمة بن خالد عن
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد عن النبي صلى الله عليه وسلم وكذلك
nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة عن النبي صلى الله عليه وسلم . وقد روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=36وجابر ما قدمنا ذكره قبل هذا ، واختلفت الرواية عنهما فيها .
وروي فيها نوع آخر ، وهو ما حدثنا
محمد بن بكر قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=14161الحسن بن علي قال : حدثنا
أبو عبد الرحمن المقري قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15784حيوة بن شريح nindex.php?page=showalam&ids=16457وابن لهيعة قالا : أخبرنا
أبو الأسود أنه سمع
nindex.php?page=showalam&ids=16561عروة بن الزبير يحدث عن
مروان بن الحكم أنه سأل
nindex.php?page=showalam&ids=3أبا هريرة : هل صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف ؟ فقال
nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة : نعم ؛ قال
مروان : متى ؟ فقال
nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة عام غزوة
نجد nindex.php?page=hadith&LINKID=672974قام رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى صلاة العصر فقامت معه طائفة وطائفة أخرى مقابل العدو وظهورهم إلى القبلة ، فكبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فكبروا جميعا الذين معه والذين مقابلي العدو ، ثم ركع رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعة واحدة وركعت الطائفة التي معه ، ثم سجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فسجدت الطائفة التي تليه والآخرون قيام مقابلي العدو ، ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم وقامت الطائفة التي معه فذهبوا إلى العدو فقابلوهم وأقبلت الطائفة التي كانت مقابلي العدو فركعوا وسجدوا ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم كما هو ، ثم قاموا فركع رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعة أخرى وركعوا معه وسجد وسجدوا معه ، ثم أقبلت الطائفة التي كانت مقابلي العدو فركعوا وسجدوا ورسول الله صلى الله عليه وسلم قاعد ومن معه ، ثم كان السلام فسلم رسول الله صلى الله عليه وسلم وسلموا جميعا ؛ فكان لرسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتان ولكل رجل من الطائفتين ركعة ركعة .
وقد روي عنه صلى الله عليه وسلم نوع آخر من صلاة الخوف ، وهو ما حدثنا
محمد بن بكر قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود قال : حدثنا
عبيد الله بن معاذ قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=34أبي قال : حدثنا
الأشعث عن
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن عن
nindex.php?page=showalam&ids=130أبي بكرة قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=672980صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في خوف الظهر ، فصف بعضهم خلفه وبعضهم بإزاء العدو ، فصلى ركعتين ، ثم سلم ، فانطلق الذين صلوا فوقفوا موقف أصحابهم ، ثم جاء أولئك فصلوا خلفه فصلى بهم ركعتين ثم سلم ؛ فكانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم أربعا ولأصحابه ركعتين ركعتين ، وبذلك كان يفتي
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن . قال
nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود : وكذلك رواه
nindex.php?page=showalam&ids=17298يحيى بن أبي كثير عن
أبي سلمة عن
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم وكذلك رواه
سليمان [ ص: 242 ] اليشكري عن
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم . قال
nindex.php?page=showalam&ids=11943أبو بكر : وقد قدمنا قبل ذلك أن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس وجابرا رويا عن النبي صلى الله عليه وسلم
nindex.php?page=hadith&LINKID=684037أنه صلى بكل طائفة ركعة ركعة فكان لرسول الله ركعتان ولكل طائفة ركعة
وأن هذا محمول عندنا على أنه كان ركعة في جماعة وفعلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ فذهب
nindex.php?page=showalam&ids=12526ابن أبي ليلى nindex.php?page=showalam&ids=14954وأبو يوسف إذا كان العدو في القبلة إلى حديث
أبي عياش الزرقي الذي ذكرناه .
وجائز أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم قد صلى هذه الصلوات على الوجوه التي وردت بها الروايات وذلك ؛ لأنها لم تكن صلاة واحدة فتتضاد الروايات فيها وتتنافى ، بل كانت صلوات في مواضع مختلفة ؛
بعسفان في حديث
أبي عياش الزرقي ، وفي حديث
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر ببطن النخل ؛ ومنها حديث
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة في غزوة
نجد وذكر فيه أن الصلاة كانت
بذات الرقاع ، وصلاها في
حرة بني سليم . ويشبه أن يكون قد صلى في بعض هذه المواضع عدة صلوات ؛ لأن في بعض حديث
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر الذي يقول فيه : " إن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بكل طائفة ركعتين ذكر أنه كان
بذات الرقاع ، وفي حديث
صالح بن خوات أيضا أنه صلاها
بذات الرقاع ؛ وهما مختلفان كل واحد منهما ذكر فيه من صفة صلاته خلاف صفة الأخرى ؛ وكذلك حديث
أبي عياش الزرقي ذكر أنه صلاها
بعسفان ، وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أيضا أنه صلاها
بعسفان ؛ فروي تارة نحو حديث
أبي عياش وتارة على خلافه .
واختلاف هذه الآثار يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم قد صلى هذه الصلوات على اختلافها على حسب ورود الروايات بها وعلى ما رآه النبي احتياطا في الوقت من كيد العدو وما هو أقرب إلى الحذر والتحرز على ما أمر الله تعالى به من أخذ الحذر في قوله :
وليأخذوا حذرهم وأسلحتهم ود الذين كفروا لو تغفلون عن أسلحتكم وأمتعتكم فيميلون عليكم ميلة واحدة ولذلك كان الاجتهاد سائغا في جميع أقاويل الفقهاء على اختلافها ؛ لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم فيها إلا أن الأولى عندنا ما وافق ظاهر الكتاب والأصول .
وجائز أن يكون الثابت الحكم منها واحدا والباقي منسوخ ، وجائز أن يكون الجميع ثابتا غير منسوخ توسعة وترفيها لئلا يحرج من ذهب إلى بعضها ، ويكون الكلام في الأفضل منها كاختلاف الروايات في الترجيع في الأذان وفي تثنية الإقامة وتكبيرات العيدين والتشريق ونحو ذلك مما الكلام فيه بين الفقهاء في الأفضل ؛ فمن ذهب إلى وجه منها فغير معنف عليه في اختياره ، وكان الأولى عندنا ما وافق ظاهر الآية والأصول .
وفي حديث
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر وأبي بكرة [ ص: 243 ] أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بكل طائفة ركعتين ، فجائز أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم قد كان مقيما حين صلاها كذلك ، ويكون قولهما " إنه سلم في الركعتين " المراد به تسليم التشهد وذلك لأن ظاهر الكتاب ينفيه على الوجه الذي يقتضيه ظاهر الخبر ؛ لأن الله تعالى قال :
فلتقم طائفة منهم معك وليأخذوا أسلحتهم فإذا سجدوا فليكونوا من ورائكم وظاهر الخبر يوجب أن يكونوا مصلين مع النبي صلى الله عليه وسلم بعد السجود على الحال التي كانوا عليها قبله .
فإن قيل : كيف يكون مقيما في بادية وهي
ذات الرقاع وليست موضع إقامة ولا هي بالقرب من
المدينة ؟ قيل له جائز أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم خرج من
المدينة لم ينو سفر ثلاث وإنما نوى في كل موضع يبلغ إليه سفر يوم أو يومين ، فيكون مقيما عندنا ؛ إذ لم ينشئ سفر ثلاث وإن كان في البادية ؛ ويحتمل أن يكون فعلها في الوقت الذي يعاد الفرض فيه ، وذلك منسوخ عندنا ؛ وعلى أنه لو كان كذلك لم تكن صلاة خوف وإنما هي صلاة على هيئة سائر الصلوات ، ولا خلاف أن صلاة الخوف مخالفة لسائر الصلوات المفعولة في حال الأمن .
وأما القول الذي روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف في أنه لا تصلى بعد النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف وأنه ينبغي أن تصلى عند الخوف بإمامين ؛ فإنه ذهب فيه إلى ظاهر قول الله تعالى :
وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة فخص هذه الصلاة بكون النبي صلى الله عليه وسلم فيهم ، وأباح لهم فعلها معه على هذا الوجه ليدركوا فضيلة الصلاة خلفه التي مثلها لا يوجد في الصلاة خلف غيره ؛ فغير جائز بعده لأحد أن يصليها إلا بإمامين ؛ لأن فضيلة الصلاة خلف الثاني كهي خلف الأول ، فلا يحتاج إلى مشي واختلاف واستدبار القبلة مما هو مناف للصلاة .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=11943أبو بكر : فأما تخصيص النبي صلى الله عليه وسلم بالخطاب بها بقوله :
وإذا كنت فيهم فليس بموجب بالاقتصار عليه بهذا الحكم دون غيره ؛ لأن الذي قال :
وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة هو الذي قال :
واتبعوه فإذا وجدنا النبي صلى الله عليه وسلم قد فعل فعلا فعلينا اتباعه فيه على الوجه الذي فعله ، ألا ترى أن قوله :
خذ من أموالهم صدقة تطهرهم لم يوجب كون النبي صلى الله عليه وسلم مخصوصا به دون غيره من الأئمة بعده ؟ وكذلك قوله :
إذا جاءك المؤمنات يبايعنك وكذلك قوله :
وأن احكم بينهم بما أنزل الله وقوله :
فإن جاءوك فاحكم بينهم فيه تخصيص النبي صلى الله عليه وسلم بالمخاطبة ، والأئمة بعده مرادون بالحكم معه .
وأما إدراك فضيلة الصلاة خلف النبي صلى الله عليه وسلم فليس يجوز أن يكون علة لإباحة المشي في الصلاة واستدبار القبلة والأفعال التي تركها
[ ص: 244 ] من فروض الصلاة ؛ لأنه لما كان معلوما أن فعل الصلاة خلف النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن فرضا ، فغير جائز أن يكونوا أمروا بترك الفرض لأجل إدراك الفضل ، فلما كان هذا على ما وصفنا بطل اعتلاله بذلك وصح أن فعل صلاة الخوف على الوجه الذي روي عن النبي صلى الله عليه وسلم جائز بعده كما جاز معه .
وقد روى جماعة من الصحابة جواز فعل صلاة الخوف بعد النبي صلى الله عليه وسلم منهم
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود nindex.php?page=showalam&ids=47وزيد بن ثابت nindex.php?page=showalam&ids=110وأبو موسى وحذيفة وسعيد بن العاص وعبد الرحمن بن سمرة في آخرين منهم ، من غير خلاف يحكى عن أحد منهم ، ومثله يكون إجماعا لا يسع خلافه . والله أعلم .