[ ص: 440 ] ولما كان هذا منه موجبا ولا بد لكل سامع منصف من المبادرة إلى الإذعان لهذه الحجة القطعية ، وهي استحقاقه للافراد بالعبادة للتفرد بالإنعام ، ازداد تشوف المخاطب إلى جوابهم ، فأجيب بقوله :
قالوا منكرين عليه معتمدين على محض التقليد
أجئتنا أي : من عند من ادعيت أنك رسوله
لنعبد الله أي : الملك الأعظم
وحده ولما كان هذا منهم في غاية العجب المستحق للإنكار ، أتبعوه ما هو كالعلة لإنكارهم عليه ما دعاهم إليه ، فقالوا :
ونذر أي : نترك على غير صفة حسنة
ما كان يعبد آباؤنا أي : مواظبين على عبادته بما دلوا عليه بـ (كان) وصيغة المضارع - مع الإشارة بها إلى تصوير آبائهم في حالهم ذلك - ليحسن - في زعمهم - إنكار مخالفتهم لهم .
ولما كان معنى هذا الإنكار أنا لا نعطيك ، وكان قد لوح لهم بالتذكر بقوم
نوح وقوله :
أفلا تتقون إلى الأخذ إن أصروا ، سببوا عن ذلك قولهم :
فأتنا أي : عاجلا
بما تعدنا أي : من العذاب بما لوح إليه إيماؤهم إلى التكذيب بقولهم :
إن كنت من الصادقين وتسميتهم للنذار بالعذاب وعدا من باب الاستهزاء .