ولما قذفوه بضلال مقيد بالوضوح ، نفى الضلال المطلق الذي هو الأعم ، وبنفيه ينتفي كل أخصياته بل نفى أقل شيء من الضلال ، فقال
[ ص: 429 ] تعالى مخبرا عنه
قال يا قوم مجددا لاستعطافهم
ليس بي ضلالة فنفى وحدة غير معينة ، ولا يصدق ذلك إلا بنفي لكل فرد ، فهو أنص من نفي المصدر ، ولم يصف الملأ من قومه هنا بالذين كفروا ووصفهم بذلك في سورة (
هود ) ، إما لأنها صفة ذم لم يقصد بها التقييد فلا يختل المعنى بإثباتها ولا نفيها ، أو لأنهم أجابوه بذلك مرتين : إحداهما قبل أن يسلم أحد من أشرافهم ، والثانية بعد أن أسلم بعضهم .
ولما نفى ما رموه به على هذا الوجه البليغ ، أثبت له ضده بأشرف ما يكون من صفات الخلق ، فقال مستدركا - بعد نفي الضلال - إثبات ملزوم ضده :
ولكني رسول أي : إليكم بما أمرتكم به فأنا على أقوم طريق
من رب العالمين أي : المحسن إليهم بإرسال الرسل لهدايتهم بإنقاذهم من الضلال ، فرد الأمر عليهم بألطف إشارة.