قوله تعالى:
وأيديكم إلى المرافق :
اعلم أن بعض علمائنا قال: قوله: "إلى المرافق" إنما لم يقتض إخراج المرافق، ووجب إدخالها في الغسل، لأن اسم اليد يتناول جميع اليد إلى المنكب، كما أن الرجل اسم لجميع العضو إلى الأفخاذ، فقوله: "إلى المرافق" لبيان إسقاط معنى الواجب فيما يتناوله اسم اليد، وهذا يلزم منه وجوب التيمم إلى المنكبين، لأنه ليس فيه تحديد. ويجاب عنه بأن الظاهر يقتضي ذلك، ولذلك تيمم عمار إلى المناكب وقال: تيممنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المناكب، وكان ذلك لعموم قوله تعالى:
فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه ، ولم ينكره عليه أحد من أهل اللغة، وكان عنده أن الاسم للعضو إلى المنكب، ويلزم من مساق هذا أن من غسل يديه إلى الكوع، ثم قال: غسلت يدي، أن يكون هذا اللفظ مجازا فيه، لأنه لم يغسل اليد وإنما غسل بعضه، وكذلك إذا قال: قطعت يد فلان، ألا يكون حقيقة إذا قطع من الكوع، كما لا يكون حقيقة إذا قطع الأصابع وحدها، وأن مثل ذلك بشع شنع.
[ ص: 38 ] ويجاب عنه: بأن اليد والرجل حقيقتهما تمام العضو إلى حيث قلنا: فالمرفق من اليد، والركبة من الرجل .
وهم يقولون: اليد هي التي يقع البطش بها في الأصل، وهي التي خلقت للبطش، وما عداها الآلة الباطشة تتمة لها، والرجل هي التي أعدت للمشي، وما عداها من تتمة هذا المقصود، وهذا مما يختلف القول فيه، ولا ينتهي إلى حد الوضوح، والمعتمد فيه
nindex.php?page=hadith&LINKID=910112أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ مرة وقال: هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة إلا به. ومتى كانت كلمة إلى مترددة بين إبانة الغاية وبين ضم الغاية إليه وجب الرجوع فيها إلى بيان رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفعل رسول الله بيان. فإذا أدخل المرفقين والكعبين في الغسل ظهر أنه بيان ما أجمله كتاب الله تعالى.
وهذا يرد عليه أن هذا إذا ظهر من رسول الله صلى الله عليه وسلم بيان الواجب، فأما إذا أتى بالسنة والفرض في وضوئه، فلا يظهر منه ما ذكره الأولون. وبالجملة، القول متقاوم، والاحتياط للوضوء يقتضي الأخذ بالأتم والحدث يقين، فلا يزول إلا بيقين..