قوله تعالى :
ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم .
[ ص: 202 ] روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن :
خلقناكم ثم صورناكم يعني به
آدم ؛ لأنه قال :
ثم قلنا للملائكة وإنما قال ذلك بعد خلق آدم وتصويره ، وذلك كقوله تعالى :
وإذ أخذنا ميثاقكم ورفعنا فوقكم الطور أي ميثاق آبائكم ورفعنا فوقهم الطور ، نحو قوله تعالى :
فلم تقتلون أنبياء الله من قبل والمخاطبون بذلك في زمان النبي صلى الله عليه وسلم لم يقتلوا الأنبياء وقيل : " ثم " راجع إلى صلة المخاطبة ، كأنه قال : ثم إنا نخبركم أنا قلنا للملائكة .
وحكي عن
الأخفش : " ثم " هاهنا بمعنى الواو . وذكر
الزجاج أن ذلك خطأ عند النحويين .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=11943أبو بكر : ونظيره قوله تعالى :
ثم الله شهيد على ما يفعلون ومعناه : والله شهيد . قوله تعالى :
ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك يدل على أن الأمر يقتضي الوجوب بنفس وروده غير محتاج إلى قرينة في إيجابه ؛ لأنه علق الذم بتركه الأمر المطلق . وقيل في قوله تعالى
ألا تسجد إن " لا " هاهنا صلة مؤكدة .
وقيل إن معناه : ما دعاك إلى أن لا تسجد وما أحوجك ؟ وقيل في السجود لآدم وجهان :
أحدهما : التكرمة لأن الله قد امتن به على عباده وذكره بالنعمة فيه ، والثاني : أنه كان قبلة لهم
كالكعبة .
قوله تعالى :
فبما أغويتني قيل فيه : خيبتني ، كقول الشاعر :
ومن يغو لا يعدم على الغي لائما
يعني : من يحب . وحكى لنا
أبو عمر غلام
nindex.php?page=showalam&ids=15611ثعلب عن
nindex.php?page=showalam&ids=15611ثعلب عن
ابن الأعرابي قال : يقال غوى الرجل يغوي غيا إذا فسد عليه أمره أو فسد هو في نفسه ، ومنه قوله تعالى :
وعصى آدم ربه فغوى أي فسد عليه عيشه في الجنة ؛ قال : ويقال غوى الفصيل إذا لم يرو من لبن أمه . وقيل في
أغويتني أي حكمت بغوايتي ، كقولك أضللتني أي حكمت بضلالتي . وقيل :
أغويتني أي أهلكتني . فهذه الوجوه الثلاثة محتملة في إبليس .
وقوله تعالى :
وعصى آدم ربه فغوى ويحتمل فساد أمره في الجنة ، وهو يرجع إلى معنى الخيبة ، ولا يحتمل الهلاك ولا الحكم بالغواية التي هي ضلال ؛ لأن أنبياء الله لا يجوز ذلك عليهم . قوله تعالى :
ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=12354وإبراهيم nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة والحكم nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي :
من بين أيديهم ومن خلفهم من قبل دنياهم وآخرتهم ، من جهة حسناتهم وسيئاتهم . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد : من حيث يبصرون ومن حيث لا يبصرون . وقيل : { من كل جهة يمكن الاحتيال عليهم } . ولم يقل من فوقهم ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : لأن رحمة الله تنزل عليهم من فوقهم ، ولم يقل من تحت أرجلهم لأن الإتيان منه ممتنع إذا أريد به
[ ص: 203 ] الحقيقة .
قوله تعالى :
ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين قرن قربهما الشجرة ، إلا أنه معلوم شرط الذكر فيه وتعمد الأكل مع العلم به ؛ لأنه لا يؤاخذ بالنسيان والخطإ فيما لم يقم عليه دليل قاطع . ولم يكن أكلهما للشجرة معصية كبيرة بل كانت صغيرة من وجهين :
أحدهما : أنهما نسيا الوعيد وظنا أنه نهي استحباب لا إيجاب ، ولهذا قال :
فنسي ولم نجد له عزما
والثاني : أنه أشير لهما إلى شجرة بعينها وظنا المراد العين وكان المراد الجنس ، كقوله صلى الله عليه وسلم حين
أخذ ذهبا وحريرا فقال : هذان مهلكا أمتي وإنما أراد الجنس لا العين دون غيرها .