قوله تعالى :
إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا فيه بيان أن
لله علينا حقا في السمع والبصر والفؤاد والمرء مسؤول عما يفعله بهذه الجوارح من الاستماع بما لا يحل والنظر إلى ما لا يجوز والإرادة لما يقبح .
ومن الناس من يحتج بقوله :
ولا تقف ما ليس لك به علم في نفي القياس في فروع الشريعة وإبطال خبر الواحد لأنهما لا يفضيان بنا إلى العلم والقائل بهما قائل بغير علم . وهذا غلط من قائله وذلك لأن ما قامت دلالة القول به فليس قولا بغير علم
والقياس وأخبار الآحاد قد قامت دلائل موجبة للعلم بصحتهما وإن كنا غير عالمين بصدق المخبر ، وعدم العلم بصدق المخبر غير مانع جواز قبوله ووجوب العمل به ، كما أن شهادة الشاهدين يجب قبولها إذا كان ظاهرهما العدالة وإن لم يقع لنا العلم بصحة مخبرهما ، وكذلك أخبار المعاملات مقبولة عند جميع أهل العلم مع فقد العلم بصحة الخبر . وقوله تعالى :
ولا تقف ما ليس لك به علم غير موجب لرد أخبار الآحاد كما لم يوجب رد الشهادات ، وأما القياس الشرعي فإن ما كان منه من خبر الاجتهاد فكل قائل بشيء من الأقاويل التي يسوغ فيها الاجتهاد فهو قائل بعلم ؛ إذ كان حكم الله عليه ما أداه اجتهاده إليه . ووجه آخر وهو أن العلم على ضربين : علم حقيقي وعلم ظاهر ، والذي تعبدنا به من ذلك هو العلم الظاهر ، ألا ترى إلى قوله تعالى :
فإن علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهن إلى الكفار وإنما هو العلم الظاهر لا معرفة مغيب ضمائرهن وقال إخوة
يوسف :
وما شهدنا إلا بما علمنا وما كنا للغيب حافظين فأخبروا أنهم شهدوا بالعلم الظاهر .