[ ص: 328 ] [ ص: 329 ] بسم الله الرحمن الرحيم
سورة الفرقان
قوله تعالى :
وأنزلنا من السماء ماء طهورا ، الآية \ 48.
قال قائلون : وصف الماء بأنه طهور، يفيد أنه يصلح للتطهير، وأنه يقع به هذا الحكم، كقولهم فطور وسحور إذا صلح لذلك.
وقال آخرون : إنه يفيد المبالغة في التطهير، والمعنى بين.
ولا اختلاف أن للماء هذا الحكم، إذا كان على خلقته وهو ينزل من السماء، فما دام على نعت المنزل من السماء وفي قرار الأرض، فهو طهور ومطلق.
وإذا خالفه غيره، انقسم المخالط أقساما : فمنه ما يكون نجسا، ومنه ما يكون طاهرا.
وإذا كان المخالط نجسا، فمالك لا يحكم بنجاسة الماء، ويبقيه على حكم وصفه الأصلي.
nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة يقول : ما دام يتوهم خلوص النجاسة إلى الماء الذي يغترف منه، فلا يجوز التوضؤ به.
[ ص: 330 ] nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي يقول : يعول على القلتين، وبعد ذلك لا يؤخذ من الظاهر، وإنما يؤخذ من المعنى. . وبعضه مأخوذ من الظاهر.
والماء المستعمل مختلف فيه بين العلماء، فالظاهر يقتضي جواز التوضؤ به، والقليل من النجاسة لا يمنع من إطلاق اسم الماء عليه لغة، ولكن امتناع التوضؤ به لدليل آخر.
ومتى قيل : فالماء إذا جعل طهورا، فهو يطهر ماذا؟
قيل : إنه يطهر على وجهين : أحدهما : طهارة الأحداث.
والثانية : الجنب.
فأما طهارة الحدث، فصريان غسل ووضوء، ولكل واحد منهما سبب، فسبب الغسل الجنابة والحيض والنفاس، ويتبع الجنابة التقاء الختانين وإن لم ينزل.
وأسباب الوضوء مستقصاة في كتب الفقه مع ما فيها من اختلاف العلماء.
واختلف الناس في الماء، هل خص بالتطهير في الأنجاس كلها؟
فمنهم من قال ذلك.
ومنهم من قال غير قوله. . وشرح ذلك في كتب الفقه.
والذي يجوز إزالة النجاسة بغير الماء، ليس يجوزه بطريق القياس على الماء فقط، فإن من الممكن أن يقال إن التعبد بإزالة النجاسة، فإن لم تكن
[ ص: 331 ] نجاسة زال محل التعبد، ولأجل ذلك صار داود مع نفي القياس إلى إزالة النجاسة بغير الماء، لا قياسا لغير على الماء، لكن لزوال محل التعبد، فهذا تمام هذا الفن.