وقوله تعالى :
منها أربعة حرم وهي التي بينها النبي صلى الله عليه وسلم بأنها ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب ،
، والعرب تقول : ثلاثة سرد وواحد فرد ، وإنما سماها حرما لمعنيين :
أحدهما : تحريم القتال فيها ، وقد كان أهل الجاهلية أيضا يعتقدون تحريم القتال فيها ، وقال الله تعالى :
يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير
والثاني :
تعظيم انتهاك المحارم فيها بأشد من تعظيمه في غيرها ، وتعظيم الطاعات فيها أيضا . وإنما فعل الله تعالى ذلك لما فيه من المصلحة في ترك الظلم فيها لعظم منزلتها في حكم الله والمبادرة إلى الطاعات من الاعتماد والصلاة والصوم وغيرها ، كما فرض صلاة الجمعة في يوم بعينه ، وصوم رمضان في وقت معين ، وجعل بعض الأماكن في حكم الطاعات ، ومواقعة المحظورات أعظم من حرمة غيره نحو بيت الله الحرام ومسجد
المدينة ، فيكون ترك الظلم والقبائح في هذه الشهور والمواضع داعيا إلى تركها في غيره ، ويصير فعل الطاعات والمواظبة عليها في هذه الشهور وهذه المواضع الشريفة داعيا إلى فعل أمثالها في غيرها للمرور والاعتياد ، وما يصحب الله العبد من توفيقه عند إقباله إلى طاعته ، وما يلحق العبد من الخذلان عند إكبابه على المعاصي واشتهاره وأنسه بها ، فكان في تعظيم بعض الشهور وبعض الأماكن أعظم المصالح في الاستدعاء إلى الطاعات وترك القبائح ، ولأن الأشياء تجر إلى أشكالها ، وتباعد من أضدادها ، فالاستكثار من الطاعة يدعو إلى أمثالها ، والاستكثار من المعصية يدعو إلى أمثالها . قوله تعالى :
فلا تظلموا فيهن أنفسكم الضمير في قوله :
فيهن عند
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس راجع إلى الشهور . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة : هو عائد إلى الأربعة الحرم