واختلف في
المدد يلحق الجيش في دار الحرب قبل إحراز الغنيمة ،
[ ص: 238 ] فقال أصحابنا : { إذا غنموا في دار الحرب ثم لحقهم جيش آخر قبل إخراجها إلى دار الإسلام فهم شركاء فيها } . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري nindex.php?page=showalam&ids=15124والليث nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي : { لا يشاركونهم } .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=11943أبو بكر : الأصل في ذلك عند أصحابنا أن الغنيمة إنما يثبت فيها الحق بالإحراز في دار الإسلام ولا يملك إلا بالقسمة ، وحصولها في أيديهم في دار الحرب لا يثبت لهم فيها حقا ؛ والدليل عليه أن الموضع الذي حصل فيه الجيش من دار الحرب لا يصير مغنوما إذا لم يفتتحوها ألا ترى أنهم لو
خرجوا ثم دخل جيش آخر ففتحوها لم يصر الموضع الذي صار فيه الأولون ملكا لهم وكان حكمه حكم غيره من بقاع أرض الحرب ؟ والمعنى فيه أنهم لم يحرزوه في دار الإسلام ، فكذلك سائر ما يحصل في أيديهم قبل خروجهم إلى دار الإسلام لم يثبت لهم فيه حق إلا بالحيازة في دارنا ، فإذا لحقهم جيش آخر قبل الإحراز في دار الإسلام كان حكم ما أخذوه حكم ما في أيدي أهل الحرب فيشترك الجميع فيه .
وأيضا قوله تعالى :
واعلموا أنما غنمتم من شيء يقتضي أن يكون غنيمة لجميعهم ؛ إذ بهم صار محرزا في دار الإسلام ألا ترى أنهم ما داموا في دار الحرب فإنهم يحتاجون إلى معونة هؤلاء في إحرازها كما لو لحقوهم قبل أخذها شاركوهم ؟ ولو كان حصولها في أيديهم يثبت لهم فيها حقا قبل إحرازها في دار الإسلام لوجب أن يصير الموضع الذي وطئه الجيش من دار الإسلام ، كما لو افتتحوها لصارت دارا للإسلام ، وفي اتفاق الجميع على أن
وطء الجيش لموضع في دار الحرب لا يجعله من دار الإسلام دليل على أن الحق لا يثبت فيه إلا بالحيازة .
واحتج من لم يقسم للمدد بما روى
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري عن
عنبسة بن سعيد عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة : أن
النبي صلى الله عليه وسلم بعث nindex.php?page=showalam&ids=11786أبان بن سعيد على سرية قبل نجد ، فقدم أبان وأصحابه بخيبر بعدما فتحت وإن حزم خيلهم الليف ، قال أبان : اقسم لنا يا رسول الله قال nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة : فقلت : لا تقسم لهم شيئا يا نبي الله قال : قال أبان : أنت بهذا يا وتر نجد ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : اجلس يا أبان فلم يقسم لهم .
وهذا لا حجة فيه ؛ لأن
خيبر صارت دار الإسلام بظهور النبي صلى الله عليه وسلم عليها ، وهذا لا خلاف فيه . وقد قيل فيه وجه آخر ، وهو ما روى
nindex.php?page=showalam&ids=15744حماد بن سلمة عن
علي بن زيد عن
عمار بن أبي عمار عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=691336ما شهدت لرسول الله مغنما إلا قسم لي إلا خيبر فإنها كانت لأهل الحديبية خاصة .
فأخبر في هذا الحديث أن خيبر كانت لأهل
الحديبية خاصة شهدوها أو لم يشهدوها دون من سواهم ؛ لأن الله تعالى كان وعدهم إياها بقوله :
[ ص: 239 ] وأخرى لم تقدروا عليها قد أحاط الله بها بعد قوله :
وعدكم الله مغانم كثيرة تأخذونها فعجل لكم هذه وقد روى
nindex.php?page=showalam&ids=11935أبو بردة عن
nindex.php?page=showalam&ids=110أبي موسى قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=653907قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد فتح خيبر بثلاث ، فقسم لنا ولم يقسم لأحد لم يشهد الفتح غيرنا .
فذكر في هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قسم
nindex.php?page=showalam&ids=110لأبي موسى وأصحابه من غنائم
خيبر ولم يشهدوا الوقعة ولم يقسم فيها لأحد لم يشهد الوقعة وهذا يحتمل أن يكون لأنهم كانوا من أهل
الحديبية ، ويحتمل أن يكون بطيبة أنفس أهل الغنيمة ، كما روى
خثيم بن عراك عن أبيه عن نفر من قومه أن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبا هريرة قدم
المدينة هو ونفر من قومه ، قال : فقدمنا وقد خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرجنا من
المدينة حتى قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد افتتح
خيبر ، فكلم الناس فأشركونا في سهامهم فليس في شيء من هذه الأخبار دلالة على أن المدد إذا لحق بالجيش وهم في دار الحرب أنهم لا يشركونهم في الغنيمة .
وقد روى
nindex.php?page=showalam&ids=16836قيس بن مسلم عن
nindex.php?page=showalam&ids=16243طارق بن شهاب أن أهل
البصرة غزوا
نهاوند فأمدهم أهل
الكوفة وظهروا ، فأراد أهل
البصرة أن لا يقسموا لأهل
الكوفة ، وكان
nindex.php?page=showalam&ids=56عمار على أهل
الكوفة ، فقال رجل من
بني عطارد : أيها الأجدع تريد أن تشاركنا في غنائمنا فقال : جير إذ بي سبيت ؛ فكتب في ذلك إلى
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر ، فكتب
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر في ذلك : إن الغنيمة لمن شهد الوقعة وهذا أيضا لا دلالة فيه على خلاف قولنا ؛ لأن المسلمين ظهروا على
نهاوند وصارت دار الإسلام ؛ إذ لم يبق للكفار هناك فئة ، فإنما قال : إن الغنيمة لمن شهد الوقعة منهم لأنهم لحقوهم بعد ما صارت دار الإسلام ، ومع ذلك فقد رأى
nindex.php?page=showalam&ids=56عمار ومن معه أن يشركوهم ، ورأى
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر أن لا يشركوهم لأنهم لحقوه بعد حيازة الغنيمة في دار الإسلام لأن الأرض صارت من دار الإسلام .