قوله تعالى :
إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي أما العدل فهو الإنصاف ، وهو واجب في نظر العقول قبل ورود السمع ، وإنما ورد السمع بتأكيد وجوبه . والإحسان في هذا الموضع التفضل ، وهو ندب والأول فرض وإيتاء ذي القربى فيه الأمر بصلة الرحم وقوله تعالى :
يأمر بالعدل قد انتظم العدل في الفعل والقول ، قال الله تعالى :
وإذا قلتم فاعدلوا فأمر بالعدل في القول ، وهذه الآية تنتظم الأمرين . وأما قوله تعالى :
وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي فإنه قد انتظم سائر القبائح والأفعال والأقوال والضمائر المنهي عنها . والفحشاء قد تكون بما يفعله الإنسان في نفسه مما لا يظهر أمره وهو مما يعظم قبحه ، وقد تكون مما يظهر من الفواحش ، وقد تكون لسوء العقيدة والنحل لأن
العرب تسمي البخيل فاحشا . والمنكر ما يظهر للناس مما يجب إنكاره ، ويكون أيضا في الاعتقادات والضمائر وهو ما تستنكره العقول وتأباه والبغي ما يتطاول به من الظلم لغيره . فكل واحد من هذه الأمور الثلاثة له في نفسه معان خاصة تنفصل بها من غيره .