قوله تعالى:
يسألونك عن الخمر والميسر الآية (219)...
فأما تحريم الخمر، فيمكن أن يوجد من هذا، لأن قوله عز وجل:
[ ص: 125 ] وإثمهما أكبر من نفعهما ، يدل على المفسدة في شربها، وأن ما فيها من المنفعة لا يقاوم بالمفسدة.
ويمكن أن يقال: إن المفسدة في السكر، وليس في ذلك بيان تحريم القليل الذي لا يسكر.
ويمكن أن يقال: لا، بل في شرب الخمر مفسدة عظيمة، لإفضاء قليل الشرب إلى كثيره، وذلك يحتمل أيضا وليس بنص.
وأما الميسر فهو في اللغة من التجزئة، وكل ما جزأته ففد يسرته، ويقال للجازئ ياسر لأنه يجزر الجزور، والميسر: الجزور نفسه إذا جزئ، وكانوا ينحرون جزورا، ويجعلونه أقساما، يتقامرون عليها بالقداح على عادتهم في ذلك، فكل من خرج له قدح، نظر إلى ما عليه من التسمية، فيحكمون له بما يقتضيه من أسماء القداح، فسمي على هذا سائر ضروب القمار ميسرا.
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس: "الميسر: القمار".
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء: "حتى لعب الصبيان بالكعاب والجوز" .
وكانت المخاطرة في أول الإسلام مباحة، حتى خاطر
nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر المشركين، حتى نزلت:
الم، غلبت الروم . فقال النبي صلى الله عليه وسلم:
"زد في المخاطرة وامدد في الأجل" ، ثم حظر ذلك
[ ص: 126 ] ونسخ بتحريم القمار، وحرم القمار مطلقا، إلا ما رخص فيه من الرهان في السبق في الدواب والإبل والنصال ، واستثنى ذلك لأن فيه رياضة للخيل وتدريبا لها على الركض، وفيها قوة واستظهار على العدو، وقال تعالى:
وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل يقتضي
جواز السبق بها، لما فيه من القوة على العدو، وكذلك الرمي.
وظاهر
تحريم الميسر -وهو القمار- يمنع مخاطرة يتوهم فيها إخفاق البعض وإنجاح البعض، وهو معنى القمار بعينه ، وظاهره يمنع القرعة في العبيد، يعتقهم المريض ثم يموت، لما فيه من القمار في إنجاح البعض وإخفاق البعض، لولا ما فيه من الخبر الصحيح، الذي خص هذا العموم لأجله..