قوله تعالى :
والذين اتخذوا مسجدا ضرارا وكفرا الآية روي عن جماعة من
السلف أنهم كانوا اثني عشر رجلا من
الأوس ، والخزرج قد سموا استأذنوا النبي صلى الله عليه وسلم في بناء مسجد لليلة الشاتية ، والمطر ، والحر ، ولم يكن ذلك قصدهم ، وإنما كان مرادهم التفريق بين المؤمنين وأن يتحزبوا فيصلي حزب في مسجد وحزب في مسجد آخر لتختلف الكلمة وتبطل الألفة ، والحال الجامعة ، وأرادوا به أيضا ليكفروا فيه بالطعن على النبي صلى الله عليه وسلم والإسلام ، فيتفاوضون فيما بينهم من غير خوف من المسلمين ؛ لأنهم كانوا يخلون فيه فلا يخالطهم فيه غيرهم .
قوله تعالى :
وإرصادا لمن حارب الله ورسوله من قبل قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد : أراد به
أبا عامر الفاسق ، وكان يقال له
أبو عامر الراهب قبل ؛ وكان شديد العداوة للنبي صلى الله عليه وسلم عنادا وحسدا لذهاب رياسته التي كانت في
الأوس قبل هجرة النبي صلى الله عليه وسلم إلى
المدينة ، فقال للمنافقين : سيأتي قيصر وآتيكم بجند فأخرج به
محمدا وأصحابه فبنوا المسجد إرصادا له ، يعني مترقبين له ، وقد دلت هذه الآية على ترتيب الفعل في الحسن ، أو القبح بالإرادة ، وأن الإرادة هي التي تعلق الفعل بالمعاني التي تدعو الحكمة إلى تعليقه به ، أو تزجر عنها ؛ لأنهم لو أرادوا ببنائه إقامة الصلوات فيه لكان طاعة لله عز وجل ، ولما أرادوا به ما أخبر الله تعالى به عنهم من قصدهم وإرادتهم كانوا مذمومين كفارا .