باب الاستثناء في اليمين
الاستثناء في اليمين قال الله تعالى :
ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله قال
nindex.php?page=showalam&ids=11943أبو بكر : هذا الضرب من الاستثناء يدخل لرفع حكم الكلام حتى يكون وجوده وعدمه سواء ، وذلك لأن الله تعالى ندبه إلى الاستثناء بمشيئة الله تعالى لئلا يصير كاذبا بالحلف ، فدل على أن حكمه ما وصفنا . ويدل عليه أيضا قوله عز وجل حاكيا عن
موسى عليه السلام :
ستجدني إن شاء الله صابرا فلم يصبر ولم يك كاذبا لوجود الاستثناء في كلامه ، فدل على أن معناه ما وصفنا من دخوله في الكلام لرفع حكمه فوجب أن لا يختلف حكمه في دخوله على اليمين أو على إيقاع الطلاق أو على العتاق .
وقد روى
أيوب عن
nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=36261من حلف على يمين فقال إن شاء الله فلا حنث عليه وفي بعض الألفاظ فقد استثنى " . قال
nindex.php?page=showalam&ids=11943أبو بكر : ولم يفرق بين شيء من الأيمان ، فهو على جميعها . وعن
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود من قوله مثله . وعن
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء nindex.php?page=showalam&ids=16248وطاوس nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد nindex.php?page=showalam&ids=12354وإبراهيم قالوا : الاستثناء في كل شيء " .
وقد روى
nindex.php?page=showalam&ids=12434إسماعيل بن عياش عن
حميد بن مالك اللخمي عن
nindex.php?page=showalam&ids=17134مكحول عن
nindex.php?page=showalam&ids=32معاذ بن جبل قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=66246إذا قال الرجل لعبده أنت حر إن شاء الله فهو حر ، وإذا قال لامرأته أنت طالق إن شاء الله فليست بطالق . وهذا حديث شاذ واهي السند غير معمول عليه عند أهل العلم .
وقد اختلف أهل العلم بعد اتفاقهم على صحة الاستثناء في
الوقت الذي يصح فيه الاستثناء على ثلاثة أنحاء ، فقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير nindex.php?page=showalam&ids=11873وأبو العالية : " إذا استثنى بعد سنة صح استثناؤه " .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن nindex.php?page=showalam&ids=16248وطاوس : " يجوز الاستثناء ما دام في المجلس " . وقال
إبراهيم nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء nindex.php?page=showalam&ids=14577والشعبي : " لا يصح الاستثناء إلا موصولا بالكلام " . وروي عن
إبراهيم في الرجل يحلف ويستثني في نفسه قال : " لا حتى يجهر بالاستثناء كما جهر بيمينه " ، وهذا محمول عندنا على أنه لا يصدق في القضاء إذا ادعى أنه كان استثنى ولم يسمع منه وقد سمع منه اليمين .
وقال أصحابنا وسائر الفقهاء : " لا يصح الاستثناء إلا موصولا بالكلام " وذلك لأن الاستثناء بمنزلة الشرط والشرط لا يصح ولا يثبت حكمه إلا موصولا بالكلام من غير فصل ، مثل قوله : " أنت طالق إن دخلت الدار " فلو قال : " أنت طالق " ثم قال : " إن دخلت الدار " بعد ما سكت ، لم يوجب ذلك تعلق الطلاق بالدخول ، ولو جاز هذا لجاز أن يقول لامرأته : أنت طالق ثلاثا ، ثم يقول بعد سنة : إن شاء الله ، فيبطل الطلاق ولا تحتاج إلى زوج ثان في إباحتها للأول ، وفي
[ ص: 42 ] تحريم الله تعالى إياها عليه بالطلاق الثلاث إلا بعد زوج دلالة على بطلان الاستثناء بعد السكوت ، ولما صح ذلك في الإيقاع في أنه لا يصح
الاستثناء إلا موصولا بالكلام كان كذلك حكم اليمين . وأيضا قال الله تعالى في شأن
أيوب حين حلف على امرأته أنه إن برأ ضربها ، فأمره الله تعالى أن يأخذ بيده ضغثا ويضرب به ولا يحنث ، ولو صح الاستثناء متراخيا عن اليمين لأمره بالاستثناء فيستغني به عن ضربها بالضغث وغيره .
ويدل عليه قول النبي صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=660123من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها فليأت الذي هو خير وليكفر عن يمينه ، ولو جاز الاستثناء متراخيا عن اليمين لأمره بالاستثناء واستغنى عن الكفارة . وقال صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=674774إني إن شاء الله لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيرا منها إلا أتيت الذي هو خير وكفرت عن يميني ، ولم يقل إلا قلت إن شاء الله .
فإن قيل : روى
قيس عن
nindex.php?page=showalam&ids=16052سماك عن
nindex.php?page=showalam&ids=16584عكرمة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=39832والله لأغزون قريشا والله لأغزون قريشا ثم سكت ساعة فقال : إن شاء الله فقد استثنى بعد السكوت . قيل له رواه
nindex.php?page=showalam&ids=16101شريك عن
nindex.php?page=showalam&ids=16052سماك عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=674781والله لأغزون قريشا ثلاثا ، ثم قال في آخرهن : إن شاء الله فأخبر أنه استثنى في آخرهن ، وذلك يقتضي اتصاله باليمين ، وهو أولى لما ذكرنا . وفي هذا الخبر دلالة أيضا على أنه إذا حلف بأيمان كثيرة ثم استثنى في آخرهن كان الاستثناء راجعا إلى الجميع . واحتج
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ومن تابعه في إجازة
الاستثناء متراخيا عن اليمين بقوله تعالى :
ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله واذكر ربك إذا نسيت فتأولوا قوله :
واذكر ربك إذا نسيت على الاستثناء ، وهذا غير واجب ؛ لأن قوله تعالى :
واذكر ربك إذا نسيت يصح أن يكون كلاما مبتدأ مستقلا بنفسه من غير تضمين له بما قبله ، وغير جائز فيما كان هذا سبيله تضمينه بغيره .
وقد روى
ثابت عن
nindex.php?page=showalam&ids=16584عكرمة في قوله تعالى :
واذكر ربك إذا نسيت قال : " إذا غضبت " فثبت بذلك أنه إنما أراد الأمر بذكر الله تعالى وأن يفزع إليه عند السهو والغفلة ، وقد روي في التفسير أن قوله تعالى :
ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله إنما نزل فيما سألت قريش عن قصة أصحاب الكهف
وذي القرنين ، فقال : " سأخبركم " فأبطأ عنه
جبريل عليهما السلام أياما ، ثم أتاه يخبرهم ، وأمره الله تعالى بعد ذلك بأن لا يطلق القول على فعل يفعله في المستقبل إلا مقرونا بذكر مشيئة الله تعالى . وفي نحو ذلك ما روى
nindex.php?page=showalam&ids=17240هشام بن حسان عن
nindex.php?page=showalam&ids=16972ابن سيرين عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=691020قال سليمان بن داود : والله لأطوفن [ ص: 43 ] الليلة على مائة امرأة فتلد كل امرأة منهن غلاما يضرب بالسيف في سبيل الله ، ولم يقل إن شاء الله ، فلم تلد منهن إلا واحدة ولدت نصف إنسان .