قوله تعالى :
ربنا تقبل منا معناه : " يقولان ربنا تقبل " فحذف لدلالة الكلام عليه ، كقوله تعالى :
والملائكة باسطو أيديهم أخرجوا أنفسكم يعني : " يقولون أخرجوا أنفسكم " . والتقبل : هو إيجاب
[ ص: 100 ] الثواب على العمل ، وقد تضمن ذلك كون بناء المساجد قربة ؛ لأنهما بنياه لله تعالى فأخبرا باستحقاق الثواب به ؛ وهو كقوله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=99133من بنى مسجدا ولو مثل مفحص قطاة بنى الله له به بيتا في الجنة .
قوله تعالى :
وأرنا مناسكنا يقال : إن أصل النسك في اللغة الغسل ، يقال منه : نسك ثوبه إذا غسله ، وقد أنشد فيه بيت شعر :
ولا ينبت المرعى سباخ عراعر ولو نسكت بالماء ستة أشهر
وفي الشرع : اسم للعبادة ، يقال : رجل ناسك ، أي : عابد . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=48البراء بن عازب : خرج النبي صلى الله عليه وسلم يوم الأضحى فقال
nindex.php?page=hadith&LINKID=650923إن أول نسكنا في هذا اليوم الصلاة ثم الذبح .
فسمى الصلاة نسكا ، والذبيحة على وجه القربة تسمى نسكا ، قال الله تعالى :
ففدية من صيام أو صدقة أو نسك يعني ذبح شاة ، ومناسك الحج : ما يقتضيه من الذبح وسائر أفعاله ، قال النبي صلى الله عليه وسلم حين دخل
مكة :
nindex.php?page=hadith&LINKID=74288خذوا عني مناسككم والأظهر من معنى قوله :
وأرنا مناسكنا سائر أعمال الحج ؛ لأن الله تعالى أمرهما ببناء البيت للحج ، وقد روى
nindex.php?page=showalam&ids=12526ابن أبي ليلى عن
nindex.php?page=showalam&ids=12531ابن أبي مليكة عن
nindex.php?page=showalam&ids=12عبد الله بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=101123أتى جبريل إبراهيم عليهما السلام فراح به إلى مكة ثم منى وذكر أفعال الحج على نحو ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم في حجته ، قال : ثم أوحى الله إلى نبيه صلى الله عليه وسلم
أن اتبع ملة إبراهيم حنيفا وكذلك أرسل النبي صلى الله عليه وسلم إلى قوم
بعرفات وقوف خلفه وهو واقف بها فقال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=663179كونوا على مشاعركم فإنكم على إرث من إرث إبراهيم عليه السلام . قوله تعالى :
ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه يدل على لزوم
اتباع إبراهيم في شرائعه فيما لم يثبت نسخه . وأفاد بذلك أن من رغب عن ملة
محمد صلى الله عليه وسلم فهو راغب عن ملة
إبراهيم ؛ إذ كانت ملة النبي صلى الله عليه وسلم منتظمة لملة
إبراهيم وزائدة عليها .