باب
الشهادة على الوصية في السفر قال الله تعالى :
يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم قد اختلف في معنى الشهادة هاهنا ، فقال قائلون : ( هي الشهادة على الوصية في السفر ) وأجازوا بها
شهادة أهل الذمة على وصية المسلم في السفر .
وروى
nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي عن
nindex.php?page=showalam&ids=110أبي موسى أن رجلا مسلما توفي
بدقوقا ولم يجد أحدا من المسلمين يشهده على وصيته ، فأشهد رجلين من
أهل الكتاب ، فأحلفهما
nindex.php?page=showalam&ids=110أبو موسى بعد العصر بالله ما خانا ولا كذبا ولا بدلا ولا كتما ولا غيرا ، وإنها لوصية الرجل وتركته ؛ فأمضى
nindex.php?page=showalam&ids=110أبو موسى شهادتهما وقال : هذا أمر لم يكن بعد الذي كان في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وقال آخرون : ( معنى :
شهادة بينكم حضور الوصيين ، من قولك شهدته إذا حضرته ) .
وقال آخرون : ( إنما الشهادة هنا أيمان الوصية بالله إذا ارتاب الورثة بهما ) ، وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد . فذهب
nindex.php?page=showalam&ids=110أبو موسى إلى أنها الشهادة على الوصية التي تثبت بها عند الحكام ، وأن هذا حكم ثابت غير منسوخ ؛ وروي مثله عن
nindex.php?page=showalam&ids=16097شريح ، وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري nindex.php?page=showalam&ids=12526وابن أبي ليلى nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=15990وسعيد بن المسيب nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير nindex.php?page=showalam&ids=16972وابن سيرين وعبيدة nindex.php?page=showalam&ids=16097وشريح nindex.php?page=showalam&ids=14577والشعبي :
أو آخران من غيركم ( من غير ملتكم ) . وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن nindex.php?page=showalam&ids=12300والزهري : ( من غير قبيلتكم ) فأما تأويل من تأولها على اليمين دون الشهادة التي تقام عند الحكام ، فقول مرغوب عنه ، وإن كانت اليمين قد تسمى شهادة في نحو قوله تعالى :
فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله لأن الشهادة إذا أطلقت فهي الشهادة المتعارفة ، كقوله تعالى :
وأقيموا الشهادة لله واستشهدوا شهيدين من رجالكم ولا يأب الشهداء إذا ما دعوا وأشهدوا ذوي عدل منكم كل ذلك قد عقل به الشهادات على الحقوق لا الأيمان ؛ وكذلك قوله تعالى :
شهادة بينكم المفهوم فيه الشهادة المتعارفة .
ويدل عليه قوله تعالى :
إذا حضر أحدكم الموت ويبعد أن يكون المراد أيمان بينكم إذا حضر أحدكم الموت ؛ لأن حال الموت ليس حالا للأيمان . ثم زاد بذلك بيانا بقوله :
اثنان ذوا عدل منكم أو آخران من غيركم يعني والله أعلم : إن
[ ص: 160 ] لم يوجد ذوا عدل منكم ؛ ولا يختلف في حكم اليمين وجود ذوي العدل وعدمهم .
وقوله تعالى :
ولا نكتم شهادة الله يدل على ذلك أيضا ؛ لأن اليمين موجودة ظاهرة غير مكتومة ، ثم ذكر يمين الورثة بعد اختلاف الوصيين على مال الميت ، وإنما الشهادة التي هي اليمين هي المذكورة في قوله :
لشهادتنا أحق من شهادتهما ثم قوله :
ذلك أدنى أن يأتوا بالشهادة على وجهها يعني به الشهادة على الوصية ؛ إذ غير جائز أن يقول : ( أن تأتوا باليمين على وجهها ) .
وقوله تعالى :
أو يخافوا أن ترد أيمان بعد أيمانهم يدل أيضا على أن الأول شهادة ؛ لأنه ذكر الشهادة واليمين كل واحدة بحقيقة لفظها . فأما تأويل من تأول قوله :
أو آخران من غيركم من غير قبيلتكم ؛ فلا معنى له والآية تدل على خلافه ؛ لأن الخطاب توجه إليهم بلفظ الإيمان من غير ذكر للقبيلة في قوله تعالى :
يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم قال :
أو آخران من غيركم يعني من غير المؤمنين ، ولم يجر للقبيلة ذكر حتى ترجع إليه الكناية ؛ ومعلوم أن الكناية إنما ترجع إما إلى مظهر مذكور في الخطاب أو معلوم بدلالة الحال ، فلما لم تكن هنا دلالة على الحال ترجع الكناية إليها يثبت أنها راجعة إلى من تقدم ذكره في الخطاب من المؤمنين وصح أن المراد من غير المؤمنين ، فاقتضت الآية جواز
شهادة أهل الذمة على وصية المسلم في السفر .
وقد روي في تأويل الآية عن
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود nindex.php?page=showalam&ids=110وأبي موسى nindex.php?page=showalam&ids=16097وشريح nindex.php?page=showalam&ids=16584وعكرمة nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة وجوه مختلفة ، وأشبهها بمعنى الآية ما حدثنا
محمد بن بكر قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=14161الحسن بن علي ، قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17294يحيى بن آدم قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15926ابن أبي زائدة عن
محمد بن أبي القاسم عن
عبد الملك بن سعيد بن جبير عن أبيه عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=652572خرج رجل من بني سهم مع nindex.php?page=showalam&ids=155تميم الداري وعدي بن بداء ، فمات السهمي بأرض ليس بها مسلم ، فلما قدما بتركته فقدوا جام فضة مخوصا بالذهب ، فأحلفهما رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ ثم وجد الجام بمكة فقالوا : اشتريناه من تميم وعدي ، فقام رجلان من أولياء السهمي فحلفا لشهادتنا أحق من شهادتهما وأن الجام لصاحبهم ، قال : فنزلت فيهم : يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم فأحلفهما رسول الله صلى الله عليه وسلم بديا لأن الورثة اتهموهما بأخذه ، ثم لما ادعيا أنهما اشتريا الجام من الميت استحلف الورثة وجعل القول قولهم في أنه لم يبع وأخذوا الجام . ويشبه أن يكون ما قال
nindex.php?page=showalam&ids=110أبو موسى في قبول شهادة الذميين على وصية المسلم في السفر وأن ذلك لم يكن منذ عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الآن ، هو هذه القصة التي في حديث
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ؛
[ ص: 161 ] وقد روى
nindex.php?page=showalam&ids=16584عكرمة في قصة
nindex.php?page=showalam&ids=155تميم الداري نحو رواية
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس .