قوله تعالى:
وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله (284):
ظن قوم أنها منسوخة بقوله:
لا يكلف الله نفسا إلا وسعها (286).
[ ص: 271 ] وقال آخرون: لا يجوز تقدير نسخها لأنه خبر ولا ينسخ الخبر، وهذا بعيد.
فإن قوله:
يحاسبكم به الله، يحتمل أن يكون معناه: إن شاء أن يحاسبكم، إذا لم ينسخ، فيكون في قوله يحاسبكم إضمار وتقييد.
وقد قيل لا يجوز أن يكون ناسخه قوله
لا يكلف الله نفسا إلا وسعها، فإن ذلك واجب لا يجوز ورود الشرع بخلافه، وهذا على قول من لا يجوز تكليفه ما لا يطاق، على أن قوله:
لا يكلف الله نفسا إلا وسعها، يمنع تكليف ما لا يطاق، فإن قوله:
وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه ليس نصا فيما لا يطاق، بل هو في أعمال القلب: مثل الشك، أو النفاق، وكتمان الشهادة، وكتمان الحقوق، وقد قال الله تعالى في موضع آخر:
ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم وقال تعالى: إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا . الآية..
وقال تعالى:
في قلوبهم مرض - أي شك- نعم ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:
nindex.php?page=hadith&LINKID=657189 "إن الله عفا لأمتي ما حدثت به أنفسها ما لم يتكلموا أو يعملوا به" .
وقد حمله العلماء على ما يلزمه من الأحكام مثل الطلاق، والعتاق،
[ ص: 272 ] والبيع، التي لا يلزمه حكمها ما لم يتكلم به، والذي ذكره في الآية، فيما يؤاخذ العبد به بينه وبين الله تعالى في الآخرة.