قوله تعالى:
لئن بسطت إلي يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك : قد قيل: معناه: لئن بدأتني بقتل لم أبدأك به، لا أنه يدفعه عن نفسه إذا قصد قتله. وقد قيل: إنه قتله غيلة، بأن ألقى عليه صخرة وهو نائم فشدخه بها.
وقيل: إنه كان من مذهبهم أن من أراد قتل غيره لم يكن للمقصود دفعه ولا قتله، بل يتركه ولا يدفعه، وذلك مما يجوز ورود التعبدية، إلا أن في شرعنا يجوز له دفعه إجماعا. وفي وجوب ذلك عليه خلاف، فالأصح وجوب ذلك لما فيه من النهي عن المنكر، وفي الحشوية قوم لا يجوزون للمصول عليه للدفع، وتأولوا عليه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم
nindex.php?page=showalam&ids=1584لأبي ذر :
nindex.php?page=hadith&LINKID=675640 "كيف بك يا nindex.php?page=showalam&ids=1584أبا ذر إذا كان في المدينة قتل؟ فقال: ألبس سلاحي، فقال: شاركت القوم إذا، قال: فقلت: كيف أصنع؟ فقال: إن خشيت أن يبهرك شعاع السيف فألق ناحية ثوبك على وجهك لئلا تبوء بإثمه وإثمك" . والمراد بهذا الحديث عند المتأملين: ترك
القتال في الفتنة وكف اليد عند الشبهة، فأما قتل من استحق القتل فمعلوم أن الشرع لم يرده بذلك.
[ ص: 62 ] وبالجملة لو جاز الإمساك عنه حتى يقتل من أراد قتله، لوجب مثله في المحظورات كلها، فيكون في ذلك ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واستيلاء الفساق والظلمة. والذي يخالف ذلك يقول: ذلك إذا كان الأمر بالمعروف غير مؤد إلى قتل وشهر سلاح، فأما إذا كان يؤدي إلى ذلك فلا، ويفوض المقتول أمره إلى الله عز وجل إذا كان يعلم أنه لو كان وجه دفعه بأسهل شيء من غير أن يخشى على نفسه فلا يجوز، فأما إذا كان الأمر على الخطر واحتمال أن يقتلا جميعا، فهو موضع الاحتمال وترديد القول.