قوله تعالى :
إنما النسيء زيادة في الكفر فالنسيء التأخير ، ومنه البيع بنسيئة ، وأنسأت البيع أخرته و
ما ننسخ من آية أو ننسها أي نؤخرها ، ونسئت المرأة إذا حبلت لتأخر حيضها ، ونسئت الناقة إذا دفعتها في السير لأنك زجرتها عن التأخر والمنسأة العصا التي ينسأ بها الأذى ويزجر ويساق بها فيمنع من التأخر . ومراد الله تعالى ذكره النسيء في هذا الموضع ما كانت
العرب تفعله من تأخير الشهور ، فكان يقع الحج في غير وقته واعتقاد حرمة الشهور في غير زمانه ، فقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : كانوا يجعلون المحرم صفرا ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16406ابن أبي نجيح ، وغيره : { كانت قريش تدخل في كل ستة أشهر أياما يوافقون ذا الحجة في كل ثلاث عشرة سنة ، فوفق الله تعالى رسوله في حجته استدارة زمانهم كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض ، فاستقام الإسلام على عدد الشهور ووقف الحج على ذي الحجة } . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق : { كان ملك من العرب يقال له
القلمس ، واسمه
nindex.php?page=showalam&ids=21حذيفة أول من أنسأ النسيء ، أنسأ المحرم فكان يحله عاما ، ويحرمه عاما ، فكان إذا حرمه كانت ثلاث حرمات متواليات ، وهي العدة التي حرم الله في عهد
إبراهيم صلوات الله عليه ، فإذا أحله دخل مكانه صفر في المحرم لتواطئ العدة ، يقول : قد أكملت الأربعة كما كانت لأني لم أحل شهرا إلا قد حرمت مكانه شهرا ، فحج النبي صلى الله عليه وسلم وقد عاد المحرم إلى ما كان عليه في الأصل ، فأنزل الله تعالى :
إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا فأخبر الله أن النسيء الذي كانوا يفعلونه كفرا ؛ لأن الزيادة في الكفر لا تكون إلا كفرا ، لاستحلالهم ما حرم الله ، وتحريمهم ما أحل الله ، فكان القوم كفارا باعتقادهم الشرك ثم ازدادوا كفرا بالنسيء } .