قوله تعالى:
لا إكراه في الدين (256):
قال كثير من المفسرين: هو منسوخ بآية القتال .
وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة، أنها خاصة في أهل الكتاب الذين يقرون على الجزية دون مشركي العرب، فإنهم لا يقرون على الجزية، ولا يقبل منهم إلا الإسلام أو السيف .
وكل ذلك محتمل يجوز أن يكون قد نزل قبل الأمر بالقتال، فلما لاح عنادهم أمر المسلمون بقتالهم..
نعم ، مشركو العرب والعجم، لا يقبل منهم إلا الإسلام أو السيف، وكذلك المرتد..
فإن قال قائل: فما معنى إكراههم على الإسلام، وأن لا يقبل منهم
[ ص: 224 ] الجزية؟ وكيف يتحقق إكراهه على الإسلام، وذلك الإسلام لا ينفعه عند الله تعالى؟ .. وما معنى الحمل على ما لا ينفع؟ .. ولأي معنى فرق بين المشرك والكتابي في هذا المعنى، والعناد الداعي إلى القتال كان في حق أهل الكتاب أشد، وقد وصفهم الله تعالى بأنهم حرفوا وكتموا الحق من بعد علمه، والمشركون كانوا أبعد من ذلك؟ ..
والجواب: أن الكفار أكرهوا على إظهار الإسلام لا على الاعتقاد الذي لا يصح الإكراه عليه.
نعم ، الدليل منصوب على تبديل الباطل بالحق اعتقادا بالقلب وإظهارا باللسان.
لأن تلك الدلائل من حيث ألزمتهم اعتقاد الإسلام اقتضت منهم إظهاره، والقتال لإظهار الإسلام، وكانت الحكمة في ذلك أن مجالسته المسلمين، وسماعه للقرآن، ومشاهدته لدلائل الرسول عليه السلام مع ترادفها عليه تدعوه إلى الإسلام، وتوضح عنده فساد اعتقاده.
والحكمة الثانية: أن في نسلهم من يعتقد التوحيد، فلم يجز أن يقتلوا مع العلم بأنه سيكون من أولادهم من يعتقد الإسلام والإيمان.
ولما أعلم الله تعالى نوحا أن قومه لا يلدون إلا فاجرا كفارا، لا جرم دعا عليهم بالهلاك والاستئصال.
ويجوز أن يكون اختلاف أحوال أهل الشرك، وأهل الكتاب في ذلك، أن الكتابي إذا خالطنا، ورأى توافق ما بين الشرائع، وصدق الإعلام والآيات، كان ذلك أدعى إلى إيمانه، فإن كتب الله يصدق
[ ص: 225 ] بعضها بعضا، فهذا هو السبب في الفرق بين الكتابي والمشرك، لا جرم إذا قبل الجزية، فلا يجوز إكراهه على الإسلام، وإذا أكره عليه لم يصح إسلامه، خلافا
nindex.php?page=showalam&ids=11990لأبي حنيفة فإنه حكم بإسلامه مع أن الردة لا يثبت حكمها حالة الإكراه.