قوله تعالى :
إن النفس لأمارة بالسوء يعني أن النفس كثيرة النزاع إلى السوء ، فلا يبرئ نفسه ، وإن كان لا يطاوعها ، وقد اختلف الناس في قائل هذا القول ، فقال قائلون : هو من قول
يوسف " وقال آخرون : هو من قول المرأة " . الأمارة : الكثيرة الأمر بالشيء ، والنفس بهذه الصفة لكثرة ما تشتهيه وتنازع إليه مما يقع الفعل من أجله ، وقد كانت إضافة الأمر بالسوء إلى النفس مجازا في أول استعماله ثم كثر حتى سقط عنه اسم المجاز وصار حقيقة ، فيقال : نفسي تأمرني بكذا وتدعوني إلى كذا من جهة شهوتي له ، وإنما لم يصح أن يأمر الإنسان نفسه في الحقيقة ؛ لأن في الأمر ترغيبا للمأمور بتمليك ما لا يملك ، ومحال أن يملك الإنسان نفسه ما لا يملكه ؛ لأن من ملك شيئا ، فإنما يملك ما هو مالكه .