قوله تعالى:
والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من [ ص: 29 ] قبلكم : يدل على جواز
نكاح الكتابيات، وقوله:
ولا تنكحوا المشركات يمنع
نكاح النصارى، فإذا لم يكن بد من إعمالها صار
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي إلى تحريم الأمة الكتابية، أخذا من قوله تعالى:
ولا تنكحوا المشركات ، وأباح نكاح الحرة الكتابية بقوله:
والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم .
والجمع بينهما أولى من تعطيل أحدهما. وقد منع مانعون من
نكاح الكافرات، كتابيات كن أو مجوسيات، وحملوا قوله:
والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم المراد به: أنهن كن كتابيات ثم أسلمن. كما قال الله تعالى في آية أخرى:
وإن من أهل الكتاب لمن يؤمن بالله وما أنزل إليكم وما أنزل إليهم . وقوله تعالى:
ليسوا سواء من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله آناء الليل . الآية.
والمراد به: من كان من أهل الكتاب وأسلم . وقوله:
والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم فالمراد به: من كان من أهل الكتاب وأسلم. وهذا بعيد، فإنه تعالى قال:
[ ص: 30 ] والمحصنات من المؤمنات .
وذلك يشتمل على جميع المؤمنات، فلا يجوز أن يعطف بعده المؤمنة على المؤمنة ويكون إسقاط فائدة ذكر المؤمنة.
والذي يحرم نكاح الحرة الكتابية يعتصم بقوله تعالى:
ولا تمسكوا بعصم الكوافر ، وذلك محمول عند مخالفهم على الحربية إذا خرج زوجها مسلما، والحربي وتخرج امرأته مسلمة، ويدل عليه قوله:
واسألوا ما أنفقتم الآية.
وحكي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أنه لم يجوز نكاح الكتابيات إذا كن حربيات، لقوله تعالى:
قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله الآية. وقال:
لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله . والنكاح يوجب المودة لقوله تعالى:
خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة .
ويجوز أن يكون ذلك عند مخالفتهم، على معنى التشدد عليهم فيما
[ ص: 31 ] أوجبه الدين، وإلا فيجوز شراء الأشياء وبيعها منه، وإن كانت الهبة سبب المودة.