قوله تعالى :
والغارمين ؛ قال
nindex.php?page=showalam&ids=11943أبو بكر : لم يختلفوا أنهم المدينون ، وفي هذا دليل على أنه إذا لم يملك فضلا عن دينه مائتي درهم فإنه فقير تحل له الصدقة ؛ ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=651401أمرت أن آخذ الصدقة من أغنيائكم وأردها في فقرائكم .
فحصل لنا بمجموع الآية والخبر أن الغارم فقير ، إذ كانت الصدقة لا تعطى إلا الفقراء بقضية قوله صلى الله عليه وسلم :
وأردها في فقرائكم وهذا يدل أيضا على أنه إذا كان عليه دين يحيط بماله ، وله مال كثير أنه لا زكاة عليه ، إذ كان فقيرا يجوز له أخذ الصدقة . والآية خاصة في بعض الغارمين دون بعض ، وذلك لأنه لو كان له ألف درهم ، وعليه دين مائة درهم لم تحل له الزكاة ، ولم يجز معطيه إياها وإن كان غارما ، فثبت أن المراد الغريم الذي لا يفضل له عما في يده بعد قضاء دينه
[ ص: 328 ] مقدار مائتي درهم أو ما يساويها ، فيجعل المقدار المستحق بالدين مما في يده كأنه في غير ملكه ، وما فضل عنه فهو فيه بمنزلة من لا دين عليه . وفي جعله
الصدقة للغارمين دليل أيضا على أن الغارم إذا كان قويا مكتسبا فإن الصدقة تحل له ، إذ لم تفرق بين القادر على الكسب والعاجز عنه . وزعم
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي أن من تحمل حمالة عشرة آلاف درهم ، وله مائة ألف درهم أن الصدقة تحل له ، وإن كان عليه دين من غير الحمالة لم تحل له ، واحتج فيه بحديث
قبيصة بن المخارق أنه تحمل حمالة ، فسأل النبي صلى الله عليه وسلم فيها فقال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=658738إن المسألة لا تحل إلا لثلاثة رجل تحمل حمالة فيسأل فيها حتى يؤديها ، ورجل أصابته جائحة فاجتاحت ماله فيسأل حتى يصيب قواما من عيش ، ورجل أصابته فاقة وحاجة حتى يشهد ثلاثة من ذوي الحجى من قومه أن فلانا أصابته فاقة فحلت له المسألة حتى يصيب سدادا من عيش ثم يمسك وما سوى ذلك فهو سحت .
ومعلوم أن الحمالة وسائر الديون سواء ؛ لأن الحمالة هي الكفالة والحميل هو الكفيل ، فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم أجاز له المسألة لأجل ما عليه من دين الكفالة ، وقد علم مساواة دين الكفالة وقد علم لسائر الديون ، فلا فرق بين شيء منها ، فينبغي أن تكون إباحة المسألة لأجل الحمالة محمولة على أنه لم يقدر على أدائها ، وكان الغرم الذي لزمه بإزاء ما في يده من ماله كما نقول في سائر الديون .
وروى
nindex.php?page=showalam&ids=12424إسرائيل عن
جابر بن أبي جعفر في قوله تعالى :
والغارمين قال : { المستدين في غير سرف حق على الإمام يقضي عنه } . وقال
سعيد في قوله :
والغارمين قال : { ناس عليهم دين من غير فساد ولا إتلاف ولا تبذير فجعل الله لهم فيها سهما } . وإنما ذكر هؤلاء في الدين أنه من غير سرف ولا إفساد ؛ لأنه إذا كان مبذرا مفسدا لم يؤمن إذا قضى دينه أن يستدين مثله فيصرفه في الفساد ، فكرهوا قضاء دين مثله لئلا يجعله ذريعة إلى السرف والفساد ، ولا خلاف في جواز قضاء دين مثله ودفع الزكاة إليه . وإنما ذكر هؤلاء عدم الفساد والتبذير فيما استدان على وجه الكراهة لا على وجه الإيجاب ، وروى
عبيد الله بن موسى عن
nindex.php?page=showalam&ids=16545عثمان بن الأسود عن
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد في قوله :
والغارمين قال : الغارم من ذهب السيل بماله ، أو أصابه حريق فأذهب ماله ، أو رجل له عيال لا يجد ما ينفق عليهم فيستدين .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=11943أبو بكر : أما من ذهب ماله ، وليس عليه دين فلا يسمى غريما ؛ لأن الغرم هو اللزوم ، والمطالبة ، فمن لزمه الدين يسمى غريما ، ومن له الدين أيضا يسمى غريما ؛ لأن له اللزوم والمطالبة ، فأما من ذهب ماله فليس بغريم ، وإنما يسمى
[ ص: 329 ] فقيرا أو مسكينا ، وقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم
nindex.php?page=hadith&LINKID=650789كان يستعيذ بالله من المأثم والمغرم ، فقيل له في ذلك ، فقال : إن الرجل إذا غرم حدث فكذب ووعد فأخلف ، وإنما أراد إذا لزمه الدين ، ويجوز أن يكون
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد أراد من ذهب ماله ، وعليه دين ؛ لأنه إذا كان له مال ، وعليه دين أقل من ماله بمقدار مائتي درهم فليس هو من الغارمين المرادين بالآية .
وروى
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبو يوسف عن
عبد الله بن سميط عن
nindex.php?page=showalam&ids=11942أبي بكر الحنفي عن
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بن مالك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=692675إن المسألة لا تحل ، ولا تصلح إلا لأحد ثلاثة : لذي فقر مدقع أو لذي غرم مفظع أو لذي دم موجع ، ومعلوم أن مراده بالغرم الدين