باب الرشوة
قال الله تعالى :
سماعون للكذب أكالون للسحت قيل إن أصل السحت الاستئصال ، يقال : أسحته إسحاتا : إذا استأصله وأذهبه ، قال الله عز وجل :
فيسحتكم بعذاب أي يستأصلكم به . ويقال : أسحت ماله ، إذا أفسده وأذهبه . فسمي الحرام سحتا ؛ لأنه لا بركة فيه لأهله ويهلك به صاحبه هلاك الاستئصال . وروى
nindex.php?page=showalam&ids=16008ابن عيينة عن
عمار الدهني عن
nindex.php?page=showalam&ids=15957سالم بن أبي الجعد عن
nindex.php?page=showalam&ids=17073مسروق قال : سألت
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود عن السحت أهو
الرشوة في الحكم ؟ فقال :
ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ولكن السحت أن يستشفع بك على إمام فتكلمه فيهدي لك هدية فتقبلها . وروى
nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة عن
منصور عن
nindex.php?page=showalam&ids=15957سالم بن [ ص: 85 ] أبي الجعد عن
nindex.php?page=showalam&ids=17073مسروق قال : سألت
عبد الله عن
الجور في الحكم ، فقال : " ذلك كفر " ؛ وسألته عن السحت ، فقال : " الرشا " . وروى
عبد الأعلى بن حماد : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15741حماد عن
أبان عن
ابن أبي عياش عن
مسلم ، أن
مسروقا قال : قلت
nindex.php?page=showalam&ids=2لعمر : يا أمير المؤمنين أرأيت الرشوة في الحكم من السحت ؟ قال : " لا ، ولكن كفر ، إنما السحت أن يكون لرجل عند سلطان جاه ومنزلة ويكون للآخر إلى السلطان حاجة ، فلا يقضي حاجته حتى يهدي إليه " . وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب قال : " السحت الرشوة في الحكم ومهر البغي وعسب الفحل وكسب الحجام وثمن الكلب وثمن الخمر وثمن الميتة وحلوان الكاهن والاستجعال في القضية " . فكأنه جعل السحت اسما لأخذ ما لا يطيب أخذه . وقال
إبراهيم nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة nindex.php?page=showalam&ids=14676والضحاك : " السحت الرشا " . وروى
منصور عن
الحكم عن
أبي وائل عن
nindex.php?page=showalam&ids=17073مسروق قال : " إن القاضي إذا أخذ الهدية فقد أكل السحت ، وإذا أكل الرشوة بلغت به الكفر " . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش عن
خيثمة عن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر قال : " بابان من السحت يأكلهما الناس : الرشا ومهر الزانية " . وروى
إسماعيل بن زكريا عن
إسماعيل بن مسلم عن
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
هدايا الأمراء من السحت .
وروى
nindex.php?page=showalam&ids=11811أبو إدريس الخولاني عن
nindex.php?page=showalam&ids=99ثوبان قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=702210لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي والرائش الذي يمشي بينهما .
وروى
nindex.php?page=showalam&ids=12031أبو سلمة بن عبد الرحمن عن
nindex.php?page=showalam&ids=12عبد الله بن عمر قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=663627لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي .
وروى
nindex.php?page=showalam&ids=12118أبو عوانة عن
nindex.php?page=showalam&ids=5842عمر بن أبي سلمة عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=936142لعن الله الراشي والمرتشي في الحكم . قال
nindex.php?page=showalam&ids=11943أبو بكر : اتفق جميع المتأولين لهذه الآية على أن قبول الرشا محرم ، واتفقوا على أنه من السحت الذي حرمه الله تعالى .
والرشوة تنقسم إلى وجوه : منها الرشوة في الحكم ، وذلك محرم على الراشي والمرتشي جميعا ، وهو الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=663627لعن الله الراشي والمرتشي والرائش وهو الذي يمشي بينهما فذلك لا يخلو من أن يرشوه ليقضي له بحقه أو بما ليس بحق له ، فإن رشاه ليقضي له بحقه فقد فسق الحاكم بقبول الرشوة على أن يقضي له بما هو فرض عليه ، واستحق الراشي الذم حين حاكم إليه وليس بحاكم ، ولا ينفذ حكمه ؛ لأنه قد انعزل عن الحكم بأخذه الرشوة ، كمن أخذ الأجرة على أداء الفروض من الصلاة والزكاة والصوم . ولا خلاف في تحريم الرشا على الأحكام وأنها من السحت الذي حرمه الله في كتابه . وفي هذا دليل على أن كل ما كان مفعولا على وجه الفرض والقربة إلى الله تعالى أنه لا يجوز أخذ الأجرة عليه ، كالحج
[ ص: 86 ] وتعليم القرآن والإسلام ؛ ولو كان أخذ الأبدال على هذه الأمور جائزا لجاز أخذ الرشا على إمضاء الأحكام ، فلما حرم الله أخذ الرشا على الأحكام واتفقت الأمة عليه دل ذلك على فساد قول القائلين بجواز أخذ الأبدال على الفروض والقرب . وإن أعطاه الرشوة على أن يقضي له بباطل فقد فسق الحاكم من وجهين :
أحدهما : أخذ الرشوة ، والآخر : الحكم بغير حق ؛ وكذلك الراشي . وقد تأول
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود nindex.php?page=showalam&ids=17073ومسروق السحت على الهدية في الشفاعة إلى السلطان ، وقال : " إن أخذ الرشا على الأحكام كفر " . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=8علي رضي الله عنه
nindex.php?page=showalam&ids=47وزيد بن ثابت ومن قدمنا قوله : " الرشا من السحت " . وأما الرشوة في غير الحكم ، فهو ما ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود nindex.php?page=showalam&ids=17073ومسروق في الهدية إلى الرجل ليعينه بجاهه عند السلطان ، وذلك منهي عنه أيضا ؛ لأن عليه معونته في دفع الظلم عنه ، قال الله تعالى :
وتعاونوا على البر والتقوى وقال النبي صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=911564لا يزال الله في عون المرء ما دام المرء في عون أخيه . ووجه آخر من الرشوة ، وهو الذي يرشو السلطان لدفع ظلمه عنه ، فهذه الرشوة محرمة على آخذها غير محظورة على معطيها . وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11867جابر بن زيد nindex.php?page=showalam&ids=14577والشعبي قالا : " لا بأس بأن يصانع الرجل عن نفسه وماله إذا خاف الظلم " وعن
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء nindex.php?page=showalam&ids=12354وإبراهيم مثله .
وروى
هشام عن
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=663627لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي قال
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن : " ليحق باطلا أو يبطل حقا ، فأما أن تدفع عن مالك فلا بأس " . وقال
يونس عن
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن : " لا بأس أن يعطي الرجل من ماله ما يصون به عرضه " .
وروى
nindex.php?page=showalam&ids=16545عثمان بن الأسود عن
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد قال : " اجعل مالك جنة دون دينك ولا تجعل دينك جنة دون مالك " .
وروى
nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان عن
عمرو عن
أبي الشعثاء قال : " لم نجد زمن
زياد شيئا أنفع لنا من الرشا " . فهذا الذي رخص فيه
السلف إنما هو في دفع الظلم عن نفسه بما يدفعه إلى من يريد ظلمه أو انتهاك عرضه ؛ وقد روي أن
النبي صلى الله عليه وسلم لما قسم غنائم خيبر وأعطى تلك العطايا الجزيلة ، أعطى العباس بن مرداس السلمي شيئا ، فسخطه فقال شعرا ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : اقطعوا عنا لسانه فزادوه حتى رضي . وأما
الهدايا للأمراء والقضاة ، فإن
nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد بن الحسن كرهها وإن لم يكن للمهدي خصم ولا حكومة عند الحاكم ذهب في ذلك إلى حديث
nindex.php?page=showalam&ids=187أبي حميد الساعدي nindex.php?page=hadith&LINKID=652407في قصة ابن اللتبية حين بعثه النبي صلى الله عليه وسلم على الصدقة ، فلما جاء قال : هذا لكم وهذا أهدي لي ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ما بال أقوام نستعملهم على ما ولانا الله فيقول هذا لكم وهذا أهدي لي فهلا جلس في بيت أبيه فنظر أيهدى له أم لا . وما روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=911150هدايا الأمراء غلول وهدايا الأمراء سحت . وكره
nindex.php?page=showalam&ids=16673عمر بن عبد العزيز قبول الهدية ، فقيل
[ ص: 87 ] له :
nindex.php?page=hadith&LINKID=652396إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبل الهدية ويثيب عليها ، فقال : كانت حينئذ هدية وهي اليوم سحت . ولم يكره
محمد للقاضي قبول الهدية ممن كان يهاديه قبل القضاء ؛ فكأنه إنما كره منها ما أهدي له لأجل أنه قاض ولولا ذلك لم يهد له . وقد دل على هذا المعنى قول النبي صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=656639هلا جلس في بيت أبيه وأمه فنظر أيهدى له أم لا فأخبر أنه إنما أهدي له لأنه عامل ، ولولا أنه عامل لم يهد له ، وأنه لا يحل له ؛ وأما من كان يهاديه قبل القضاء وقد علم أنه لم يهده إليه لأجل القضاء ، فجائز له قبوله على حسب ما كان يقبله قبل ذلك .
وقد روي أن بنت ملك
الروم أهدت
لأم كلثوم بنت
nindex.php?page=showalam&ids=8علي امرأة
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر ، فردها
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر ومنع قبولها .