ولما أتم - سبحانه - ما أراد من قصة عاد ، أتبعهم ثمود فقال
[ ص: 444 ] وإلى ثمود أي : خاصة ، منع من الصرف لأن المراد به القبيلة ، وهو مشتق من الثمد وهو الماء القليل ، وكانت مساكنهم
الحجر بين
الحجاز والشام إلى
وادي القرى ، أرسلنا
أخاهم صالحا ثم استأنف الإخبار عن قوله - كما مضى في
هود - عليه السلام - فقال :
قال يا قوم مستعطفا لهم بالتذكير بالقرابة وعاطف النسابة
اعبدوا الله أي : الذي لا كمال إلا له
ما لكم وأكد النفي بقوله :
من إله غيره
ولما دل على صدقه في ذلك أنهم دعوا أوثانهم فلم تجبهم ، ودعا هو - صلى الله عليه وسلم - ربه - سبحانه - فأخرج لهم الناقة - علل صحة ما دعا إليه بقوله :
قد جاءتكم بينة أي : آية ظاهرة جدا على صدقي في ادعاء رسالتي وصحة ما أمرتكم به ، وزادهم رغبة بقوله :
من ربكم أي : الذي لم يزل محسنا إليكم; ثم استأنف بيانها بقوله :
هذه مشيرا إليها بعد تكوينها تحقيقا لها وتعظيما لشأنها وشأنه في عظيم خلقها وسرعة تكوينها لأجله .
ولما أشار إليها ، سماها فقال :
ناقة الله شرفها بالإضافة إلى الاسم الأعظم ، ودل على تخصيصها بهم بقوله :
لكم حال كونها
آية أي : لمن شاهدها ولمن سمع بها وصح عنده أمرها; ثم سبب عن ذلك قوله :
فذروها أي : اتركوها ولو على أدنى وجوه الترك
تأكل أي : من النبات و
في أرض الله أي : مما أنبت الله الذي له كل شيء
[ ص: 445 ] وهي ناقته كما أن الأرض كلها مطلقا أرضه والنبات رزقه ، ولذلك أظهر لئلا يختص أكلها بأرض دون أخرى .
ولما أمرهم بتركها لذلك ، أكد الأمر بنهيهم عن أذاها فقال :
ولا تمسوها بسوء فضلا عما بعد المس
فيأخذكم أي : أخذ قهر بسبب ذلك المس وعقبه
عذاب أليم أي : مؤلم .