قوله تعالى :
من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد العاجلة : الدنيا ، كقوله :
كلا بل تحبون العاجلة وتذرون الآخرة أخبر الله تعالى أن
من كان همه مقصورا على طلب الدنيا دون الآخرة عجل له منها ما يريد ، فعلق ما يؤتيه منها بمعنيين :
أحدهما : قوله :
عجلنا له فيها ما نشاء فلذلك استثنى في المعطى ، وذلك يتضمن مقداره وجنسه وإدامته أو قطعه ، ثم أدخل عليه استثناء آخر فقال :
لمن نريد فلذلك استثنى في المعطين وأنه لا يعطى الجميع ممن يسعى للدنيا بل يعطي من شاء منهم ويحرم من شاء ، فأدخل على إرادة العاجلة في إعطاء المريد منها استثناءين لئلا يثق الطالبون للدنيا بأنهم لا محالة سينالون بسعيهم ما يريدون .
ثم قال تعالى :
ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكورا فلم يستثن شيئا بعد وقوع السعي منهم على الوجه المأمور به ، وشرط في السعي للآخرة أن يكون مؤمنا ومريدا لثوابها . قال
محمد [ ص: 19 ] بن عجلان : من لم يكن فيه ثلاث خلال لم يدخل الجنة : نية صحيحة وإيمان صادق وعمل مصيب ، قال : فقلت : عمن هذا ؟ فقال : عن كتاب الله ، قال الله تعالى :
ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فعلق سعي الآخرة في استحقاق الثواب له بأوصاف ولم يستثن في المقصود شيئا ولم يخصص إرادة العاجلة بوصف بل أطلقها واستثنى في العطية والمعطى ما قدمنا .