ولما كان ذلك من الوفاء بحق الربوبية والقيام بحق العبودية مقتضيا للصلاح أمر بإدامته بالنهي عن ضده في قوله :
ولا تفسدوا أي : لا تدفعوا فسادا
في الأرض أي : بالشرك والظلم ، فهو منع من
[ ص: 420 ] إيقاع ماهية الإفساد في الوجود ، وذلك يقتضي المنع من جميع أنواعه فيتناول
الكليات الخمس التي اتفقت عليها الملل ، وهي الأديان والأبدان والعقول والأنساب والأموال
بعد إصلاحها والظاهر أن الإضافة بمعنى اللام وهي إضافة في المفعول ، أي : لا تدنسوها بفساد بعد أن أصلحها لكم خلقا بما سوى فيها من المنافع المشار إليها بقوله
يغشي الليل النهار الدال على الوحدانية الداعي إلى الحق إقامة للأبدان ، وأمر بما أنزل من كتبه على ألسنة رسله - عليهم الصلاة والسلام - إقامة للأديان فجمع إلى الإيجاد الأول الإبقاء الأول .
ولما كان ذلك ربما اقتضى الاقتصار بكمال التذلل على مقام الخوف - نفى ذلك بقوله
وادعوه خوفا أي : من عدله; ولما كان لا سبب للعباد من أنفسهم في الوصول إليه - سبحانه - عبر بالطمع فقال :
وطمعا أي : في فضله ، فإن من جمع بين الخوف والرجاء كان في مقام الإحسان وكأنه مشاهد للرحمن ، ما زجره زاجر الجلال بسياط سطوته إلا دعاه داعي الجمال إلى بساط رأفته ، ومن حاز مقام الإحسان كان أهلا للرحمة
إن رحمت الله أي : إكرام ذي الجلال والإكرام لمن يدعوه على هذه الصفة ، وفخمها بالتذكير لإضافتها إلى غير مؤنث فيما قال
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه ، فقال :
قريب وكان الأصل منكم ، ولكنه أظهر تعميما وتعليقا للحكم بالوصف فقال :
من المحسنين