قوله تعالى :
قل لا أجد في ما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه الآية روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=16248طاوس أن
أهل الجاهلية كانوا يستحلون أشياء ويحرمون أشياء ، فقال الله تعالى :
قل لا أجد في ما أوحي إلي محرما مما تستحلون
إلا أن يكون ميتة الآية وسياقة المخاطبة تدل على ما قال
nindex.php?page=showalam&ids=16248طاوس ؛ وذلك لأن الله قد قدم ذكر ما كانوا يحرمون من الأنعام وذمهم على تحريم ما أحله وعنفهم وأبان به عن جهلهم لأنهم حرموا بغير حجة ، ثم عطف قوله تعالى :
قل لا أجد في ما أوحي إلي محرما يعني تحرمونه إلا ما ذكر وإذا كان ذلك تقدير الآية لم يجز الاستدلال بها على إباحة ما خرج عن الآية .
فإن قيل : قد ذكر في أول المائدة تحريم المنخنقة والموقوذة وما ذكر معهما ، وهي خارجة عن هذه الآية قيل له : في ذلك جوابان :
أحدهما : أن المنخنقة وما ذكر معها قد دخلت في الميتة ، وإنما ذكر الله تعالى تحريم الميتة في قوله :
حرمت عليكم الميتة ثم فسر وجوهها والأسباب الموجبة لكونها ميتة فقد اشتمل اسم الميتة على المنخنقة ونظائرها .
والثاني : أن سورة الأنعام مكية ، وجائز أن لا يكون قد حرم في ذلك الوقت إلا ما قد ذكر في هذه الآية ، والمائدة مدنية وهي من آخر ما نزل من القرآن ، وفي هذه الآية دليل على أن ( أو ) إذا دخلت على النفي ثبت كل واحد مما دخلت عليه على حياله وأنها لا تقتضي تخييرا ؛ لأن قوله تعالى :
إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير قد أوجب تحريم كل واحد من ذلك على حياله .
وقد احتج كثير من
السلف في إباحة ما عدا المذكورة في هذه الآية بها ، فمنها
لحوم الحمر الأهلية وروى
nindex.php?page=showalam&ids=16008سفيان بن عيينة عن
nindex.php?page=showalam&ids=16705عمرو بن دينار قال : قلت
لجابر بن زيد : إنهم يزعمون أن النبي صلى الله عليه وسلم
nindex.php?page=hadith&LINKID=102052نهى عن لحوم الحمر الأهلية قال : قد كان يقول ذلك الحكم بن عمرو الغفاري عندنا عن النبي صلى الله عليه وسلم ،
[ ص: 186 ] ولكن أبى ذلك
nindex.php?page=showalam&ids=11البحر يعني عبد الله بن عباس وقرأ :
قل لا أجد في ما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه الآية وروى
nindex.php?page=showalam&ids=15744حماد بن سلمة عن
nindex.php?page=showalam&ids=17316يحيى بن سعيد عن
القاسم عن
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة : أنها كانت لا ترى بلحوم السباع والدم الذي يكون في أعلى العروق بأسا ، وقرأت هذه الآية :
قل لا أجد في ما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه الآية فأما لحوم الحمر الأهلية فإن أصحابنا
ومالكا nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ينهون عنه .
وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ما ذكرنا من إباحته ، وتابعه على ذلك قوم ، وقد وردت أخبار مستفيضة في النهي عن أكل لحوم الحمر الأهلية ، منها حديث
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري عن
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن وعبد الله ابني
nindex.php?page=showalam&ids=12691محمد ابن الحنفية عن أبيهما أنه سمع
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب يقول
nindex.php?page=showalam&ids=11لابن عباس :
nindex.php?page=hadith&LINKID=653894نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكل لحوم الحمر الإنسية وعن متعة النساء يوم خيبر . وقد روى
nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب عن
يحيى بن عبد الله بن سالم عن
عبد الرحمن بن الحارث المخزومي عن
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : أن النبي صلى الله عليه وسلم
nindex.php?page=hadith&LINKID=670522نهى يوم خيبر عن لحوم الحمر الإنسية ، وهذا يدل على أنه لما سمع
nindex.php?page=showalam&ids=8عليا يروي النهي عن النبي صلى الله عليه وسلم رجع عما كان يذهب إليه من الإباحة .
وروى
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة وعبد الله عن
nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=653895نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خيبر عن لحوم الحمر الأهلية .
وروى
nindex.php?page=showalam&ids=16008ابن عيينة عن
nindex.php?page=showalam&ids=16705عمرو بن دينار عن
محمد بن علي عن
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر : أن
nindex.php?page=hadith&LINKID=653896النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن لحوم الحمر الأهلية ورواه
nindex.php?page=showalam&ids=15743حماد بن زيد عن
nindex.php?page=showalam&ids=16705عمرو بن دينار عن
محمد بن علي عن
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر : أن
nindex.php?page=hadith&LINKID=653896النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن لحوم الأهلية . وروى
nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة عن
أبي إسحاق عن
nindex.php?page=showalam&ids=48البراء بن عازب سمعه منه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=660595أصبنا حمرا يوم خيبر فطبخناها ، فنادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أكفئوا القدور . وروى النهي عنها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
nindex.php?page=showalam&ids=51ابن أبي أوفى nindex.php?page=showalam&ids=119وسلمة بن الأكوع nindex.php?page=showalam&ids=3وأبو هريرة nindex.php?page=showalam&ids=1500وأبو ثعلبة الخشني في آخرين ، في بعضها ابتداء نهي عن النبي صلى الله عليه وسلم وبعضها ذكر قصة
خيبر والسبب الذي من أجله نهى عنها ، فقال قائلون : { إنما نهى عنها لأنها كانت نهبة انتهبوها } . وقال آخرون : { لأنه قيل له إن الحمر قد قلت } . وقال آخرون : { لأنها كانت جلالة } . فتأول من أباحها نهي النبي صلى الله عليه وسلم على أحد هذه الوجوه ، ومن حظرها أبطل هذه التأويلات بأشياء :
أحدها ما رواه جماعة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=675233لا يحل الحمار الأهلي منهم
المقداد بن معدي كرب nindex.php?page=showalam&ids=1500وأبو ثعلبة الخشني وغيرهما ؛ والثاني ما رواه
nindex.php?page=showalam&ids=16008سفيان بن عيينة عن
أيوب السختياني عن
nindex.php?page=showalam&ids=16972ابن سيرين عن
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بن مالك قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=699203لما فتح النبي صلى الله عليه وسلم خيبر أصابوا حمرا فطبخوها منها ، فنادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم : ألا إن الله ورسوله [ ص: 187 ] ينهاكم عنها ، فإنها نجس فاكفئوا القدور وروى
nindex.php?page=showalam&ids=16503عبد الوهاب الثقفي عن
أيوب بإسناد مثله ، قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=653878فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم مناديا فنادى : إن الله ورسوله ينهاكم عن لحوم الحمر الأهلية فإنها رجس ، قال : فأكفئت القدور وإنها لتفور . وهذا يبطل تأويل من تأول النهي على النهبة وتأويل من تأوله على خوف فناء الحمر الأهلية بالذبح ؛ لأنه أخبر أنها نجس ، وذلك يقتضي تحريم عينها لا لسبب غيرها ويدل عليه أنه أمر بالقدور فأكفئت ، ولو كان النهي لأجل ما ذكروا لأمر بأن يطعم المساكين كما أمر بذلك في الشاة المذبوحة بغير أمر أصحابها بأن يطعم الأسرى .
وفي حديث
nindex.php?page=showalam&ids=1500أبي ثعلبة الخشني أنه
nindex.php?page=hadith&LINKID=697924سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عما يحرم عليه ، فقال : لا تأكل الحمار الأهلي ولا كل ذي ناب من السباع ، فبهذا أيضا يبطل سائر التأويلات التي ذكرناها عن مبيحها وقد روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير nindex.php?page=hadith&LINKID=679696أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن لحوم الحمر الأهلية يوم خيبر لأنها كانت تأكل العذرة فإن صح هذا التأويل للنهي الذي كان منه يوم
خيبر فإن خبر
أبي ثعلبة وغيره في سؤالهم عنها في غير يوم
خيبر يوجب إيهام تحريمها لا لعلة غير أعيانها وقد روي في حديث يروى عن
عبد الرحمن بن مغفل عن رجل من
مزينة فقال بعضهم :
غالب بن الأبجر ، وقال بعضهم :
الحر بن غالب أنه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=675238يا رسول الله إنه لم يبق من مالي شيء أستطيع أن أطعم فيه أهلي غير حمرات لي ، قال : فأطعم أهلك من سمين مالك فإنما كرهت لكم جوال القرية ؛ فاحتج من أباح الحمر الأهلية بهذا الخبر وهذا الخبر يدل على النهي عنها ؛ لأنه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=67606كرهت لكم جوال القرية والحمر الأهلية كلها جوال القرى ، والإباحة عندنا في هذا الحديث إنما انصرفت إلى الحمر الوحشية .
وقد اختلف في
الحمار الوحشي إذا دجن فقال أصحابنا
nindex.php?page=showalam&ids=14117والحسن بن صالح nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي في الحمار الوحشي إذا دجن وألف : { إنه جائز أكله } ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16337ابن القاسم عن
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : { إذا دجن وصار يعمل عليه كما يعمل على الأهلي فإنه لا يؤكل } . وقد اتفقوا على أن الوحش الأهلي لا يخرجه عن حكم جنسه في تحريم الأكل كذلك ما أنس من الوحش .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=11943أبو بكر : وقد اختلف في
ذي الناب من السباع وذي المخلب من الطير ، فقال
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=14954وأبو يوسف nindex.php?page=showalam&ids=15922وزفر nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد : { لا يحل أكل ذي الناب من السباع وذي المخلب من الطير } . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : { لا يؤكل سباع الوحش ولا الهر الوحشي ولا الأهلي ولا الثعلب ولا الضبع ولا شيء من السباع ، ولا بأس بأكل سباع الطير الرخم والعقبان والنسور وغيرها ما أكل الجيف منها وما لا يأكل } . وقال
[ ص: 188 ] nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي : { الطير كله حلال إلا أنهم يكرهون الرخم } .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15124الليث : { لا بأس بأكل الهر وأكره الضبع } . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : { لا يؤكل ذو الناب من السباع التي تعدو على الناس الأسد والنمر والذئب ، ويؤكل الضبع والثعلب ، ولا يؤكل النسر والبازي ونحوه لأنها تعدو على طيور الناس } . وحدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=13433عبد الباقي بن قانع قال : حدثنا
إبراهيم بن عبد الله قال : حدثنا
حجاج قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15741حماد قال : حدثنا
عمران بن جبير أن
nindex.php?page=showalam&ids=16584عكرمة سئل عن الغراب قال : دجاجة سمينة ، وسئل عن الضبع فقال : نعجة سمينة .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=11943أبو بكر : حدثنا
محمد بن بكر قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15020القعنبي عن
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك عن
nindex.php?page=showalam&ids=12300ابن شهاب عن
nindex.php?page=showalam&ids=11811أبي إدريس الخولاني عن
nindex.php?page=showalam&ids=1500أبي ثعلبة الخشني :
nindex.php?page=hadith&LINKID=670512أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن أكل كل ذي ناب من السباع .
وحدثنا
محمد بن بكر قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17072مسدد قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12118أبو عوانة عن
أبي بشر عن
nindex.php?page=showalam&ids=17188ميمون بن مهران عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=675232نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكل كل ذي ناب من السباع وعن كل ذي مخلب من الطير ، ورواه
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب والمقدام بن معدي كرب nindex.php?page=showalam&ids=3وأبو هريرة وغيرهما .
فهذه آثار مستفيضة في تحريم ذي الناب من السباع وذي المخلب من الطير ، والثعلب والهر والنسر والرخم داخلة في ذلك ، فلا معنى لاستثناء شيء منها إلا بدليل يوجب تخصيصه ، وليس في قبولها ما يوجب نسخ قوله تعالى :
قل لا أجد في ما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه لأنه إنما فيه إخبار بأنه لم يكن المحرم غير المذكور وأن ما عداه كان باقيا على أصل الإباحة ، وكذلك الأخبار الواردة في لحوم الحمر الأهلية هذا حكمها ، ومع ذلك فإن هذه الآية خاصة باتفاق أهل العلم على تحريم أشياء كثيرة غير مذكورة في الآية فجاز قبول الأخبار الآحاد في تخصيصها وكره أصحابنا الغراب الأبقع لأنه يأكل الجيف ، ولم يكرهوا الغراب الزرعي لما روى
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة عن
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب عن
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال
nindex.php?page=hadith&LINKID=18566خمس فواسق يقتلهن المحرم في الحل والحرم وذكر أحدها الغراب الأبقع ، فخص الأبقع بذلك ؛ لأنه يأكل الجيف ، فصار أصلا في كراهة أشباهه مما يأكل الجيف وقوله عليه السلام
nindex.php?page=hadith&LINKID=18566خمس يقتلهن المحرم يدل على تحريم أكل هذه الخمس وأنها لا تكون إلا مقتولة غير مذكاة ، ولو كانت مما يؤكل لأمر بذبحها وذكاتها لئلا تحرم بالقتل .
فإن قيل بما حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=13433عبد الباقي بن قانع قال : حدثنا
إسماعيل بن الفضل قال : حدثنا
محمد بن حاتم قال : حدثنا
يحيى بن مسلم قال : حدثني
إسماعيل [ ص: 189 ] بن أمية عن
nindex.php?page=showalam&ids=11862أبي الزبير قال
nindex.php?page=hadith&LINKID=670510سألت nindex.php?page=showalam&ids=36جابرا : هل يؤكل الضبع ؟ قال : نعم ، قلت : أصيد هي ؟ قال : نعم ، قلت : أسمعت هذا من النبي صلى الله عليه وسلم ؟ قال : نعم . قيل له : ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من نهيه عن أكل كل ذي ناب من السباع وكل ذي مخلب من الطير قاض على ذلك لاتفاق الفقهاء على استعماله واختلافهم في استعمال ذلك .
واختلف في
أكل الضب ، فكرهه أصحابنا ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي : { لا بأس به } .
والدليل على صحة قولنا ما روى
nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش عن
زيد بن وهب الجهني عن
عبد الرحمن بن حسنة قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=697935نزلنا أرضا كثيرة الضباب ، فأصابتنا مجاعة فطبخنا منها ، فإن القدور لتغلي بها ، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ما هذا ؟ فقلنا ضباب أصبناها ، فقال : إن أمة من بني إسرائيل مسخت دواب الأرض وإني أخشى أن تكون هذه فأكفئوها وهذا يقتضي حظره ؛ لأنه لو كان مباح الأكل لما أمر بإكفاء القدور ؛ لأنه صلى الله عليه وسلم نهى عن إضاعة المال وحدثنا
محمد بن بكر قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود قال : حدثنا
محمد بن عون الطائي أن
الحكم بن نافع حدثهم قال : حدثنا
ابن عياش عن
ضمضم بن زرعة عن
شريح بن عبيد عن
أبي راشد الحبراني عن
عبد الرحمن بن شبل :
nindex.php?page=hadith&LINKID=675225أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن أكل لحم الضب وروى
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة عن
nindex.php?page=showalam&ids=15741حماد عن
إبراهيم nindex.php?page=hadith&LINKID=3503829عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة أنه أهدي لها ضب ، فدخل عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألته عن أكله فنهاها عنه ، فجاء سائل فقامت لتناوله إياه ، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم : أتطعمينه ما لا تأكلين . فهذه الأخبار توجب النهي عن أكل الضب وقد روى
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أن
nindex.php?page=hadith&LINKID=67597النبي صلى الله عليه وسلم لم يأكل من الضب وأكل على مائدة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولو كان حراما ما أكل على مائدته ، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما ترك أكله تقذرا .
وفي بعض الأخبار أنه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=670503لم يكن بأرض قومي فأجدني أعافه ، وأن
nindex.php?page=showalam&ids=22خالد بن الوليد أكله بحضرة رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم ينهه . وحدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=13433عبد الباقي بن قانع قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15541بشر بن موسى قال : حدثنا
عمر بن سهل قال : حدثنا
إسحاق بن الربيع عن
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن قال : قال
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر : إن هذه الضباب طعام عامة هذه الرعاء وإن الله ليمنع غير واحد ولو كان عندي منها شيء لأكلته ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يحرمه ولكنه قذره .
وحدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=13433عبد الباقي بن قانع قال حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15541بشر بن موسى قال : حدثنا
عمر بن سهل قال : حدثنا
بحر عن
أبي هارون عن
nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الخدري قال : { إن كان أحدنا لتهدى إليه الضبة المكنونة أحب إليه من الدجاجة السمينة } فاحتج مبيحوه بهذه الأخبار ، وفيها دلالة على حظره ؛ لأن فيها أن النبي صلى الله عليه وسلم تركه تقذرا وأنه قذره ، وما قذره النبي صلى الله عليه وسلم فهو نجس ولا يكون نجسا إلا وهو
[ ص: 190 ] محرم الأكل .
ولو ثبتت الإباحة بهذه الأخبار لعارضتها أخبار ومتى ورد الخبران في شيء وأحدهما مبيح والآخر حاظر فخبر الحظر أولى ؛ وذلك لأن الحظر وارد لا محالة بعد الإباحة ؛ لأن الأصل كان الإباحة والحظر طارئ عليها ولم يثبت ورود الإباحة على الحظر فحكم الحظر ثابت لا محالة .
واختلف في هوام الأرض ، فكره أصحابنا
أكل هوام الأرض اليربوع والقنفذ والفأر والعقارب وجميع هوام الأرض . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12526ابن أبي ليلى : لا بأس بأكل الحية إذا ذكيت ، وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي إلا أنه لم يشترط منه الذكاة وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15124الليث : لا بأس بأكل القنفذ وفراخ النحل ودود الجبن والتمر ونحوه . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16337ابن القاسم عن
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : { لا بأس بأكل الضفدع } ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=16337ابن القاسم : وقياس قول
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك أنه لا بأس بأكل خشاش الأرض وعقاربها ودودها ؛ لأنه قال : موته في الماء لا يفسده وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : { كل ما كانت العرب تستقذره فهو من الخبائث ، كالذئب والأسد والغراب والحية والحدأة والعقرب والفأرة لأنها تقصد بالأذى فهي محرمة من الخبائث ، وكانت تأكل الضبع والثعلب لأنهما لا يعدوان على الناس بأنيابهما فهما حلال } . قال
nindex.php?page=showalam&ids=11943أبو بكر : قال الله تعالى :
ويحرم عليهم الخبائث قال : حدثنا
محمد بن بكر قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود قال : حدثنا
إبراهيم بن خالد أبو ثور قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16000سعيد بن منصور قال : حدثنا
عبد العزيز بن محمد عن
عيسى بن نميلة عن أبيه قال : كنت عند
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر فسئل عن
أكل القنفذ ، فتلا :
قل لا أجد في ما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه الآية ، فقال شيخ عنده : سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=3أبا هريرة يقول : ذكر عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=76480خبيثة من الخبائث فقال
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر : إن كان قال رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا فهو كما قال فسماه النبي صلى الله عليه وسلم خبيثة من الخبائث فشمله حكم التحريم بقوله تعالى :
ويحرم عليهم الخبائث والقنفذ من حشرات الأرض ، فكل ما كان من حشراتها فهو محرم قياسا على القنفذ .
وروى
nindex.php?page=showalam&ids=16472عبد الله بن وهب قال : أخبرني
nindex.php?page=showalam&ids=12493ابن أبي ذئب عن
سعيد بن خالد عن
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب عن
عبد الرحمن قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=696334ذكر طبيب الدواء عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكر الضفدع يكون في الدواء ، فنهى النبي صلى الله عليه وسلم عن قتله ، وهذا يدل على تحريمه ؛ لأنه نهاه أن يقتله فيجعله في الدواء ، ولو جاز الانتفاع به لما كان منهيا عن قتله للانتفاع به . وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أخبار مستفيضة رواها
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر nindex.php?page=showalam&ids=44وأبو سعيد nindex.php?page=showalam&ids=25وعائشة وغيرهم
nindex.php?page=hadith&LINKID=704991أنه قال : يقتل المحرم في الحل والحرم الحدأة والغراب والفأرة والعقرب وفي بعض الأخبار : { والحية } ، ففي أمره بقتلهن
[ ص: 191 ] دلالة على تحريم أكلهن ؛ لأنها لو كانت مما تؤكل لأمر بالتوصل إلى ذكاتها فيما تتأتى فيه الذكاة منها ، فلما أمر بقتلها والقتل إنما يكون لا على وجه الذكاة ثبت أنها غير مأكولة ، ولما ثبت ذلك في الغراب والحدأة كان سائر ما يأكل الجيف مثلها ، ودل على أن ما كان من حشرات الأرض فهو محرم كالعقرب والحية ، وكذلك اليربوع لأنه جنس من الفأر . وأما قول
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في اعتباره ما كانت العرب تستقذره وأن ما كان كذلك فهو من الخبائث ، فلا معنى له من وجوه :
أحدها : أن نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن أكل كل ذي ناب من السباع وذي مخلب من الطير قاض بتحريم جميعه ، وغير جائز أن يزيد فيه ما ليس منه ولا يخرج منه ما قد تناوله العموم ، ولم يعتبر النبي صلى الله عليه وسلم ما ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وإنما جعل كونه ذا ناب من السباع وذا مخلب من الطير علما للتحريم ، فلا يجوز الاعتراض عليه بما لم تثبت به الدلالة . ومن جهة أخرى أن خطاب الله تعالى للناس بتحريم الخبائث عليهم لم يختص
بالعرب دون
العجم ، بل الناس كلهم من كان منهم من أهل التكليف داخلون في الخطاب ، فاعتبار ما يستقذره العرب دون غيرهم قول لا دليل عليه خارج عن مقتضى الآية . ومع ذلك فليس يخلو من أن يعتبر ما كانت العرب يستقذره جميعهم أو بعضهم ، فإن كان اعتبر الجميع فإن جميع العرب لم يكن يستقذر الحيات والعقارب ولا الأسد والذئاب والفأر وسائر ما ذكر ، بل عامة الأعراب تستطيب أكل هذه الأشياء ، فلا يجوز أن يكون المراد ما كان جميع العرب يستقذرونه . وإن أراد ما كان بعض العرب يستقذره فهو فاسد من وجهين :
أحدهما : أن الخطاب إذا كان لجميع العرب فكيف يجوز اعتبار بعضهم عن بعض ؟ والثاني : أنه لما صار البعض المستقذر كذلك كان أولى بالاعتبار من البعض الذي يستطيبه . فهذا قول منتقض من جميع وجوهه . وزعم أنه أباح الضبع والثعلب ؛ لأن العرب كانت تأكله ، وقد كانت العرب تأكل الغراب والحدأة والأسد لم يكن منهم من لم يمتنع من أكل ذلك . وأما اعتباره ما يعدو على الناس ، فإن أراد به يعدو على الناس في سائر الأحوال فإن ذلك لا يوجد في الحدأة والحية والغراب وقد حرمها ، وإن أراد به العدو عليهم في حال إذا لم يكن جائعا والجمل الهائج قد يعدو على الإنسان وكذلك الثور في بعض الأحوال ، ولم يعتبر ذلك هو ولا غيره في هذه الأشياء في تحريم الأكل وإباحته ، والكلب والسنور لا يعدوان على الناس وهما محرمان .
وقد اختلف في
لحوم الإبل الجلالة ،
[ ص: 192 ] فكرهها أصحابنا
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي إذا لم يكن يأكل غير العذرة . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=15124والليث : { لا بأس بلحوم الجلالة كالدجاج } ؛ حدثنا
محمد بن بكر قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16544عثمان بن أبي شيبة قال : حدثنا
عبدة عن
nindex.php?page=showalam&ids=12563محمد بن إسحاق عن
nindex.php?page=showalam&ids=16406ابن أبي نجيح عن
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=664117نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكل الجلالة وألبانها .
وحدثنا
محمد بن بكر قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود قال : حدثنا
ابن المثنى قال : حدثنا
أبو عامر قال : حدثنا
هشام عن
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة عن
nindex.php?page=showalam&ids=16584عكرمة عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : أن
nindex.php?page=hadith&LINKID=675215النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن لبن الجلالة . قال
nindex.php?page=showalam&ids=11943أبو بكر : فكل من خالف في هذه المسائل التي ذكرنا من ابتدائنا بأحكام قوله تعالى :
قل لا أجد في ما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه وأباح أكل ما ذهب أصحابنا فيه إلى حظره ، فإنهم يحتجون فيه بقوله تعالى :
قل لا أجد في ما أوحي إلي محرما الآية . وقد بينا أن ذلك خرج على سبب فيما كان يحرمه أهل الجاهلية مما حكاه الله عنهم قبل هذه الآية مما كانوا يحرمونه من الأنعام ، ولو لم يكن نزوله على السبب الذي ذكرنا وكان خبرا مبتدأ لم يمتنع بذلك قبول أخبار الآحاد في تحريم أشياء لم تنتظمها الآية ولا استعمال القياس في حظر كثير منه ؛ لأن أكثر ما فيه الإخبار بأنه لم يكن المحرم من طريق الشرع إلا المذكور في الآية ، وقد علمنا أن هذه الأشياء قد كانت مباحة قبل ورود السمع ، وقد كان قبول أخبار الآحاد جائزا واستعمال القياس سائغا في تحريم ما هذا وصفه ، وكذلك إخبار الله بأنه لم يحرم بالشرع إلا المذكور في الآية غير مانع تحريم غيره من طريق خبر الواحد والقياس .